دواعي التدخل في سوق الصرف «2 من 2»

بشأن الحديث عن العامل السادس لدواعي التدخل في سوق الصرف هو انفتاح الحساب الرأسمالي. تتباين درجة انفتاح اقتصادات الأسواق الصاعدة المفتوحة، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بالحساب الرأسمالي. ويمكن للحساب الرأسمالي المفتوح تسهيل التدفقات في الاتجاهين في ظل الظروف العادية، لكن التدفقات الكبيرة في اتجاه واحد خلال أوقات عدم الاستقرار يمكن أن تطغى على قدرة البنك المركزي على تثبيت قيمة العملة. ومع ذلك، من الضروري تجنب التقلبات الكبيرة في سعر الصرف بسبب السهولة التي يمكن أن تحدث بها التدفقات المالية قصيرة الأجل من جانب المقيمين وغير المقيمين استجابة لتوقعات سعر الصرف.
سابعا، انكشاف القطاع الخاص لمخاطر النقد الأجنبي وحجم التحوط من هذه المخاطر. في اقتصادات الأسواق الصاعدة، يجب على البنك المركزي أن يتتبع هذا الانكشاف بدقة، بل ينظمه حتى يضمن أنه لا يشكل أي خطر على الاستقرار الاقتصادي والمالي على المستوى الوطني. ودون هذه الإجراءات الوقائية، يمكن أن يؤدي الضغط على سعر الصرف نتيجة عمليات الشراء المذعورة للنقد الأجنبي إلى إبطال أثر التدخلات في سوق الصرف لدعم العملة.
وحول كفاية الاحتياطيات فإن مستوى الاحتياطيات مهم ليس للتدخل في سوق الصرف فحسب، بل أيضا لغرس الثقة بقدرة دولة ما على شق طريقها في هذا العالم. فالاحتفاظ برصيد كبير بما يكفي من الاحتياطيات يعد أحد الاعتبارات المهمة المتعلقة بالسياسات.
وتتمثل إحدى طرق خفض الطلب على احتياطيات البنك المركزي في تطوير السوق المحلية للعملات الأجنبية، ما يتيح مزيدا من الفرص للقيام بأنشطة الوساطة الخاصة المتعلقة بتدفقات النقد الأجنبي ولطرح أدوات جديدة للتحوط. وهذا من شأنه الحد من تواتر تدخلات البنك المركزي في سوق الصرف. ومن المشكلات الشائعة في أوقات عدم اليقين أن العملة الأجنبية تنضب بسبب الطلب المفرط عليها أو الاكتناز. وفي نهاية المطاف، يجب أن توفر احتياطيات البنك المركزي مرة أخرى آلية الأمان للسوق.
كذلك فإن استدامة الاحتياطيات تعتمد على المصادر التي يتم بناؤها منها. وتعد الاحتياطيات التي يتم بناؤها من فوائض الحساب الجاري وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر أكثر موثوقية عموما من الاحتياطيات التي يتم بناؤها من تدفقات الحافظة قصيرة الأجل. وينبغي بناء الاحتياطيات في أوقات اليسر. وفي الأغلب ما تكون البنوك المركزية في اقتصادات الأسواق الصاعدة عرضة للضغوط السياسية التي تحول الاحتياطيات الحالية إلى أغراض أخرى. وهذا ما يجعل الدول عرضة للمخاطر ويحد من قدرة البنوك المركزية على التدخل في سوق الصرف عندما يتعين عليها ذلك.
وهناك مصادر طارئة للاحتياطيات. وأحد الخيارات في هذا الصدد هو التمويل من صندوق النقد الدولي، لكنه خيار الملاذ الأخير لعديد من الدول، خاصة في آسيا. ولدى الدول أيضا ترتيبات مبادلة ثنائية لتوفير السيولة الطارئة في الدولار أو العملات المحلية. وهناك ترتيب بين اقتصادات رابطة "آسيان+3" لجمع موارد قيمتها 240 مليار دولار يعرف باسم مبادرة شيانج ماي للتعاون متعدد الأطراف يوفر دعم السيولة لاقتصادات المنطقة في أوقات الضغوط الخارجية. لكن هذا الترتيب لم يقلل من رغبة الاقتصادات الأعضاء في بناء احتياطياتها الخاصة لأسباب مختلفة، بما في ذلك استقلال السياسة.
وعندما تنخفض الاحتياطيات، أو تكون التدفقات الرأسمالية كبيرة لدرجة لا يرجح معها نجاح التدخل في سوق الصرف، تكون هناك حاجة إلى مزيد من التدخل المباشر لاستعادة الاستقرار. ويمكن لصناع السياسات النظر بحق في اتخاذ تدابير لتقييد التدفقات المالية. وعديد من العوامل التي تؤدي إلى نجاح التدخل ستؤثر أيضا في تحديد مدى نجاح ضوابط رأس المال. وعلى صناع السياسات الذين يفرضون ضوابط رأس المال توخي الحذر أيضا في توقيت إلغائها ـ فإلغاؤها قبل الأوان يمكن أن يكون محفوفا بالمخاطر مثل إبقائها لفترة طويلة للغاية.
وإذا ما استخدمت ضوابط رأس المال على النحو الصحيح، يمكن أن تكون بمنزلة آلية "فاصل التداول" للحفاظ على الاحتياطيات الأجنبية وتزويد صناع السياسات بمتنفس مؤقت لإجراء الإصلاحات اللازمة للحد من مواطن الضعف ودعم الاقتصاد، دون القلق بشأن عدم الاستقرار الخارجي. وتعد الثقة بالاقتصاد المحلي من الأساسيات الرئيسة التي تجب استعادتها من خلال سياسات ذات مصداقية، وبعد ذلك يمكن تخفيف الضوابط وإلغاؤها تدريجيا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي