أيندهوفن .. موطن آلات صناعة الرقائق الأكثر تقدما في العالم
جهود واشنطن لمنع وصول الصين إلى التكنولوجيا المتطورة متركزة في مكانين فقط خارج الولايات المتحدة، طوكيو وأيندهوفن.
المدينة الهولندية الصغيرة المنخفضة التي تم طمس قلبها التاريخي خلال الحرب العالمية الثانية، موطن لشركة إيه إس إم إل التي تنتج آلات صناعة رقائق السيليكون الأكثر تقدما في العالم. هذه الآلات تصنع أشباه الموصلات المستخدمة في كل شيء، من الهواتف الذكية إلى الصواريخ.
لقد اجتذب قطاع التكنولوجيا في أيندهوفن مفوضي الاتحاد الأوروبي الذين يقومون بزيارات روتينية في محاولة لفهم كيف تحول مكان تضرر جراء التراجع الصناعي في أوائل تسعينيات القرن الماضي إلى اقتصاد إقليمي سريع النمو، يتوسع بنسبة 8 في المائة سنويا. تسجل شركات هذه المدينة وأكاديميوها نحو 500 براءة اختراع لكل مائة ألف نسمة سنويا، وهذا واحد من أعلى المعدلات في العالم. ويتم في هذه المدينة إنفاق ربع أموال القطاع الخاص الهولندي المخصصة للبحث والتطوير، أي ثلاثة مليارات يورو سنويا.
يأتي جزء كبير من هذا من شركة إيه إس إم إل، وهي شركة أشباه الموصلات الأكثر قيمة في أوروبا، قيمتها السوقية 250 مليار يورو. شركة سيجنيفاي، وهي قسم الإضاءة السابق في فيليبس، وشركة إن إكس بي لصناعة الرقائق، وشركة داف لصناعة الشاحنات هي أيضا شركات ابتكارية مقرها أيندهوفن.
جوس بينشوب، نائب الرئيس الأول للتكنولوجيا في "إيه إس إم إل"، أشار إلى أن أيندهوفن كانت عاملا حيويا لنمو الشركة بسبب خبرتها التي تبلغ قرنا في التصنيع التكنولوجي المتقدم. قال في مقابلة في حرم مبنى "إيه إس إم إل" المتنامي في طرف المدينة "لدينا كثير من الشراكات هنا. نعمل على مستوى العالم، لكن القرب من الناس هنا مهم جدا".
لم يكن من الممكن، كما قال، بناء آلات الطباعة الضوئية الفريدة من نوعها بالأشعة فوق البنفسجية بدون شركة في دي إل VDL المحلية، وهي شركة ذات ملكية عائلية تركز على حل التحديات الهندسية المعقدة.
"الاختراع سهل جدا. لكن من الصعب تحويله إلى شيء يمكنك صنعه بالفعل". تبلغ قيمة الآلات الأكثر تقدما نحو 170 مليون دولار لكل منها، ومنذ عام 2019 حظرت الحكومة الهولندية تصديرها إلى الصين.
اتفقت لاهاي الآن مع الولايات المتحدة على تقييد تصدير بعض الآلات الأقل تقدما، لكنها لم تكشف عن التفاصيل بعد. ولا تزال لدى الشركة طلبات متراكمة قيمتها 40 مليار يورو، وهي توظف نحو 250 شخصا شهريا في المدينة وتوسع مصنعها لتلبية الطلب.
قال بول فان نونين، مدير وكالة برينبورت ديفيلوبمنت للتنمية الإقليمية، "إن قصة تحول أيندهوفن كانت شبيهة بقصة شركة ناشئة ثورية بدأت فقط بطاولة مطبخ، وسقائف حدائق، ومخترعين انفصلوا عن الشركات التي كانوا يعملون فيها".
لكن لديها مكونان هولنديان فريدان، النموذج الأكثر بروزا للحكومة، الذي يجمع السياسيين والشركات والنقابات معا لإيجاد حلول مشتركة "نموذج البولدر"، وشركة فيليبس، مجموعة الإلكترونيات العملاقة التي بدأت صنع المصابيح الكهربائية في أيندهوفن عام 1891.
مكتب فان نونين، في مبنى أبحاث فيليبس السابق، يطل على ساحة بدأت فيها شركة إيه إس إم إل بوصفها مشروعا مشتركا مع "إيه إس إم آي" في كوخ هناك عام 1984، "إيه إس إم آي" شركة محلية أخرى لتصنيع آلات الرقائق.
بحلول أوائل التسعينيات كان أصحاب العمل الكبار، مثل فيليبس ودي إيه إف، يغلقون المصانع في وجه المنافسة الرخيصة من آسيا. راين ويلشين عمدة المدينة، دعا رئيس رابطة أصحاب العمل المحلية والجامعة التقنية وقادة الشركات إلى منزله وتوصلوا إلى خطة للمقاومة.
عندما نقلت شركة فيليبس مقرها الرئيس إلى أمستردام في عام 2001، عمل القطاعان العام والخاص معا لإعادة تشغيل المختبرات واحتفظا بالموظفين.
قال فان نونين "لقد حصلت أيندهوفن على صفقة أفضل من هذه الخطوة. فعندما كنت صغيرا، كانت هذه المنطقة كاملة منطقة محظورة، فقط موظفو فيليبس كان يمكنهم الدخول. الآن أصبحت مكانا للتعاون".
قاعدة أبحاث أخرى لشركة فيليبس أصبحت حرما لشركات التكنولوجيا المتقدمة، وموطنا لأكثر من 260 شركة، من ضمنها توم توم وسيمنز وهواوي، صندوق الاستثمار الأمريكي أوكتري اشترى المجمع في آب (أغسطس) 2021.
تعمل الشركات هناك على تطوير الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية والضوئيات، شرائح دقيقة تعمل بالضوء بدلا من الكهرباء.
قال يوهان فينسترا، الرئيس التنفيذي لشركة سمارت فوتونكس "هذا هو أذكى كيلو متر مربع في العالم". استفاد فينسترا من غرف "فيليبس" النظيفة القديمة لإنشاء خط إنتاج لرقائق الضوء، التي يمكنها تقليل استخدام الطاقة من قبل مراكز البيانات، كما يمكن نشرها في المناطق النائية.
لقد جمعت "سمارت فوتونكس" 38 مليون يورو من مستثمرين هولنديين، وهي توظف الآن نحو 150 شخصا من 30 بلدا.
تعد جامعة أيندهوفن للتكنولوجيا أحد مصادر الموظفين. قال روبرت-يان سميتس، رئيس مجلس الإدارة، "إن المؤسسة تؤمن بفعالية إشراك الطلاب في المشاريع العملية، مثل أطول جسر في العالم بالطباعة الثلاثية، في نيميجن".
قال سميتس "أيندهوفن فريدة من نوعها. فأنا والرؤساء التنفيذيون والسياسيون، كثيرا ما نلتقي. وعلى دراجتي يمكنني الوصول إلى إيه إس إم إل، وفيليبس، وإن إكس بي في وقت قصير جدا".
"نحن موجودون من أجل المنطقة ومعها ومنها. مهمتنا ليست جعل شركة إيه إس إم إل أكبر. بل إنشاء مزيد من أشباهها".
تتوقع المنطقة إيجاد 70 ألف فرصة عمل في العقد المقبل وتطلب أموالا حكومية لمضاعفة حجم الجامعة وزيادة التدريب على المهارات العملية وبناء المنازل.