صناديق التحوط تعزز استراتيجية الاقتصاد الكلي للاستفادة من الأسواق المتقلبة

صناديق التحوط تعزز استراتيجية الاقتصاد الكلي للاستفادة من الأسواق المتقلبة

تعمل صناديق التحوط على تعزيز قدراتها في التداول الكلي العالمي "الذي يتتبع اتجاهات الاقتصاد الكلي"، حيث تسعى إلى الاستفادة من البيئة الأكثر ربحية منذ الأزمة المالية.
ينطوي التداول الكلي على استراتيجية عمرها عقود، اشتهرت من أمثال جورج سوروس ولويس بيكون، على المراهنة على التحركات في السندات العالمية والعملات والأصول الأخرى.
بعد أعوام من العوائد الضعيفة في الأسواق التي هيمنت عليها حوافز البنوك المركزية، تعزز القطاع بالتخفيضات الحادة في أسعار الفائدة خلال جائحة فيروس كورونا ثم عودة التضخم المرتفع والزيادات الحادة في أسعار الفائدة مع فتح الاقتصادات.
من بين الشركات التي توظف متخصصين في هذا المجال شركة شونفيلد وجراهام كابيتال وإكسودس بوينت، مقرهن الولايات المتحدة. يستعد المديرون لتدفق متوقع لرأس المال من المستثمرين الباحثين عن طرق لحماية محافظهم في بيئة من الأسواق المتقلبة وتناقص الدعم من البنوك المركزية.
قال كينيث تروبين، رئيس مجلس إدارة شركة جراهام كابيتال التي تبلغ قيمة الأصول تحت إدارتها 17.5 مليار دولار، التي أسسها في 1994 "لقد كان هناك تحول نموذجي في الاهتمام بالاقتصاد الكلي منذ العقد الماضي حتى الآن، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى نشاط البنوك المركزية".
"كانت أسواق الاقتصاد الكلي تتحرك بجنون، وكان العام الماضي جيدا بشكل خاص، والفرص المتاحة رائعة بالنظر إلى المستقبل"، كما أضاف. عينت الشركة، مقرها ولاية كونيتيكت، خبيرا اقتصاديا ومديرا لصناديق الاقتصاد الكلي وتتطلع إلى إضافة مزيد من المتخصصين في الاستثمار.
في شباط (فبراير)، كشفت "فاينانشيال تايمز" أن صندوق التحوط متعدد الاستراتيجيات شونفيلد كان يوظف بن ميلكمان، مدير استراتيجيات الاقتصاد الكلي في جزر الباهاما، وهو متداول لامع سابق في شركة بريفان هوارد الذي كان حتى العام الماضي يدير شركة لايت سكاي ماكرو. تخطط" شونفيلد" -التي بدأت منذ عامين تقريبا في تعزيز حضورها في التداول الكلي الاستنسابي أو الذي يقوده الإنسان- للتوظيف بقوة في هذا المجال، مع تنويعها بشكل أكبر في هذا المجال.
الشهر الماضي، عينت "إكسودس بوينت كابيتال" التي تدير أصولا قيمتها 13 مليار دولار، باتريك أولسون من لندن، كبير مسؤولي الاستثمار السابق في شركة نكتار أسيت مانجمينت، لإدارة استراتيجية خاصة بالاقتصاد الكلي. كما تعمل شركة إم كيه بي، مقرها نيويورك، على زيادة أعداد الموظفين في الوقت الذي تحاول فيه الاستفادة مما ترى أنه "تحول هيكلي" في الأسواق. كما أطلقت شركة تريوم كابيتال، مقرها لندن، صندوقا خاصا بالاقتصاد الكلي في أواخر العام الماضي، مع إنهاء التسهيل الكمي الذي يشير إلى بداية "حقبة غنية للاقتصاد الكلي العالمي"، وفقا لما قاله دونالد بيبر الرئيس التنفيذي المشارك.
قال أحد القائمين بالتوظيف في صندوق تحوط "إن الطلب على متداولي استراتيجية الاقتصاد الكلي مرتفع بشكل استثنائي، في المجالين الكمي والاستنسابي".
باعتبارها من أقدم استراتيجيات صناديق التحوط، كافحت صناديق التحوط الكلية لأعوام حيث أدت تريليونات الدولارات من تحفيزات البنوك المركزية إلى كبت تقلبات السوق ودفعت أسعار الفائدة إلى ما يقارب الصفر، ما حد من قدرتها على الربح.
لكنها حظيت إلى حد كبير بانتعاش منذ بداية الجائحة، حيث حقق كثير منها مثل كاكستون أسوشييتس وبريفان هوارد أرباحا كبيرة مع خفض أسعار الفائدة على نحو كبير في 2020 في محاولة لإنعاش النمو الاقتصادي.
