السوق تباغت مديري صناديق التحوط .. راهنوا ضد أصول مرغوبة
التحركات الحادة في سوق سندات الحكومة الأمريكية وفي أسهم البنوك، مدفوعة بحالات إفلاس في القطاع المصرفي الإقليمي الأمريكي وسقوط "كريدي سويس"، ألحقت خسائر بعدد كبير من صناديق التحوط في الأسابيع الأخيرة.
أتم عديد من المديرين صفقات فيما بدا واضحا آنذاك، بناء على الاعتقاد العقلاني تماما، أن أسعار الفائدة سترتفع لمكافحة التضخم المرتفع المستعصي. لسوء الحظ، هذا كان يعني أيضا أن هذه الصفقات أصبحت متركزة، وبالتالي تمثل خطرا إذا هرعت جميع الصناديق إلى باب الخروج.
كانت الرهانات الأكثر إيلاما هي الرهانات التشاؤمية التي تتخذها الصناديق الكلية والصناديق القائمة على خوارزميات الحاسوب ضد السندات الحكومية. كان عدد من المديرين قد حقق ثروة العام الماضي بتمسكهم بعمليات البيع الكثيفة الضخمة في السندات، ولم يروا سببا يذكر لتغيير وجهة نظرهم.
لكن عندما جعل انهيار بنك سيليكون فالي المستثمرين يهرعون إلى الملاذ الآمن، المتمثل في السندات الحكومية، وجعل عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عامين يتراجع بأسرع وتيرة منذ 1987، وجدت الصناديق نفسها فجأة في المركز الخاطئ تماما، تراهن ضد أصل يريده المستثمرون بشدة. لم ينجم عن تهافت المديرين لتصفية مراكزهم إلا تفاقم حركة السعر.
من بين الصناديق التي تضررت بشدة صندوق حيدر كابيتال، المملوك لشركة سعيد حيدر، الذي حقق أداء متميزا العام الماضي عندما أسهمت رهاناته على السندات في تحقيق عائد يقارب 200 في المائة. لكنه خسر 32 في المائة منذ بداية آذار (مارس) إلى منتصفه، وفقا لمطلعين على البيانات. قال أحدهم "إن هذا رفع خسائر هذا العام إلى 44 في المائة".
كذلك وقع صندوق روكوس كابيتال، التابع لشركة كريس روكوس، التي حققت أكثر من 50 في المائة العام الماضي، في مأزق: أثارت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية مخاوف بعد أن أجرى الصندوق طلبات تغطية الهامش لجمع أموال إضافية، على الرغم من أن الأطراف المقابلة التي تواصلت معها "فاينانشيال تايمز" قالت "إنها ليست قلقة إزاء قدرة الصندوق على تلبية مثل هذه الطلبات".
تضررت صناديق التحوط القائمة على خوارزميات الحاسوب أيضا. كثير من الصناديق التي حاولت تحقيق ربح من متابعة اتجاهات السوق كانت تتخذ مراكز مكشوفة في السندات قبل الاضطرابات واضطرت إلى بيعها بسرعة للحد من الخسارة. خسر صندوق إيه إتش إل إيفولوشن، التابع لمجموعة مان، 11.3 في المائة منذ بداية آذار (مارس) حتى 28 من الشهر نفسه، في حين انخفض صندوق توليب تريند، التابع لشركة بروجرسيف كابيتال بارتنر، 26.3 في المائة منذ بداية آذار (مارس) حتى يوم 24.
قلصت شركة أسبكت كابيتال ـمقرها لندنـ رهاناتها على السندات من نحو نصف ميزانية صندوقها "دايفرسيفايزد" المتنوع الخاص بمخاطر السندات، في أوائل آذار (مارس) إلى أقل من 8 في المائة نهاية الأسبوع الماضي، وفقا لوثائق مستثمرين اطلعت عليها "فاينانشيال تايمز".
في الوقت نفسه، تضررت صناديق عديدة أيضا من رهاناتها على أسهم البنوك. في بيئة تشهد ارتفاع أسعار الفائدة، يبدو امتلاك أسهم البنوك -التي ستكسب من ارتفاع صافي دخل الفائدة- خطوة منطقية.
في أوائل شباط (فبراير) وصل انكشاف صناديق التحوط للقطاع، كما ينبغي، إلى أعلى مستوى له في 12 شهرا، وفقا لمذكرة للعملاء صادرة عن "مورجان ستانلي"، في حين راهنت ضد أجزاء أخرى من السوق كان من المحتمل أن تتأثر بارتفاع تكاليف الاقتراض. جعلها هذا في مراكز سيئة لمواجهة هزة القطاع المصرفي التي تلت ذلك.
قال برنارد أكونج، كبير مسؤولي الاستثمار المشارك في وحدة صناديق التحوط أوكونور، التابعة لـ"يو بي إس"، "صناديق التحوط لم تكن متشائمة تجاه الأشياء الصحيحة" في أوروبا، مضيفا، "إنه دليل (كتيب) أسعار الفائدة الأعلى".
لم يكن كل مديري الصناديق على الجانب الخطأ من هذه التحركات. مارك داودينج، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة آر بي سي بلوباي، أغلق مراكزه ضد السندات الحكومية قبل الاضطرابات، ثم تمكن من فتح مركز مكشوف بعد الارتفاع. ارتفع صندوق شركة روي نيديرهوفر، "ماكرو دايفرس"، 10.3 في المائة في آذار (مارس) بعد تحقيقه أرباحا من تقلبات السوق وتمسكه بارتفاع السندات.
وفقا لمجموعة البيانات، إتش إف آر، خسرت صناديق التحوط في المتوسط 1.7 في المائة في آذار (مارس)، وتراجعت 0.6 في المائة هذا العام حتى 28 آذار (مارس). لم يكن مظهرا رائعا حين ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 خلال الفترة نفسها نحو 3.4 في المائة.
هذا يمثل حلقة أخرى مخيبة للآمال لصناعة صناديق التحوط. بعد عقد من هدوء الأسواق التي هيمنت عليها حوافز البنوك المركزية، كان يجدر بارتفاع أسعار الفائدة أن يبشر بدخول حقبة جديدة أكثر ملاءمة للمديرين. من المفترض أن تؤتي قدرتهم على التمييز بين الأسهم الرابحة والأسهم الخاسرة والتنبؤ باتجاهات الاقتصاد الكلي الرئيسة ثمارها مرة أخرى.
بيد أن التحول إلى أسعار فائدة أعلى يترتب عليه وجود سلسلة من الألغام الأرضية وتحركات السوق العنيفة التي باغتت صناديق عدة، مثلما اكتشفها المديرون المستثمرون في أسهم التكنولوجيا عالية التقييم أوائل العام الماضي. ربما تصبح ظروف التداول أكثر ملاءمة ببطء، لكن من المرجح أن نجد أخطارا كثيرة أمامنا أيضا.