محللون: معنويات السوق النفطية متماسكة .. خريطة الموردين تتبدل بفعل الحرب
توقع محللون نفطيون استمرار تقلبات أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري، بعد أن ارتفعت في ختام الأسبوع مع تسجيل خسائر أسبوعية، بسبب استمرار شكوك تعافي الطلب الصيني بالتزامن مع زيادة توقعات رفع الفائدة الأمريكية مجددا لمكافحة التضخم في الولايات المتحدة وهو ما ينذر باتساع الركود الاقتصادي.
وأشاروا إلى تراجع أسعار النفط بنسبة 40 في المائة في عام واحد منذ 8 آذار (مارس) من العام الماضي وهو التاريخ الذي شهد تسجيل أعلى مستوى للأسعار في أعقاب اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا وما تسببت فيه موجات تضخم واسعة في أسعار الطاقة عالميا.
وذكر المحللون أن البيانات الاقتصادية الضعيفة حول النشاط الصناعي في الصين وأيضا المخاوف بشأن التباطؤ المحتمل في الاقتصاد الأمريكي أدتا إلى انخفاض أسعار النفط وسط توقعات رفع أسعار الفائدة، حيث يتوقع عديد من كبار تجار النفط أن تزحف أسعار النفط الخام مرة أخرى نحو 100 دولار للبرميل في النصف الثاني من العام الجاري.
وفى هذا الإطار، يقول روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش إيه" لخدمات الطاقة إن التقلبات السعرية تظل مسيطرة على سوق النفط الخام، مع ميل إلى التراجع بسبب مخاوف الركود والشكوك في وتيرة تعافي الطلب الصيني وهو ما أدى بدوره إلى محو مكاسب الحرب في أوكرانيا.
وذكر أن معنويات السوق ظلت متماسكة رغم القيود على إمدادات النفط من روسيا التي نالت من معنويات السوق ووضع التجار بشكل مؤقت، لكن أسعار النفط الخام لم ترتفع حتى بعد حظر الاتحاد الأوروبي وسقوف أسعار مجموعة السبع على النفط الخام والمنتجات البترولية الروسية، التي دخلت حيز التنفيذ منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي بالنسبة للنفط الخام وشباط (فبراير) بالنسبة للمنتجات النفطية.
أما دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة تكنيك جروب الدولية فيرى أن خريطة موردي النفط وأسواق البيع تبدلت نسبيا منذ اندلاع الحرب، لكن الأسعار بقيت في مستوى مستقر نسبيا بسبب تعادل العوامل الصاعدة والهابطة في التأثير في مسار أسعار النفط، حيث قامت روسيا بتغيير مسار صادراتها النفطية إلى آسيا، بينما تشتري أوروبا مزيدا من النفط الخام والمنتجات من الشرق الأوسط وآسيا والولايات المتحدة.
وأشار إلى أن السوق تترقب اجتماع مجموعة مراقبة الإنتاج الوزارية في تحالف "أوبك +" مطلع الشهر المقبل وسط توقعات بالحفاظ على تنفيذ اتفاق خفض الإنتاج القياسي المطبق منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي الذي يقضي بخفض إنتاج المجموعة البالغ عددها 23 منتجا بنحو مليوني برميل يوميا وتستمر التخفيضات – على الأرجح – على مدار العام الجاري.
ومن ناحيته، يقول بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة إن التقلبات مستمرة حيث تتجه أنظار المعنيين في السوق إلى بيانات التضخم والتصنيع والتوظيف والنشاط التجاري في كل من الولايات المتحدة والصين - أكبر اقتصادين في العالم – مشيرا إلى أن هذه العوامل والبيانات تعد حاليا هي المحركات الأساسية لسوق العقود الآجلة للنفط الخام.
وعد أن قضية الرفع المتكرر لأسعار الفائدة الأمريكية هي عنصر بارز أيضا ومهيمن على السوق حيث يراقب بنك الاحتياطي الفيدرالي عن كثب كل مستجدات بيانات اقتصادية في الولايات المتحدة لقياس ما إذا كان سيعمل على تسريع أو إبطاء وتيرة رفع أسعار الفائدة، مرجحا أن تدفع البيانات الاقتصادية الأمريكية والتضخم المرتفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى زيادة أسعار الفائدة أكثر مما كان متوقعا في البداية، ما يزيد من احتمالات حدوث تباطؤ وركود اقتصادي واسع في الأشهر المقبلة.