بينما تضررت بعض الصناديق، خاصة روكوس كابيتال وأودي بشدة من الاضطرابات الكبيرة في سوق السندات في خريف 2021، كان العام الماضي هو الأقوى بالنسبة إلى صناديق الاقتصاد الكلي منذ بداية الأزمة المالية في 2007.
كسبت الصناديق في المتوسط 9 في المائة العام الماضي، ساعدها على ذلك ارتفاع عوائد السندات والدولار القوي، مقارنة بانخفاض قدره 17.7 في المائة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 من حيث العوائد الإجمالية والخسائر الكبيرة التي تكبدها كثير من صناديق إدارة الأسهم.
من بين أكبر الرابحين في استراتيجية الاقتصاد الكلي شركة سيتاديل المملوكة لكين جريفين، التي حققت 32.6 في المائة في صندوقها للدخل الثابت والاقتصاد الكلي، وهو أفضل عائد سنوي على الإطلاق، وشركة كاكستون أسوشييتس، التي حقق صندوقها للاقتصاد الكلي بإدارة الرئيس التنفيذي أندرو لو ربحا يبلغ 35 في المائة.
أيضا فتحت شركة روكوس، التي كسبت أكثر من 50 في المائة وارتفعت 6.5 في المائة أخرى بالفعل هذا العام، أبوابها أمام الأموال الجديدة وتتطلع إلى تنمية أصولها البالغة 15.5 مليار دولار بنحو ثلاثة مليارات دولار حيث تهدف إلى الاستفادة من فرص التداول الجذابة.
كما وفرت التحولات الكبيرة في أسواق السندات والعملات بيئة مربحة للصناديق القائمة على الحاسوب التي تراهن على هذه الاتجاهات في الأسواق العالمية. أفادت مان جروب، إحدى أكبر شركات صناديق التحوط في العالم، الأسبوع ما قبل الماضي أن معظم أتعابها في أداء 2022 التي تبلغ 779 مليون دولار قد تم تحصيلها من صناديقها الكلية المنهجية.
قال لوك إليس، الرئيس التنفيذي لـ"مان جروب"، في إشارة إلى التحركات الكبيرة في الأسواق العالمية "إن التشتت الكلي يأتي من البنوك المركزية والحكومات، ما يوفر فرصا لـ(ذراع التداول الكمي التابعة للمجموعة) إيه إتش إل".
كسب صندوق دي بي إم إف التابع لشركة دايناميك بيتا الاستثمارية الأمريكية 23.5 في المائة العام الماضي وتضاعفت أصول الشركة أكثر من ثلاث مرات لتصل إلى نحو 2.2 مليار دولار. لم تعد الأسواق مقيدة من البنوك المركزية، ما يعني أن الاتجاهات التي تزدهر فيها مثل هذه الصناديق من المرجح أن تبقى لأعوام، كما قال بول بريتون، الرئيس التنفيذي لشركة كابستون التي تبلغ قيمة أصولها 8.6 مليار دولار، التي وظفت متخصصين في متابعة الاتجاهات السائدة وتداول العملات.
على الرغم من العوائد القوية، عانت صناديق الاقتصاد الكلي أربعة أعوام متتالية تدفقات المستثمرين إلى الخارج، وفقا لمجموعة إي فستمنت للبيانات. من المحتمل أن يكون هذا مدفوعا من المستثمرين الذين قللوا من مخصصاتهم استجابة لأعوام من العوائد الضعيفة، بينما قلص بعض المستثمرين العام الماضي مخصصات استراتيجية الاقتصاد الكلي التي نمت بشكل كبير جدا في محافظهم مقارنة بالأسهم والسندات، التي انخفضت أسعارهما بشدة.
لكن يعتقد كثيرون أن الصناديق الكلية من المرجح أن تستمر في كونها الفائز الأكبر في البيئة الحالية للسوق.
قال جون سيدلاك الثالث، كبير مديري الاستثمار في شركة أبردين "إننا نرى حاجة إلى استراتيجية الاقتصاد الكلي في جميع محافظنا الاستثمارية. أسعار الفائدة المرتفعة تتوافق مع عوائد أفضل لهذه الاستراتيجية".
في استطلاع حديث للمستثمرين الذين يديرون أصولا بقيمة 1.4 تريليون دولار، وجد بنك بي إن بي باريبا أن استراتيجية الاقتصاد الكلي كانت الأفضل أداء في العام الماضي، وهي الآن إحدى أكثر الاستراتيجيات شيوعا للتخصيص لها.
قال مارلين نايدو، الرئيس العالمي لاعتماد رؤوس الأموال في البنك "يركز المستثمرون بشكل خاص على التحول النموذجي وما يحدث في الأسعار والتضخم. واستراتيجية الاقتصاد الكلي في وضع جيد للغاية للاستفادة من ذلك".

الأكثر قراءة