تجار الطاقة يكافحون لتقييم مخاطر الركود .. الأزمة المصرفية تثير مخاوف تشديد شروط الائتمان

تجار الطاقة يكافحون لتقييم مخاطر الركود .. الأزمة المصرفية تثير مخاوف تشديد شروط الائتمان

توقع محللون نفطيون استمرار تقلبات أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري، بعد خسائر قياسية في نهاية الأسبوع الماضي عند أدنى مستوى منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بسبب المخاوف التي تحيط بالقطاع المصرفي الأمريكي.
وذكر المحللون، أن الاضطراب الذي يجتاح القطاع المصرفي الأمريكي والدولي بما في ذلك مجموعة "كريدي سويس" المصرفية يهدد بكبح إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة، ما يثير مخاوف بشأن اختلال التوازن بين العرض والطلب في المستقبل، معتبرين أن تشديد شروط الائتمان وانخفاض أسعار الطاقة لديهما القدرة على تقييد الإنفاق الأمريكي على الحفارات ويحدث تغيرا في التوقعات المستقبلية لإمدادات النفط والغاز.
ولفتوا إلى تراجع العقود الآجلة للنفط الأمريكي إلى مستويات لم تشهدها السوق منذ ديسمبر الماضي، حيث غذت المخاوف بشأن مصير بنك كريدي سويس التوترات وذلك بعد انهيار بعض البنوك الأمريكية وتنامي المخاوف الدولية من حدوث أزمة مالية عالمية، مشيرين إلى أن الانخفاض في الأسعار جاء في وقت اختار فيه المنتجون الأمريكيون الذين حصدوا أرباحا مالية غير مسبوقة في العام الماضي إنفاق مزيد على توزيعات الأرباح وإعادة شراء الأسهم أكثر من الإنفاق على المشاريع الرأسمالية.
وفي هذا الإطار، يقول روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش إيه لخدمات الطاقة" إن الطلب الصيني قد ينجح في وقف نزيف الأسعار بسبب أزمة المصارف العالمية وذلك خلال تعاملات الأسبوع الجاري وذلك بعد أن تهاوت أسعار النفط الخام إلى أدنى مستوى في الخسائر الأسبوعية في 15 شهرا.
وأوضح أن الانخفاضات السعرية مقلقة خاصة أنها مرتبطة بمخاوف من سيناريو تكرار الأزمة العالمية المالية التي وقعت في 2008، مشيرا إلى أن قبل وقوع هذه الأزمة كانت هناك مخاوف سابقة أيضا من التباطؤ الاقتصادي، نتيجة الرفع المتكرر لأسعار الفائدة الأمريكية، وأنه عند مستويات الأسعار هذه من المتوقع أن يبقى إنتاج الولايات المتحدة ثابتا نسبيا ولم يعد ينمو وفق التوقعات السابقة.
ويرى، دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة "تكنيك جروب" الدولية، أن حالة الضبابية وعدم اليقين تسيطران على السوق وتؤديان إلى تقلبات متلاحقة، حيث لا يعرف الجميع أبعاد ومدى الأزمة المصرفية الراهنة، مشيرا إلى أن تجار الطاقة يكافحون بصعوبة لتقييم مخاطر الركود المحتمل وتأثيره في الطلب على الطاقة والسلع الأخرى وهذه هي أكبر مشكلة وتحد يواجه السوق النفطية في المرحلة الراهنة.
وأشار إلى أن إغلاق مصافي فرنسية وارتفاع مخزونات النفط الخام يكبحان فرص صعود أسعار النفط الخام، لافتا إلى تداعيات امتداد الإضرابات إلى موانئ النفط الرئيسة، موضحا أن أكبر مصفاتي تكرير في فرنسا أوقفتا عملياتهما مع استمرار تصاعد الاحتجاجات على خطط الحكومة لإصلاح نظام المعاشات التقاعدية.
من جانبه، يقول بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة إن التقلبات السعرية مهيمنة على السوق النفطية بقوة، مع استمرار سعي الإدارة الأمريكية الحثيث من أجل كبح جماح أسعار البنزين، خاصة على المدى القصير.
وأوضح أن أسعار الوقود خاصة البنزين تأثرت كثيرا في الأعوام الأخيرة بعد عوامل ومؤثرات قوية وأهمها طفرة النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة وتسارع وتيرة أنشطة التكسير، ثم أعقب ذلك أزمة جائحة كورونا، ثم حروب أسعار النفط الخام بين بعض المنتجين في فترة من الفترات وهو ما كان له تأثير كبير في أسعار البنزين على مدار الإدارات المتعاقبة في الولايات المتحدة في الأعوام الأخيرة. أما ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة أفريكان إنجنيرينج الدولية فتشير إلى أن أسواق النفط الخام تأثرت بالصعوبات والتحديات التي تواجه الأسواق المالية في المرحلة الراهنة، خاصة ارتفاع معدل التضخم وتصاعد وتيرة الحرب في أوكرانيا ومع ذلك لا تزال دول أوبك متفائلة ويتجلى ذلك في تنامي خطط تكرير وتخزين جديدة يجري تطويرها في عدة دول.
وأشارت إلى أن دول أوبك تشجع بقوة الاستثمار الأجنبي خاصة في مجالات تكرير النفط وفتح آفاق جديدة للشركات العالمية والقطاع الخاص المحلي في هذه الصناعة، لافتا إلى أن التطور الأكثر إيجابية هذا الشهر هو التقارب بين بغداد وحكومة إقليم كردستان اللتين كانتا على خلاف حول عائدات النفط من عمليات النفط في شمال العراق.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي أنهى النفط التعاملات منخفضا الجمعة، متخليا عن مكاسبه المبكرة التي ‏تجاوزت الدولار للبرميل، إذ دفعت مخاوف بشأن القطاع المصرفي الخامين ‏القياسيين لتسجيل أكبر خسائرهما الأسبوعية في شهور.‏ وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 1.73 دولار أو 2.3 في المائة، إلى 72.97 دولار ‏للبرميل عند التسوية، بينما خسر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.61 دولار، ‏أو 2.4 في المائة، ليبلغ 66.74 دولار للبرميل.‏ وانخفض الخامان أكثر من ثلاثة دولارات، مسجلين أدنى مستوياتهما خلال الجلسة. ‏وخسر برنت نحو 12 في المائة، خلال الأسبوع مسجلا أكبر خسارة أسبوعية منذ ديسمبر. وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط 13 في المائة، منذ إغلاق ‏الجمعة الماضي، مسجلة أكبر خسائرها الأسبوعية منذ نيسان (أبريل) الماضي.‏ وقال جون كيلدوف الشريك لدى "أجين كابيتال" في نيويورك "العوامل الأساسية ‏ليست بالسوء الذي تتوقعه السوق هنا لكن هناك مخاوف ألا يكون النفط آمنا كما هو ‏الحال بالنسبة للسيولة أو الذهب".‏

الأكثر قراءة