قلق المستثمرين يتزايد .. العقارات التجارية تنضم إلى قائمة المخاوف

قلق المستثمرين يتزايد .. العقارات التجارية تنضم إلى قائمة المخاوف

تنضم قروض العقارات التجارية إلى هروب الودائع ومحافظ السندات لتشكل معهما أكبر الأخطار المتصورة التي تواجه البنوك الأمريكية، في وقت يشعر فيه المستثمرون بالقلق إزاء قوة المقرضين في أعقاب انهيار بنك سيليكون فالي وبنك سيجنتشر.
اشتدت الضغوط في سوق القروض العقارية التجارية التي تبلغ قيمتها 5.6 تريليون دولار في الأشهر الأخيرة، حيث أدت سلسلة زيادات في أسعار الفائدة فرضها الاحتياطي الفيدرالي على مدار العام إلى ارتفاع حاد في تكاليف الاقتراض وإضعاف تقييمات العقار. ويخشى محللون من أن أي انخفاض آخر في الإقراض -مثلا، من الشركات الأكثر حرصا على اكتناز الودائع عقب حالتي ذعر مصرفي في أسبوع- يمكن أن يجعل الوضع الحرج أسوأ.
وفقا لمسح عالمي شهري لمديري الصناديق يجريه "بانك أوف أمريكا"، الخوف من حدوث أزمة ائتمانية ـالذي عم أرجاء النظام المالي العالميـ تجاوز التضخم هذا الشهر ليصبح أكبر مصدر لقلق المستثمرين.
آلاف البنوك الصغيرة والمتوسطة التي تشكل الجزء الأكبر من المقرضين الأمريكيين تمثل نحو 70 في المائة من قروض العقارات التجارية، وفقا لمحللي "جيه بي مورجان".
معظم هذه المنتجات لا يعاد تجميعها وتقديمها إلى أسواق التوريق المدعومة بالأصول، لذا تظل في سجلات البنوك. وتشكل العقارات التجارية 43 في المائة من إجمالي إقراض البنوك الصغيرة، مقابل 13 في المائة فقط للبنوك الكبرى.
قال تشونج سين، محلل التوريق في "جيه بي مورجان"، "انهيار بنك سيليكون فالي يضع عدسة مكبرة على البنوك الإقليمية. لا تزال سجلات قروضها العقارية التجارية مجالا يثير قلقا كبيرا"، وأضاف "توافر الائتمان لمقترضي العقارات التجارية كان بالفعل تحديا هذا العام"، محذرا في مذكرة للمستثمرين من أن تراجعا في الإقراض بين البنوك الصغيرة يخاطر بإحداث "أزمة ائتمانية في أسواق العقارات التجارية الثانوية والأسواق الصغيرة".
شراء "نيويورك كوميونيتي بنك" الأسبوع الماضي أصولا بقيمة 39 مليار دولار من منافسه المنهار "سيجنتشر" لم يشمل أيا من أعماله العقارية، وهي خطوة قال "نيويورك كوميونيتي بنك"، "إنها جزء من جهوده للتنويع بعيدا عن إقراض العقارات التجارية".
مع ذلك، أشار محللون إلى أنهم لا يتوقعون انهيارات فورية في القطاع لأن آثار ارتفاع أسعار الفائدة لا تظهر إلا ببطء.
قال جاري تينر، كبير محللي الأبحاث في مجموعة دي ايه ديفيدسون للخدمات المصرفية الاستثمارية، التي تغطي أكثر من مائة بنك أمريكي "أوافق على أن الائتمان هو الأمر التالي على الرادار حين ننظر إلى بقية هذا العام والعام المقبل. يعتمد هذا على مجال انكشافات بنك ما، لكني لا أعتقد أنه يبدأ من منظور خسارة الائتمان بعد".
عند سؤاله عن آرائه حول مخاطر العقارات التجارية، قال جاي باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، في مؤتمر صحافي الأربعاء، "إن البنك المركزي كان على علم بالتركز في القطاع، لكنه لا يعتقد أن المشكلة مماثلة للضغوط الأخرى التي مرت بها البنوك".
ينظر إلى المكاتب على أنها المنطقة الأكثر خطورة بعد أن قلص المستأجرون المساحة لتعكس شعبية العمل من المنزل بعد عمليات الإغلاق خلال الجائحة. وفقا لوكالة التصنيف "موديز"، ارتفعت معدلات الشواغر في الأسواق الـ25 الكبرى منذ 2019. في سان فرانسيسكو، المدينة الأكثر تضررا، كان نحو 19 في المائة من المساحة شاغرة في نهاية 2022، ارتفاعا من 5 في المائة قبل ثلاثة أعوام.
حالات التخلف عن السداد من جهات بارزة سلطت الضوء على احتمال التعرض لضغوط. توقفت شركة بروكفيلد العقارية الكندية العملاقة الشهر الماضي عن تسديد دفعات قروض بقيمة 734 مليون دولار تغطي برجين إداريين رئيسين في لوس أنجلوس، في حين قالت "آر إكس آر"، أحد أكبر مالكي المكاتب في نيويورك، "إنها تتفاوض مع المقرضين لإعادة مفاتيح مبنيين، في اعتراف بأنهما لم يعودا مجديين من الناحية المالية.
أعرب أحد المطورين في نيويورك عن دهشته من استعداد منافسين كبار للتخلي عن عقارات للمقرضين لأنهم بذلك، كما جادل، أعطوا الآخرين حجة ليحذوا حذوهم. قال "ستكون هناك مناقشات صعبة كثيرة في الأعوام القليلة المقبلة".
بصورة عامة، كانت البنوك أكثر تحفظا في إقراضها منذ التجاوزات التي تسببت في الأزمة المالية عام 2008، لكن انخفاض الأسعار قد تنجم عنه مشكلات إذا تضخمت معدلات القرض إلى القيمة التي كانت متواضعة ذات يوم، كما قال أندرو سكاندالوس، الرئيس المشارك لشركة جيه إل إل كابيتال ماركتس. يمكن أن يؤدي ارتفاع المعدلات إلى زيادة متطلبات رأس المال التنظيمية، ما يضيق المجال لاحقا أمام أي تمويل جديد.
وأضاف سكاندالوس "يحتاج مجتمع الإقراض إلى الاعتراف بالانخفاضات الحادة والبالغة التي حدثت في تقييمات المكاتب. سيتأثر الجميع تقريبا".
بدأت البنوك بالفعل في رفع مستوى القروض الجديدة. في نهاية العام الماضي شدد ثلثا المقرضين تقريبا شروط صفقات البناء وتطوير الأراضي، بينما كان أكثر من نصفهم يرفع أيضا معايير المباني السكنية وكذلك العقارات التجارية غير السكنية الأخرى، وفقا لمسح الاحتياطي الفيدرالي ربع السنوي لكبار مسؤولي القروض.
قال جون فريزر، رئيس الائتمان المهيكل العالمي في مجموعة تيكهاو كابيتال "لقد أصبح تأمين رأس المال أكثر صعوبة، ولا سيما في أنواع الرافعة المالية التي سعى إليها المستثمرون العقاريون على مر التاريخ. هذا لا يثبط التطوير العقاري فحسب، بل يمكن أن يؤثر في إعادة التمويل".
ومما يضاعف الأخطار التي يتعرض لها المشغلون التجاريون وممولوهم أيضا، بطء سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري التجاري، التي تضغط على قدرة البنوك على توفير مال للإقراض من خلال إخراج القروض الحالية من سجلاتها.

الأكثر قراءة