الوشم وعشاق الألم
بعد أن كان الوشم مستهجنا ومحرما في الأديان السماوية يقوم به صنف من الناس يعشقون الألم وكأنهم يمارسون تعذيب الذات، لتحويل أجسادهم إلى شكل أقرب للمسخ. تبدأ العملية كتجربة وتنتهي بهوس أقرب إلى الإدمان يعبث بأجسادهم تاركا آثارا لا تمحى! واختلفت أسباب وضع الوشوم فمنهم من يضع وشما لعزيز يريد تذكره أو مجرد حب لهذا الفن الغريب أو مواكبة الموضة وهو السبب الأكثر انتشارا.
والوشم موجود منذ آلاف الأعوام، على الرغم من أن هناك فئة كبيرة من البشر لا تزال تعتقد أن أي شخص يحصل على وشم مرئي هو إما عاطل عن العمل وإما مجرم أو غير سوي!
ويعد أوتزي رجل الثلج المتوفى عام 3250 قبل الميلاد أقدم شخص وجد جسمه مغطى بالوشوم لكنها ليست رسومات كالوشوم المعتادة وإنما عبارة عن بقع داكنة تم القيام بها مرارا وتكرارا.
وبعد البحث والدراسة وجد الباحثون أن وشمه كان للعلاج، لإصابته بكثير من الأمراض في المفاصل والكبد والطحال والمعدة وكلها أماكن مغطاة بالوشوم، وينطبق هذا الاكتشاف على الموميات في سيبيريا وكندا، فقد تم وشم الوجه لعلاج الشلل من السكتة الدماغية وتخفيف ضغط الأسنان بطريقة تشبه عمل الإبر الصينية! أما البداية الحقيقية للوشم فقد وجدت على شكل حيوانات ذات قرون موشومة على أجساد موميات مصرية تبلغ من العمر خمسة آلاف عام.
وتنوعت الوشوم بين وشوم طوعية مثل الوشوم القبلية التي يتم فيها وشم الرجال والنساء على حد سواء في جلسات تمتد لأيام بوساطة مطرقة ومشط حبر ثقاب للجلد، مسببا لهم آلاما لا تطاق قد تصل إلى حد الوفاة، أما الأمريكيون الأصليون فقد استخدموا عظاما حادة وصخورا لنحت التصميم المطلوب للقبيلة، معتقدين أن الوشم قد يمنحهم قوى خارقة للطبيعة! ووشوم إجبارية مورست بوحشية خلال فترات الحروب والعبودية والاتجار بالبشر كوسيلة للعقاب أو التملك ووصمة عار تلازم الموشوم وتمنعه من الفرار!
وهناك وشم البحارة الذي تميزوا به منذ القرن الـ15 وانتشر بينهم بسبب طول الرحلات فكانوا يمضون وقتهم بوشم بعضهم بعضا بالحبر المكون من البارود والبول ـ أجلكم الله-!
تخيل إبرة تثقب جلدك ثلاثة آلاف مرة في الدقيقة، مودعة الحبر في أعماق بشرتك وما يصاحبها من الألم والآثار الجانبية وانتقال الأمراض وخلل في جهاز المناعة وصلت إلى حد بتر الأطراف.
ومن المسكوت عنه أن جلد الموشوم قد يحترق بشكل مرعب عندما يقوم بالتصوير بالرنين المغناطيسي بسبب بعض الأحبار التي تجعل جسدك موصلا مغناطيسيا خصوصا صاحبات المكياج الدائم.