استقرار القطاع المصرفي تحت التهديد .. صناديق أسواق المال تخطف التدفقات

استقرار القطاع المصرفي تحت التهديد .. صناديق أسواق المال تخطف التدفقات

ليس من المحتمل أن يتوقف تدفق المال إلى صناديق أسواق المال الأمريكية قريبا، كما يقول محللون ومستثمرون، ومن المحتمل أن يفاقم الضغوط في النظام المصرفي.
ارتفعت العوائد التي تقدمها صناديق أسواق المال، الأدوات التي تستثمر بشكل كبير في أصول آمنة مثل ديون الحكومة قصيرة الأجل، إلى أعلى من أسعار الفائدة التي تدفعها البنوك إلى المودعين بكثير، حيث رفع الاحتياطي الفيدرالي سريعا تكاليف الاقتراض على مدى العام الماضي. على الرغم من الفجوة الكبيرة، استلزم الأمر الأزمة المصرفية التي تسبب فيها انهيار سيليكون فالي بنك لإثارة التدافع الأخير، جذبت صناديق أسواق المال أكثر من 340 مليار دولار منذ بداية آذار (مارس).
قال دوج سبراتلي، رئيس التداول في أسواق المال الأمريكية في شركة تي رو برايس، "كان الناس الذين يجنون نصف نسبة مئوية في الحسابات المصرفية يتجاهلون نسبة الـ4 في المائة التي يمكنهم أن يجنوها في صناديق أسواق المال. والآن لديهم دفعة تحفيزية كبيرة".
جذبت التدفقات الأخيرة في صناديق أسواق المال انتباه جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأمريكية، التي حذرت الخميس من "نقاط الضعف الهيكلية" في القطاع.
قالت في خطاب في مؤتمر تستضيفه الرابطة الوطنية لاقتصادات الأعمال، "إذا كان هناك مكان تتضح فيه نقاط ضعف النظام أمام عمليات سحب الودائع والبيع بأسعار منخفضة، فإنه صناديق أسواق المال. مخاطر الاستقرار المالي التي تشكلها أسواق المال وصناديق الاستثمار المفتوحة لم تعالج بالقدر الكافي".
حذر بعض الخبراء من أن التحول إلى صناديق أسواق المال يهدد استقرار القطاع المصرفي أيضا، خاصة للمقرضين الإقليميين الأصغر الذين لا يمكنهم تحمل زيادة أسعار الفائدة التي يقدمونها لأصحاب الحسابات.
الأهم من ذلك، ينتهي المطاف بكثير من المال الموجود في صناديق أسواق المال خارج النظام المصرفي بأكمله لأن الصناديق تستخدم أداة تسهيل من الاحتياطي الفيدرالي تقدم أسعار فائدة سخية مقابل إيداع المال لليلة واحدة في البنك المركزي.
بالنسبة إلى أندرو ليفن، الذي عمل في الاحتياطي الفيدرالي لعقدين، إن تدفق المال المستمر إلى صناديق أسواق المال وفي المقابل أداة تسهيل الاحتياطي الفيدرالي لليلة الواحدة، يمثل "كارثة على وشك الحدوث".
ارتفع استخدام ما يسمى بأداة الريبو العكسي في الأسابيع الأخيرة، حيث بلغت المستويات اليومية نحو 2.3 تريليون دولار.
حذر ليفن، الذي يدرس الآن في كلية دارتموث، من ضغوط إضافية على المقرضين الصغار إذا احتفظ مزيد من المودعين بأموالهم في صناديق سوق المال، التي تخبأ في نهاية المطاف في الاحتياطي الفيدرالي. "من المفارقات بالنسبة إلى الاحتياطي الفيدرالي، الذي يريد محاولة مساعدة النظام المصرفي للحفاظ على أمانه، فإن أداة التسهيل الدائمة له ينتهي بها الأمر لتكون الحلقة الضعيفة في كل هذا".
نظرا إلى أن صناديق أسواق المال ليست مؤسسات متلقية للودائع، فإن أصولها، إن لم تكن في أداة الاحتياطي، ستكون لا تزال في النظام المصرفي. لكن استخدامهم للأداة يقلل الودائع في البنوك مجتمعة، وقد يثبط الإقراض.
قد تعني مخاوف التراجع في الاقتصاد أن بعض البنوك "قد لا تكون حريصة للغاية على الإقراض" على أي حال، كما أشارت تاتجانا جريل-كاسترو، الرئيسة المشاركة للأسواق العامة في شركة ميوزينك، "وبالتالي لا تحتاج إلى قدر كبير من الودائع".
مع ذلك، يخشى بعض المحللين من احتمال زعزعة الاستقرار نتيجة التدفقات الإضافية. في حين أن التحول من البنوك إلى صناديق أسواق المال هو أمر يحدث عادة خلال كل دورة من رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، يشير الخبراء إلى أن هذه الخطوة يمكن أن تستمر حتى بمجرد أن ينهي البنك المركزي تشديده النقدي ويبدأ خفض تكاليف الاقتراض.
قال جوزيف أبيت، خبير استراتيجي في باركليز في مذكرة نشرت الأربعاء، إن البنوك في منتصف "تحول من مرحلتين". حدثت الموجة الأولى من التدفقات الخارجة مع قلق المدخرين بشأن استقرار بنوكهم، وهي ظاهرة دفعت الأصول في صناديق أسواق المال الحكومية إلى مستوى قياسي بلغ 4.3 تريليون دولار هذا الشهر، وفقا لبيانات "آي سي آي".
في أول أسبوعين من آذار (مارس)، انخفض إجمالي ودائع البنوك في الولايات المتحدة بمقدار 161 مليار دولار، مدفوعا بتدفقات خارجة من البنوك الأصغر، وفقا لبيانات الاحتياطي الفيدرالي.
لكن التحول الثاني في بدايته فقط مع إدراك "المودعين الخاملين" - غير القلقين كثيرا حتى الآن من اتساع الفجوة بين العوائد على الودائع المصرفية وتلك المتاحة في الأماكن الأخرى - للتفاوت الحاد.
ارتفعت أرصدة الصناديق المالية 20 في المائة تقريبا خلال الدورات الأربع الماضية لرفع أسعار الفائدة، وفقا لأبيت، حركة ستعادل نحو تريليون دولار هذه المرة. حتى الآن، ارتفعت الأرصدة نحو 600 مليار دولار خلال الدورة الحالية، ما يشير إلى أن هناك مزيدا في المستقبل.
كما أن الاضطرابات الأخيرة في القطاع المصرفي الأمريكي تعني أنه حتى إذا رفعت البنوك أسعار الفائدة التي تدفعها على الودائع لمنافسة الصناديق بشكل أفضل، فقد يتراجع المدخرون بسبب المخاطر المتصورة في النظام.
نظرا إلى أن صناديق أسواق المال تستثمر في الديون الحكومية قصيرة الأجل التي تتسم بحساسية شديدة تجاه التحركات في تكاليف الاقتراض من الاحتياطي الفيدرالي، "سينخفض عائدك مع أسعار الفائدة"، كما قال جوزيف دانجيلو، رئيس أسواق المال في شركة بي جي أي إم فكسد إنكوم. "لكن لا يعني هذا بالضرورة تدفق الأموال إلى الخارج، لأنك لن ترى بالضرورة ارتفاع أسعار الفائدة على الودائع".
"في جميع الاحتمالات، لا أرى تحركات كثيرة للعودة".

الأكثر قراءة