أين كان أعضاء مجالس إدارات المصارف الفاشلة؟

أين كان أعضاء مجالس إدارات المصارف الفاشلة؟

أين كان المنظمون؟ هذا السؤال مشروع بعد فشل عديد من البنوك الخاضعة ظاهريا للإشراف، وهو سؤال بدأ صانعو السياسات في طرحه، بينما يشرعون مرة أخرى في مسعى لجعل النظام المالي أقل عرضة للأزمات.
مع ذلك، هناك سؤال ملح بالقدر نفسه يستحق الإجابة، أين كان أعضاء مجالس الإدارة؟ يشير انهيار كل من بنك وادي السيليكون وبنك سيجنتشر وبنك سيلفرجيت في الولايات المتحدة، الذي تبعه بيع بنك كريدي سويس قسرا، إلى وجود ثغرات خطيرة في الرقابة ليس فقط من جانب الجهات التنظيمية لكن على مستوى مجلس الإدارة.
حتى الآن، لم يتم سوى نقاش سطحي حول الحوكمة في هذه البنوك. انهيار بنك وادي السيليكون في كاليفورنيا على وجه الخصوص، أدى إلى هجمات على سجله الخاص بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، تتسم بالابتهاج من قبل حاكم فلوريدا، رون ديسانتيس، وآخرين من اليمين في السياسة الأمريكية، حول أولويات قادة البنك التي يزعم أنها كانت في غير محلها.
أيا كان رأيك في محاولات إلقاء اللوم في التدافع لسحب الودائع، فقد غابت عنها مشكلة أكبر تهم المؤمنين بالاستثمار وفقا للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة تتعلق بالثلث الأخير من هذه المعايير: الحوكمة.
بلغة مبسطة، تريليونات الدولارات التي تم الالتزام بها لصناديق الاستثمار الملتزمة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، على أساس أن الحوكمة تمثل ثلث التفويض، لم تجعل إخفاق مجالس الإدارات الواضح في مهامها الإشرافية أقل، والمشكلة لا تقتصر على البنوك.
شيفارام راججوبال، الأستاذ في كلية كولومبيا للأعمال أشار أخيرا إلى أن عدم نجاح حوكمة الشركات يعني بالضرورة عدم نجاح أي شيء آخر على المدى الطويل. مع ذلك، لاحظ راججوبال أن قلة من الناس هم من يقدرون قيمة الحوكمة عندما تتضاعف أسعار الأسهم كل عام، مضيفا "إنهم يقدرون الحوكمة عندما تصبح الأمور جحيما".
أما وقد سارت الأمور الآن في ذلك الاتجاه، فيمكننا أن نسأل بعد فوات الأوان عن الإنذارات التحذيرية بشأن الحوكمة التي كان يجب على المستثمرين رصدها بصورة استباقية.
هل كان على المستثمرين أن يشعروا بالقلق لأن واحدا فقط من أعضاء الإدارة المستقلين في بنك وادي السيليكون كان يتمتع بخبرة مصرفية حقيقية، مثلا، لكنه لم يكن عضوا في لجنة المخاطر التابعة للبنك. "وهو العضو الذي جلب خبرة معمقة في صناعة الخمائر".
أما في بنك سيجنتشر، الذي منح إيفانكا ترمب مقعدا في مجلس الإدارة ذات مرة، كانت لجنة المخاطر تفتقر كذلك إلى المصرفيين، باستثناء مؤسسي البنك والمدير التنفيذي للعمليات. فيما وظف بنك سيلفرجيت ثلاثة من أقارب رئيسه التنفيذي، بمن فيهم صهره الذي شغل منصب رئيس قسم المخاطر، وهو ما لا يعد سبيلا للتدقيق المستقل.
أم هل ينبغي للمساهمين الذين يدعون أنهم يهتمون بالربط بين الأجور والأداء أن يسألوا لماذا حصل جريج بيكر الرئيس التنفيذي لبنك وادي السيليكون، على مكافأة من سبعة أرقام العام الماضي، يعود جزئيا إلى تعيينه رئيسا جديدا للجنة المخاطر، ويبدو أن أعضاء مجلس الإدارة لم يخصموا أي شيء في الأشهر التي ظل فيها هذا المنصب الحيوي شاغرا؟
لقد كان الجمع بين الحوافز التي في غير مكانها، التي يحصل عليها المديرون التنفيذيون، وبين نقص أعضاء مجلس الإدارة المستقلين من ذوي الخبرة، للحكم على تلك المخاطر، سمة متكررة لكوارث الشركات، بدءا من الأزمة المالية الأخيرة وحتى حوادث تحطم طائرة بوينج ماكس-737. يجب أن يحفز ذلك نقاشا أعمق حول ما يجب القيام به من أشياء أخرى لكسر هذا النمط.
عديد من أعضاء الصناعة سيرفضون فكرة الحاجة إلى مزيد من التنظيم لجعل الخدمات المصرفية أكثر أمانا. لكن إذا كان البديل هو التنظيم الذاتي الذي من المفترض أن توفره الحوكمة الجيدة للشركات، فسيكون على البنوك أن تظهر أنها تأخذ الأمر على محمل الجد.
حتى بعيدا عن الأعمال المصرفية، يجب على المستثمرين استغلال هذه اللحظة للانسحاب من الحروب الثقافية المتعلقة بحوكمة الشركات، وأن يسألوا أنفسهم لماذا لم يمنحنا عصر الاستثمار وفق المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة شركات خاضعة لحوكمة أفضل؟

الأكثر قراءة