وتؤكد أرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة أفريكان ليدرشيب الدولية على أن محركات الطلب في موضع اهتمام السوق في المرحلة الراهنة، لأن انتعاش الطلب العالمي كفيل بدعم أسعار النفط على نطاق واسع، حيث تعد الصين والهند في طليعة محركات الطلب، مشيرة إلى أن سوق العقود الآجلة للنفط تراقب الاتجاهات الاقتصادية في الصين التي أعيد فتحها بعد ما يقرب من ثلاثة أعوام من عمليات الإغلاق، بسبب سياسة صفر كوفيد. ومن المتوقع أن تشهد انتعاشا في النمو الاقتصادي وارتفاع استهلاك النفط الخام خلال هذا العام.
وذكرت أن التقلبات السعرية مؤثرة كمكون بارز في السوق خلال العام الجاري في ظل وجود عديد من العوامل الداعمة والكابحة للأسعار في الوقت نفسه وهو ما يسحب سوق النفط في اتجاهين متعاكسين، كما أدى هذا الوضع المتأرجح إلى بقاء أسعار النفط الخام عالقة في نطاق ضيق يراوح بين 80 و85 دولارا للبرميل بالنسبة لخام برنت.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 1 في المائة الجمعة بعد بيانات التوظيف الأمريكية التي جاءت أفضل من المتوقع، لكن الخام تعرض لخسائر أسبوعية بسبب المخاوف حيال سياسة الفائدة من جانب الفيدرالي الأمريكي. وارتفع خام برنت 1.19 دولار أو 1.5 في المائة إلى 82.78 دولار للبرميل، وبلغت خسائره الأسبوعية 3.5 في المائة. وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 96 سنتا أو 1.3 في المائة إلى 76.68 دولار للبرميل، وسجل خسارة أسبوعية بنسبة 3.7 في المائة. وخيمت التوقعات برفع أسعار الفائدة في أكبر اقتصاد في العالم وفي أوروبا على توقعات النمو العالمي ودفعت كلا الخامين القياسيين للانخفاض هذا الأسبوع. ومع ذلك، قد يكون لدى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سبب أقل لرفع أسعار الفائدة بشكل حاد أو مرتفع كما كان يعتقد البعض بعد تقرير حكومي الجمعة أعاد إحياء الآمال في تخفيف التضخم وسط علامات على عودة سوق العمل المضطرب إلى طبيعته. من جانب آخر.. انخفض إجمالي عدد الحفارات النشطة في الولايات المتحدة بمقدار ثلاثة هذا الأسبوع حيث انخفض إجمالي عدد الحفارات إلى 746 هذا الأسبوع - 83 منصة أعلى من عدد الحفارات هذه المرة في 2022 و329 منصة أقل من عدد الحفارات في بداية 2019، قبل انتشار الوباء.
وقال التقرير الأسبوعي لشركة بيكر هيوز الأمريكية لأنشطة الحفر إن الحفارات النفطية في الولايات المتحدة انخفضت بمقدار اثنين هذا الأسبوع إلى 590 بعد انخفاضها بمقدار 8 في الأسبوع السابق وانخفضت حفارات الغاز بنسبة 1 إلى 153 بينما ظلت الحفارات المتنوعة على حالها.
وأشار التقرير إلى انخفاض عدد الحفارات في حوض بيرميان بمقدار ستة - وهو أكبر انخفاض منذ أيلول (سبتمبر) كما ارتفعت الحفارات في إيجل فورد بمقدار 1. ولفت التقرير إلى انخفاض إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة إلى 12.2 مليون برميل يوميا للأسبوع المنتهي في 3 مارس، وفقا لآخر تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأسبوعية، كما ارتفعت مستويات الإنتاج في الولايات المتحدة 600 ألف برميل يوميا مقارنة بالعام الماضي.