كيف تصبح مقايضات التخلف عن السداد أدوات خداع شامل؟

كيف تصبح مقايضات التخلف عن السداد أدوات خداع شامل؟
مقر بنك دويتشه في لندن. "جيتي"

تعد مقايضات التخلف عن سداد الائتمان شكلا من أشكال التأمين ضد التخلف عن سداد السندات. وهي تظهر في هذه القصة كأدوات للخداع وليس "أسلحة دمار شامل"، وهي التسمية التي أطلقها ذات مرة وارين بافيت على جميع المشتقات. يمكنك التكهن بما إذا كان المستثمرون قد انخدعوا من حواسهم أو عوامل أخرى. لكن ذلك لا يغير القصة، أو الخلاصات المأخوذة منها.
ارتفع سعر مقايضات التخلف عن سداد الائتمان لبنك دويتشه خلال فترة ما بعد ظهر يوم الخميس 23 آذار (مارس) وفي صباح اليوم التالي. ثم سلط بواز واينشتاين، مؤسس صندوق سابا للتحوط وخبير مقايضات التخلف عن السداد الذي عمل سابقا لدى بنك دويتشه، الضوء على تلك المسألة في تغريدة. كتب فيها "إنني أسمع أن ذلك يرجع جزئيا إلى تحوط طرف مقابل، لكن هذه الخطوة قوية حقا".
انضم له نقاد آخرون. ووجدوا في ذلك فرصة لانتقاد البنك. لدى "دويتشه" بعض السمات المشتركة مع "كريدي سويس" المتعثر، الذي كان المسؤولون السويسريون قد دمجوه مع بنك يو بي إس قبل أيام. كتب أحدهم في تغريدة "لقد عادت أزمة البنوك إلى أوروبا. تقدر الأسواق احتمالية قدرها 31 في المائة لحدوث تخلف عن سداد السندات الثانوية لبنك دويتشه".
انخفضت أسهم "دويتشه" أكثر من 14 في المائة. أدى هذا إلى تحقيق مكاسب كبيرة للبائعين على المكشوف. وبحسب السجلات، باعوا نحو 3 في المائة من أسهم بنك دويتشه.
كتب في عمود ليكس في "فاينانشيال تايمز"، غير الممتع إطلاقا في حالة ذعر السوق، أن بنك دويتشه لم يفلس. في عطلة نهاية ذلك الأسبوع، لم يدمج المسؤولون الألمان بنك دويتشه مع "كوميرتس بنك" أو أي بنك آخر على سبيل الإنقاذ. ثم عوضت أسهم بنك دويتشه خسائرها خلال الأيام القليلة التالية.
إن التحيز التأكيدي هو ميل الإنسان إلى استخدام المعلومات الجديدة لتبرير المعتقدات القائمة. كان المستثمرون قلقين بالفعل بشأن بنك دويتشه. هو بنك شمال أوروبي مشهور وضعيف الأداء، مثل بنك كريدي سويس، على الرغم من أن فترة سوء إدارته للمخاطرة حدثت منذ فترة طويلة. ارتفعت مقايضات التخلف عن سداد الائتمان في "كريدي سويس" ارتفاعا حادا قبل أن تتدخل السلطات السويسرية.
لكن مقايضات التخلف عن السداد تعد مقاييس سيئة لمعرفة إذا ما كان البنك في مأزق. يقول أحد رؤساء التداول "هذه السوق صغيرة وملتوية. تعاني السوق نقصا في السيولة، كما أن التقارير التجارية غير متسقة". أما في الولايات المتحدة، فتغطي معاملات مقايضات التخلف عن سداد الائتمان الجديدة سندات شركات تبلغ قيمتها نحو ثلاثة مليارات دولار يوميا بتكلفة أقل بكثير من ذلك المبلغ. هذا مقارنة بالمعاملات التي تبلغ قيمتها تقريبا 50 مليار دولار في السندات الأساسية.
إضافة إلى ذلك، يقول متداولون "إن ما لا يزيد على ربع مقايضات التخلف عن السداد تشمل مستثمرين قلقين مؤمنين ضد التخلف عن سداد السندات". مثلا، غالبا ما تشتري البنوك مقايضات التخلف عن سداد الائتمان على سنداتها الخاصة لكي يظل انكشاف سجلات التداول الخاصة بها للمخاطر ضمن الحدود التنظيمية.
إنها عملية مباشرة تماما أن نحسب خطرا من كل ثلاثة مخاطر تخلف عن السداد من سعر مرتفع لمقايضات التخلف عن السداد لمدة خمسة أعوام، كما فعل مستخدمو منصة تويتر. لكن المجموع يشتمل على عيبين قاتلين. أولا، أنه يتضمن تقديرا للمبلغ الذي قد يسترده المدينون إذا تخلف المصدر عن السداد. لكن المنظمين الماليين في الاتحاد الأوروبي وألمانيا سيتدخلون قبل أن يمر "دويتشه" بمثل هذه الضائقة الأليمة. ثانيا، أن المجموع لا يعوض عن نقص السيولة في السوق حيث تؤثر الصفقات الصغيرة كثيرا في الأسعار.
تعد المشتقات أدوات موجهة. لكن إذا ارتفعت مقايضات التخلف عن سداد الائتمان 25 إلى 30 في المائة في غضون ساعات قليلة وانخفضت أسعار السندات بمقدار ثلاثة سنتات فقط لليورو استجابة للمخاطر نفسها، فهذا يشير إلى أن العلاقة السعرية فضفاضة. وهو ما حدث لبنك دويتشه.
لكن يبدو أن المستثمرين، المتشائمين الفزعين، لم يلاحظوا ذلك. فقد سقطت على رؤوسهم جوزة واحدة، في شكل ارتفاع حاد لمقايضات التخلف عن سداد الائتمان. إلا أنهم كانوا مقتنعين بأن السماء كانت ستقع على رؤوسهم.
يشتبه المنظمون في أن أحدا ما -يفترض أنهم البائعون على المكشوف الماكرون- أسقط تلك الجوزة عمدا. دعا أندريا إنريا، كبير المشرفين على البنك المركزي الأوروبي، إلى مراجعة السوق. لن تكون مفاجأة تماما إذا أوصت المراجعة بالمقاصة المركزية وزيادة الشفافية التجارية لمقايضات التخلف عن السداد. المنظمون دائما ما يريدون مزيدا من هذين الأمرين.
قد يكون أكثر رد تنظيمي صرامة هو منع أي شخص من شراء مقايضات التخلف عن السداد لبنك ما إذا لم يكن لديه بعض الانكشاف على السندات الأساسية. فرض الاتحاد الأوروبي قيودا على مشتريات ما يسمى بمقايضات التخلف عن سداد الائتمان المكشوفة على السندات السيادية في 2011 وذلك في أعقاب الأزمة المالية الكبرى. ويمكن أن يمتد الحظر ليشمل مقايضات التخلف عن السداد على سندات البنوك العالمية ذات الأهمية النظامية، وهي أكبر المقرضين في العالم.
لدي حل أبسط: يجب على المستثمرين بذل جهد أكبر لتمييز الشيء الذي يسقط على رؤوسهم، الجوزة أم السماء. خصائص سوق مقايضات التخلف عن سداد الائتمان تعني أن الأسعار التي تولدها ذات أهمية غير مؤكدة وليست ذات أهمية أساسية.
عندما تصاب بالذعر، توقف وتنفس وفكر. ذلك ينجح في حالات الطوارئ الصحية. وينبغي أن ينجح في حالات الطوارئ المالية أيضا.

الأكثر قراءة