الترقب يسود أسواق النفط .. أنظار التجار صوب قرارات الفيدرالي واجتماع «أوبك+» مطلع أبريل
استمرت الأزمة المصرفية العالمية في تأثيرها الواسع في قطاع الخام حيث أدى انهيار بنك سيليكون فالي الأمريكي إلى انخفاض أسعار الخام بشكل كبير وسط تنامي المخاوف من تكرار سيناريو الأزمة المالية العالمية في 2008.
ويواجه تجار النفط الخام الأزمة بالتمسك بنهج الانتظار والترقب بينما تتجه أنظار السوق النفطية إلى اجتماع وزراء مراقبة خفض الإنتاج في تحالف "أوبك+" في 3 أبريل المقبل ومدى إمكانية مراجعة الاتفاق الحالي لخفض الإنتاج المطبق منذ نوفمبر الماضي الذي يقضي بخفض الإنتاج مليوني برميل يوميا بمشاركة 23 منتجا ويستمر الاتفاق على مدار العام الجاري.
ويقول لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون إن تجار النفط يدرسون احتمالية تكرار حدوث أزمة مصرفية عالمية جديدة مماثلة لما حدث في 2008 رغم اختلاف الظروف الاقتصادية والمعطيات الدولية بين الفترتين حيث يتقلص الطلب على الهيدروكربونات لكن هيكل السوق المختلف يشير إلى أن الأسعار قد تكون أكثر مرونة في مواجهة الاضطرابات المالية.
وذكر المحللون أن الانهيار المفاجئ لبنك سيليكون فالي في الولايات المتحدة والاستحواذ الطارئ على بنك "كريدي سويس" من جانب البنك المركزي السويسري دفع أسعار النفط الخام نحو الانخفاض بشكل حاد حيث أدت الأزمة المصرفية إلى تضخيم مخاوف الركود العالمي كما أدى انخفاض الأسعار إلى زيادة احتمالية تدخل "أوبك+" للحفاظ على توازن الأسواق.
وأوضحوا أن من المتوقع تسجيل مزيد من التقلبات بينما تتجه أنظار السوق إلى اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي اليوم وإعلانه سياسته النقدية في إطار جهود مكافحة التضخم.
وفي هذا الإطار، يقول سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية إن الأزمة المصرفية الراهنة مثل الأزمات السابقة تؤدي إلى حالة من التقلب الشديد في أسواق الطاقة خاصة مع تدخل الإدارة الأمريكية لإنقاذ البنوك من حالة التعثر لكن تجار النفط يرون أن من السابق لأوانه التنبؤ بأن حالة عدم اليقين الحالية التي تصيب البنوك حاليا قد تتحول إلى عدوى اقتصادية على مقياس مما شهدناه في 2008.
ولفت إلى أن سوق النفط الخام تكافح ضد عديد من العوامل الهبوطية والمخاطر غير المسبوقة التي وقعت في الأعوام الثلاثة الماضية، مشيرا إلى تأكيد شركة "فيتول" أن أسواق الطاقة ستبقى مهددة بكثير من المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية وهو ما يتطلب الاستمرار في إدارة الأعمال والمراكز المالية بعناية وكفاءة عالية.
ويرى، روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات أن وضع السوق النفطية ليس قاتما على نحو واسع كما يتصور البعض لأن هناك كثيرا من النقاط المضيئة التي تحفظ التوازن في السوق ولعل من أهمها أن الطلب على النفط ينمو بمقدار مليوني برميل يوميا هذا العام بفضل العودة المستمرة للصين والنقل الجوي الذي يفوق أي مخاوف من أزمة مصرفية.
وأشار إلى أن الأسواق تترقب خطوة "أوبك+" المقبلة في اجتماع أبريل، حيث اعتادت السوق على تدخل أوبك الحاسم في أوقات الأزمات مثلما حدث في 2008 حيث تحركت أوبك لإزالة البراميل من السوق لدعم تعافي واستقرار الأسعار، موضحا أن السوق في الفترة الحالية تتمتع بإحساس أقوى بالنمو الاقتصادي والطلب الذي يدعمها.
