رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


نموذج العطاء ودعم الأعمال التنموية

بالأمس القريب، ودعنا قامة من قامات الجود الشامخة، ونموذجا فريدا من نماذج العطاء في بلادنا، عن عمر يناهز 87 عاما، إنه عبدالرحمن بن موسى آل فواز، رجل الشهامة والمروءة والجود، عاش حياة حافلة بالوفاء والاحترام لقادة وطنه وقريبا منهم صغيرهم وكبيرهم، ومخلصا في خدمة وطنه بالغالي والنفيس، نعم لقد عاش حياة مديدة ومليئة بأعمال الكرم والسخاء وحب الخير، وبذل كثيرا من ماله لمساعدة المحتاجين، ودعم الأعمال التنموية والفعاليات الوطنية، وقد تحدثت معه كثيرا خلال الأعوام الأخيرة، فوجدته متفهما، وداعما ومستبشرا برؤية المملكة 2030 على الرغم من كبر سنه.
واستلهاما للعطاء من وطننا الغالي، فقد ضرب الفواز أروع الأمثلة في دعم أنشطة الشباب في المحافظة التي ينتمي إليها، في وقت كانت التبرعات والإمكانات محدودة، لا أبالغ بالقول إن بيته ومزرعته كانا مفتوحين - ليل نهار - لضيوف المحافظة، ليقوم منزله بدور الفندق والمطعم لضيوف المحافظة، متكفلا باستضافتهم، وداعما للاحتفالات والمناسبات الوطنية وكذلك احتفالات الأعياد السنوية، في زمن كانت إمكانات الناس شحيحة. وعلاوة على ذلك، تفرد بدعمه السخي الكبير لنادي الأنوار في محافظة حوطة بني تميم أعواما طويلة، وذلك لإيمانه بأن الشباب هم عدة المستقبل، وأن دعمهم ورعايتهم واجب وطني على كل من يستطيع ماديا أو معنويا.
نشأ الفواز قبل ستة عقود ونيف في بيئة نجدية تتسم بشح الإمكانات. وعلى الرغم من ذلك، فقد ولد بغريزة الكرم الفطري، إذ روي عنه من بعض الثقات أنه كان يستدين ويستلف المال من أجل إكرام ضيوفه والقيام بواجبهم في وقت كانت إمكاناته محدودة جدا.
مستفيدا من البيئة الاستثمارية المفتوحة والمحفزة في بلادنا، لم يفضل الفواز البقاء في مزرعة والده، بل انتقل للعاصمة، وشق طريقه بعصامية واصرار في مجال الأعمال والعقار مع بواكير الطفرة التنموية التي شهدتها بلادنا الغالية، وبما يتسم به من صدق وأمانة، استطاع من بناء ثروته التي لم يفضل أن يمتلكها لنفسه فقط، بل كان دائما يحاول اقتسامها مع من حوله من أقاربه وأصدقائه ومعارفه دون تمييز أو انتقاء، ليصبح من أبرز المطورين والمسوقين العقاريين في جنوب وغرب الرياض، ومن أكثرهم تسامحا في تعاملاته التجارية، بل مضرب مثل للعطاء الفطري الذي لا يرجو وراءه مثوبة أو مصلحة، غير الأجر والثواب من عند الله تعالى، وخدمة الوطن وأبنائه، وتشجيعهم لبناء أنفسهم وتمهيد الطريق أمامهم. ومن مشاريعه إنشاء حي الفواز في مدينة الرياض قبل عقود طويلة، إلى جانب دعمه لبعض المشاريع التنموية والصحية في محافظة حوطة بني تميم.
لا شك أن فقد الرجال الكبار المخلصين موجع للقلب، لكن هذه هي سنة الله في خلقه، وما يعزينا أن الشيخ خلف وراءه ذرية صالحة تدعو له وتجدد ذكره وتحرص على استمرار أعماله الخيرية. لقد رحل (أبو موسى) وترك أعمالا كثيرة، وذكريات جميلة، وسيرة عطرة:
تولى وأبقى بيننـــــا طيـــــب ذكـــــــره
كبـــــاقي ضيــــاء الشمس حين تغيب
لقد كان إنسانا شهما ومتواضعا وقريبا لأهله وأسرته وجماعته، ومحبا لهم، سائلا عنهم، ومشجعا وداعما لإنجازاتهم.
مضى غـير مذمـوم وأصبــــح ذكـــــره
حـــلي القــــوافي بين راث ومــــادح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي