هبوط صفقات التبادلات العقارية .. ما الأسباب؟

هبط إجمالي قيم الصفقات العقارية في جميع أنحاء المملكة خلال الأشهر الأخيرة. وبلغ إجمالي قيم الصفقات العقارية في شعبان 1444هـ، نحو 14.8 مليار ريال. شكلت قيم العقارات السكنية نحو 7.4 مليار ريال من الإجمالي، بينما أسهمت قيم العقارات التجارية بنحو 5.1 مليار ريال. وكان إجمالي قيم الصفقات العقارية في شعبان 1443 قد وصل إلى نحو 18.8 مليار ريال، منها 11.5 مليار ريال للعقارات السكنية، ونحو 5.5 مليار ريال للعقارات التجارية. وبهذا انخفض إجمالي قيم التبادلات العقارية خلال الشهر الهجري الماضي على أساس سنوي بنسبة تقارب 21.3 في المائة. تركز الانخفاض في قيم العقارات السكنية التي هبطت على أساس سنوي خلال الشهر بنسبة تقارب 35.7 في المائة، بينما انخفضت قيم العقارات التجارية بنسبة تقل كثيرا عن تراجع العقارات السكنية وصلت إلى نحو 7.3 في المائة. وتوافرت في موقع وزارة العدل على الشبكة العنكبوتية -حين إعداد المقال- بيانات عن إجماليات وتفاصيل قيم الصفقات العقارية للأشهر الهجرية، بينما لم تتوافر للأشهر الميلادية.
الهبوط السنوي في إجمالي قيم التبادلات العقارية لم يقتصر على شعبان الماضي، لكن شمل الشهرين السابقين، فقد تراجع إجمالي قيم التبادلات العقارية في رجب 1444هـ، إلى نحو 14.4 مليار ريال، منها 7.9 مليار ريال للعقارات السكنية، و4.4 مليار ريال للعقارات التجارية. وكانت هذه الصفقات قد بلغت 24 مليار ريال في الشهر نفسه من العام السابق، ذهب 15.2 مليار ريال للعقارات السكنية، 6.9 مليار ريال للتجارية. وينطبق الحال نفسه على جمادى الأولى 1444هـ.
التراجع السنوي لشعبان 1444هـ "والشهرين السابقين" لم يقتصر على منطقة معينة من مناطق المملكة، لكنه شمل معظمها، فقد تراجع إجمالي قيم الصفقات التجارية في منطقة الرياض -التي تمثل مدينة الرياض معظم تبادلاتها- إلى 6.8 مليار ريال بعدما كان 9.5 مليار ريال في شعبان 1443هـ، منخفضا على أساس سنوي بنسبة تقارب 28.4 في المائة. كما تراجع إجمالي قيم التبادلات العقارية خلال الشهر نفسه في منطقة مكة المكرمة، إلى 3.5 مليار ريال بعدما كان 4.8 مليار ريال في شعبان من العام السابق، منخفضا بـ27.1 في المائة. أما المنطقة الشرقية، فكانت على النقيض من منطقتي الرياض ومكة المكرمة ومعظم المناطق، حيث شهدت نموا في إجمالي قيم الصفقات العقارية خلال الشهر بنسبة تقارب 17 في المائة، وارتفعت قيم التبادلات فيها خلال الشهر الماضي إلى 2.9 مليار ريال تقريبا بعدما كانت نحو 2.5 مليار ريال خلال الفترة نفسها من العام السابق. في الجانب الغربي من المملكة شهدت منطقة المدينة المنورة استقرارا في إجمالي قيم التبادلات العقارية خلال شعبان مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق. أما منطقتا القصيم وعسير فقد تراجعت فيهما قيم الصفقات العقارية خلال الفترة ذاتها.
عموما، تمثل قيم التبادلات العقارية في مناطق: الرياض ومكة المكرمة والمنطقة الشرقية عادة معظم إجمالي قيم التبادلات العقارية في المملكة، حيث بلغت مساهمة قيم الصفقات العقارية في المناطق الثلاث نحو 89 في المائة من الإجمالي في جميع مناطق المملكة خلال شعبان 1444هـ. ويشير تراجع قيم الصفقات العقارية خلال الأشهر الأخيرة في معظم مناطق المملكة، إلى وجود عوامل كلية تثبط التبادلات، لعل من أبرزها الصعود القوي للأسعار خلال الأعوام القليلة الماضية الذي يبدو أنه فاق قبول أعداد متزايدة من طالبي العقارات. ونظرا إلى صعوبة استجابة عارضي العقارات لتراجع الطلب والميل إلى الانتظار حتى تحسن الطلب، فمن المرجح أن تشهد الفترة المقبلة فتورا في التبادلات العقارية وفي أسعار العقارات. وارتفعت أسعار العقارات خلال الفترة الأخيرة، خصوصا في المدن الرئيسة، وأضحت مستوياتها فوق إمكانات وموارد شرائح متزايدة من السكان.
من جانب آخر، أسهم ارتفاع معدلات الفائدة بقوة في تثبيط الطلب على المنتجات العقارية والسكنية منها بوجه خاص. وظهر هذا واضحا بالتراجع الحاد في قيم صفقات العقارات السكنية مقارنة بإجمالي قيم الصفقات التجارية عبر المملكة. وأدت الزيادات المتسارعة لمعدلات الفائدة وتزامنها مع ارتفاع الأسعار، إلى رفع تكاليف تمويل العقارات، وتجاوز أقساط الرهن العقاري قدرات شرائح متزايدة من السكان. ويتأثر الطلب على العقارات السكنية بتغيرات الفائدة بدرجة أقوى من تأثر الطلب على العقارات التجارية، حيث يميل التجار إلى إضافة تكاليف الرهن العقاري على المستهلكين في العقارات التجارية، بينما يدفع راغبو السكن التكاليف الإضافية من صافي دخولهم، كما يبدو اعتماد طالبي العقارات السكنية على الائتمان بشكل أكبر من مشتري العقارات التجارية.
من جانب آخر، فإن أعدادا متزايدة من طالبي السكن قد يرجئون قرارات الشراء للحصول على بعض المنتجات السكانية في المشاريع العقارية التي تدعمها الدولة التي تبدو أسعارها أقل من أسعار المنتجات السكنية التي يسوقها القطاع الخاص وحده.
عموما، يبدو أن العوامل الآنفة أسهمت في توليد حالة من الترقب في الأسواق العقارية، ما خفض الطلب على المنتجات السكنية التي وصلت أسعارها إلى مستويات مرتفعة، خصوصا في مناطق المملكة الرئيسة الأكثر سكانا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي