الأصول الرقمية تعاني .. بنوك الإقراض تنفر من العملات المشفرة

الأصول الرقمية تعاني .. بنوك الإقراض تنفر من العملات المشفرة

عندما وافق بنك فيرست سيتيزنز خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي على شراء معظم ما تبقى من بنك وادي السيليكون، كان هناك شيء واحد لم يرغب فيه على الإطلاق.
فعلى الرغم من أن بنك وادي السيليكون، الذي هز انهياره في العاشر من آذار (مارس) القطاع المصرفي العالمي، كان يشتهر بخدمة أصحاب رؤوس الأموال المغامرة وشركات التكنولوجيا، إلا أن اتفاقية الشراء التي أبرمها بنك فيرست سيتيزنز استبعدت من الصفقة العملات المشفرة والقروض المدعومة بها.
بنك الإقراض الموجود في نورث كارولينا ليس الوحيد الذي نفر من الأصول الرقمية. بنك نيويورك كوميونيتي، الذي استولى على ما تبقى من بنك سيجنتشر، الذي انهار مباشرة بعد بنك وادي السيليكون، رفض هو الآخر أن تكون له علاقة بالذراع المصرفية الرقمية الأساسية لبنك سيجنتشر. وسيتعين على المؤسسة الفيدرالية الأمريكية للتأمين على الودائع إعادة أربعة مليارات دولار من الودائع مباشرة إلى العملاء.
أبلغني بارني فرانك، عضو الكونجرس الأمريكي السابق، الذي كان عضوا في مجلس إدارة بنك سيجنتشر، بأن البنوك كانت تستجيب للعداء التنظيمي المتزايد للعملات المشفرة في أعقاب انهيار بورصة إف تي إكس للعملات الرقمية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. حتى إنه ذهب إلى حد إلقاء اللوم في المخاوف المتعلقة بالعملات المشفرة على ما عده تسرع الحكومة في وضع يدها على بنك سيجنتشر.
قال "لا أستطيع التفكير في أي سبب آخر لإغلاق سيجنتشر من قبل الجهة المنظمة في نيويورك. إنهم يجعلون من شخص ما عبرة من أجل تثبيط الآخرين، ويقولون ابتعدوا عن العملات المشفرة".
يتفق معه في ذلك داعمو البيتكوين والأصول الرقمية الأخرى. تضج الدردشات عبر الإنترنت وتويتر بتكهنات حول ما يعده بعضهم جهدا منسقا من قبل حكومة الولايات المتحدة لحظر العملات المشفرة تماما. تتضمن النظرية التي يطلق عليها اسم "عملية تشيكبوينت 2.0"، انهيار بنكي سيجنتشر وسيلفرجيت، الأخير بنك مقرض أصغر قام بكثير من أعمال الأصول الرقمية، وسلسلة من الإجراءات التنظيمية.
من جانبهم، يصر المنظمون على أنهم يحاولون فقط التأكد من أن البنوك مستقرة وأن العملات المشفرة لا تسمح بغسل الأموال والجرائم الأخرى. قالت إدارة الخدمات المالية في نيويورك "إن إغلاق بنك سيجنتشر لم يكن له علاقة بالعملات المشفرة". بينما قالت مؤسسة التأمين على الودائع "إن البنك خسر 20 في المائة من إجمالي ودائعه في غضون ساعات من انهيار بنك وادي السيليكون، ما أدى إلى استنفاد الأموال فيه مع استمرار طلبات السحب".
مايكل بار، نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، قال في خطاب ألقاه أخيرا حول العملات المشفرة "لم نغفل عن التأثير التحويلي المحتمل لهذه التكنولوجيات في نظامنا المالي. فوائد الابتكار لا يمكن أن تتحقق إلا إذا تم وضع حواجز حماية مناسبة".
لكن المتحمسين للعملات المشفرة لديهم وجهة نظر: يرون أن المواقف الرسمية أصبحت متشددة منذ انهيار بورصة إف تي إكس. كان ينبغي أن تصبح كذلك. ففي الأعوام التي انخرطت فيها الهيئات التنظيمية في الولايات المتحدة في مشاورات لا نهاية لها كانت مخاطر هائلة آخذة في التراكم.
كانت شركة إف تي إكس التي بلغت قيمتها 40 مليار دولار، تعد لاعبا أساسيا في صناعة التشفير. لكن تبين أنها تفتقر إلى الضوابط المالية اللازمة لدرجة أن ملايين من أصول العملاء تم نهبها من قبل المديرين التنفيذيين. وقد أدت الفضيحة وانخفاض أسعار العملات المشفرة إلى تقويض بنك سيلفرجيت: سحب المودعون ثمانية مليارات دولار في الربع الرابع، الأمر الذي أجبره على بيع الأوراق المالية بخسارة فادحة. ثم أدى ذلك في نهاية المطاف إلى تهافت آخر لسحب الأرصدة منه وتصفيته في نهاية المطاف.
الآن تعكف هيئات الرقابة الأمريكية على تسديد ضربات قوية إلى العلات المشفرة. حذر بنك الاحتياطي الفيدرالي وغيره من المنظمين البنوك رسميا في كانون الثاني (يناير)، لتوخي الحذر من "الاحتيال والخداع" ومن وجود "مخاوف كبيرة تتعلق بالأمن والسلامة" عند العمل مع شركات العملات المشفرة.
حاليا، قضايا جهات الإنفاذ تأتي بأعداد كبيرة وبسرعة. تم تحذير منصة كوينبيز لتداول العملات المشفرة، المدرجة في الولايات المتحدة، من أنها قد تواجه اتهامات بانتهاكات تتعلق بالأوراق المالية. ويوم الإثنين، رفعت لجنة تداول العقود الآجلة للسلع دعوى قضائية ضد بورصة باينانس، بزعم أنها تسمح للأمريكيين بتداول مشتقات العملات المشفرة بشكل غير قانوني. تؤكد هيئة الرقابة أن "باينانس" تسهل أيضا الأنشطة غير القانونية. "مثل هيا. إنهم هنا من أجل ارتكاب جريمة"، كما نقل عن كبير مسؤولي الامتثال في الهيئة عن بعض العملاء. رفضت كل من "كوينبيز" و"باينانس" هذه المزاعم.
جيريمي ألاير، الرئيس التنفيذي لشركة سيركل المصدرة للعملات المشفرة المستقرة، التي وضعت احتياطيات حجمها ثلاثة مليارات دولار في بنك وادي السيليكون، حذر من أن الحملة تدفع المتحمسين للعملات المشفرة للتوجه إلى "منصات بدون رقابة، وبنوك يلفها الغموض تماما والتعرض للمخاطر (...) وهذا أمر لا ينتهي على نحو حسن".
هذه المسألة مبالغ فيها قليلا. فبعض البنوك لا تزال تخدم شركات الأصول الرقمية بطرق محدودة. لدى شركة سيركل ودائع كبيرة في بنك بي إن واي ميلون "وهو بنك ينظم ويحمي أصول عملائه" وشراكة مع بنك كروس ريفر في نيوجيرسي.
لكن لا أحد يتقدم بعرض علني ليحل محل بنكي سيجنتشر وسيلفرجيت باعتبارهما البنكين الرئيسين اللذين يركزان على العملات المشفرة. لقد حان الوقت لأن تتخذ الصناعة خيارات صعبة بشأن الأصول الرقمية. تشير بنوك الإقراض، مثل بنك فيرست سيتيزنز، إلى الجانب الذي تريد أن تكون فيه.

الأكثر قراءة