بنوك أمريكا الصغيرة .. اتصال هاتفي يكفي للحصول على قرض
بنك ديلايت، الذي يدير ثلاثة فروع في بقاع قليلة الكثافة السكانية غرب أركنساس، لا يعد مؤسسة مالية مهمة في النظام المالي، لكنه يحتل مكانة ذات أهمية خاصة لدى الذين يعيشون بالقرب منه.
بتمويل تأتي أغلبيته من الودائع المحلية، يعد "ديلايت" مقرضا مهما لقاطعي الأشجار ومربي الماشية في حفنة من المدن المجاورة.
قال داروين هندريكس، الرئيس التنفيذي للبنك: "أمارس أعمالا جانبية في مجال الأخشاب، وأحد مسؤولي الإقراض لدي يملك مزرعة دواجن. نحن نفهم اقتصادنا. أقدم قروضا كثيرة على هاتفي، تماما مثلما أتحدث إليك".
مع أصول تحت الإدارة تبلغ 165 مليون دولار، فإن البنك الذي يديره هندريكس هو مجرد ذرة في الميزانية العمومية للنظام المصرفي الأمريكي البالغة 23 تريليون دولار. لكنه من بين آلاف المؤسسات الصغيرة التي تلعب معا دورا حاسما في تمويل الشركات الصغيرة التي تمثل ما يقارب نصف النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة.
أدت الاضطرابات في عديد من البنوك الأمريكية المتوسطة أخيرا إلى تركيز الانتباه على الأهمية الاقتصادية لهذه المؤسسات الأصغر. كما زعزعت إجماع المنظمين الذي تشكل بعد الأزمة المالية الأخيرة، المتمثل في أن الخطر الأعظم يكمن في خسائر البنوك الكبرى التي لا يتم احتواؤها.
عانت البنوك الأمريكية الأربعة التي لديها ميزانيات عمومية أكبر من تريليون دولار حتى الآن أضرارا ضئيلة نسبيا بسبب تقليص التمويل الناجم عن ارتفاع أسعار الفائدة. في المتوسط، انخفضت أسهمها 10 في المائة منذ بداية آذار (مارس).
كان أداء البنوك الإقليمية أسوأ. فقد مؤشر كيه بي دبليو المصرفي الإقليمي، الذي يتتبع 50 بنكا، 21 في المائة من قيمته خلال الفترة نفسها.
من الصعب الحكم على حالة البنوك الأصغر من الدرجة الثالثة، التي تضم ما يقارب أربعة آلاف مؤسسة تدير أصولا تقل عن مليار دولار، معظمها مملوكة للقطاع الخاص. تواجه البنوك جميعها الآن رياحا معاكسة من ارتفاع تكلفة الودائع وتمويل المؤسسات.
في حين أن أكبر 25 بنكا تمثل نحو ثلثي إجمالي الائتمان المصرفي في الولايات المتحدة، تحظى المؤسسات الأصغر بوجود كبير في بعض الأسواق المهمة، فهي تمثل 70 في المائة تقريبا من إقراض البنوك الأمريكية العقاري التجاري، وفقا لبيانات الاحتياطي الفيدرالي.
سواء لأسباب جغرافية أو لأنهم يعملون في مجالات عمل غير مألوفة، يكون لدى عملاء البنوك الصغيرة في الأغلب عدد قليل من الخيارات الأخرى التي يمكن أن يلجأون إليها، وفقا لآرون كلاين، الباحث في معهد بروكينجز والمسؤول السابق في وزارة الخزانة الأمريكية خلال الأزمة المالية عام 2008.
قال: "لدى البنوك الصغيرة والمجتمعية معلومات وعلاقات فريدة تمكنها من توفير المال للأشخاص والشركات الذين يعيشون خارج صندوق ائتمان السوق الشاملة".
على هذه البنوك الآن التنافس على المال مع صناديق سوق المال وغيرها من الأدوات ذات العائد المرتفع، ما قد يسبب مشكلات للشركات المتوسطة التي يعتمد حصولها على الأموال على صحة البنوك المحلية التي تستهدف شريحتها المتخصصة.
أضاف كلاين: "لا تستثمر الصناديق المشتركة في سوق المال في الشركات الصغيرة والشركات الناشئة. كان امتلاك البنوك لتأمين فيدرالي على الودائع يعد ميزة، لكن الاحتياطي الفيدرالي أنقذ صناديق سوق المال مرتين في الـ 15 عاما الماضية".
تعد الشركات المدعومة برأسمال مغامر من بين أصعب الشركات التي تتعامل البنوك معها لامتلاكها عادة تاريخا بسيطا، ولا تحقق إيرادات، وتستهلك تكاليف أولية كبيرة. غير أن فيرست كوميونيتي بانك آند ترست في ضواحي شيكاغو من بين البنوك التي تبحث بنشاط عن مثل هؤلاء العملاء.
"خلال أعوامي الـ 37، تعاملت مع عديد من الشركات التي كانت أساسا عبارة عن رجلين أو فتاتين وفكرة"، كما قال جريج أوليندورف، الرئيس التنفيذي لـ "فيرست كوميونيتي"، الذي يشرف على ميزانية عمومية تبلغ 204 ملايين دولار ـ أكبر قليلا من ميزانية بنك ديلايت.
كونها معزولة عن بعض المؤسسات الكبيرة، وجدت الشركات الصغيرة التي نجت من الجائحة أن دعم المصرفيين المحليين كان عاملا حاسما في إنقاذها. أجرت البنوك المجتمعية وعالجت 60 في المائة من التمويل الممنوح خلال المرحلة الأولى من برنامج دعم دفع رواتب الموظفين ـ برنامجا فيدراليا يقدم تمويلا للشركات التي استمرت في دفع أجور عمالها أثناء الإغلاق.
لكن آفاق النمو على الأمد البعيد بالنسبة لبعض هذه المؤسسات ربما تخضع لامتحان، حيث يشكل ارتفاع أسعار الفائدة والركود المحتمل تحديا لاقتصادات البنوك في كل مكان.
مثل نظيره في أركنساس، يعتمد "فيرست كوميونيتي" على المودعين المحليين، وهو عامل قد يتبين أنه ميزة اقتصادية كما يتوقع أوليندورف.
قال: "يتم تمويلنا من أناس نجري أعمالا تجارية محلية معهم. مع بنك مجتمعي وبنك علاقات، الأمر أكثر من كسب ربح من سعر الفائدة فقط".
يعتقد كلاين أيضا أن الجذور المحلية المتأصلة ربما توفر ميزة لبعض البنوك. قال: "يرعى البنك المجتمعي فريق الدوري المحلي الصغير غالبا. لا أحد يريد أن يكون ممن يسحب أمواله، حين يلعب طفله في الدوري الصغير مع اسم البنك على ظهره. هل تريد أن تكون هذا الرجل؟".