ويتفق ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز مع أن السوق النفطية تحتفظ بقدر جيد من التفاؤل والكفاءة في التعامل مع الأزمات الاقتصادية الدولية الطارئة، مشيرا إلى أهمية الإجراءات السريعة التي تم اتخاذها للحد من تداعيات من انهيار بنك سيليكون فالي في الولايات المتحدة كما أن القوة الأساسية للاقتصادات في الدول المستهلكة الرئيسة ستساعد الأسواق على تجنب حالة الهبوط الحاد. وسلط الضوء على بيانات صادرة عن بنك جولدمان ساكس تشير إلى أن الولايات المتحدة وأوروبا ستنجحان في تجنب الركود نظرا لارتفاع احتياطيات رأس المال لديهم نسبيا في النظام المصرفي ودعم السياسات المالية المستمرة عالية الكفاءة لكنه استبعد العودة إلى مستوى 100 دولار للبرميل على مدار العام الجاري.
أما ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام فتقول إن الاضطرابات الاقتصادية الراهنة دفعت أسعار النفط الخام إلى أدنى مستوى لها في 15 شهرا وذلك مع تصاعد الأزمة المصرفية التي زعزعت الثقة في جميع الأسواق، لافتة إلى وجود تأثير طويل الأجل من المخاوف الأخيرة من تراجع توقعات الطلب.
وأشارت إلى أن كثيرا من البنوك الاستثمارية الدولية خفضت توقعاتها لأسعار خام برنت خلال العام الجاري وذلك مع تزايد المخاوف من الركود على المدى القريب ونزوح تدفقات المستثمرين، ما أدى إلى تسجيل انخفاض حاد في أسعار النفط الخام وقد تضررت بشدة معنويات المستثمرين خاصة خلال الأسبوع الماضي وسيتطلب الأمر ظهور استقرار في السوق لجذب المستثمرين مرة أخرى.
ومن ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، تحولت أسعار النفط للانخفاض أمس، مع مواصلة الاضطرابات التي تعصف بالقطاع المصرفي منذ أكثر من أسبوع تأثيرها في معنويات السوق.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت تسليم مايو 71 سنتا أو 1 في المائة إلى 73.08 دولار للبرميل بحلول الساعة 05:14 بتوقيت جرينتش. كما هبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 74 سنتا أو 1.1 في المائة إلى 66.90 دولار للبرميل.
وفي الجلسة السابقة، انخفض كل من برنت وغرب تكساس الوسيط بنحو ثلاثة دولارات للبرميل قبل أن يغلقا على ارتفاع. وانتهى عقد الخام الأمريكي لشهر أبريل الثلاثاء، ومايو هو العقد الأكثر نشاطا لذلك الخام.
وخفض "جولدمان ساكس" توقعاته لأسعار النفط، متوقعا أن تثير أزمة انهيار بنك سيليكون فالي أزمة مصرفية تزيد من مخاطر الركود الاقتصادي. وحدد محللو المصرف الأمريكي متوسط سعر النفط عند 94 دولارا للبرميل خلال فترة الـ(12) شهرا المقبلة.
وقال مسؤولون من مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى إن من غير المرجح أن تراجع المجموعة السقف المفروض على سعر النفط الروسي والبالغ 60 دولارا مثلما هو مخطط، مشيرين إلى أن المفوضية الأوروبية أبلغت سفراء دول الاتحاد الأوروبي في مطلع الأسبوع بعدم وجود رغبة ملحة بين المجموعة في إجراء مراجعة فورية.
ومن المقرر أن تعقد "أوبك+" التي تضم أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم وحلفاء بينهم روسيا، اجتماعا في الثالث من أبريل.
ومن جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 70.77 دولار للبرميل أمس الأول، مقابل 74.11 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول انخفاض حاد عقب ارتفاع محدود سابق وإن السلة خسرت نحو 11 دولارا مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 81.88 دولار للبرميل.