رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


دول خارج النطاق

شكل ارتفاع معدلات الفقر في كثير من الدول إحدى الظواهر العالمية، وتعاني شعوب الدول الفقيرة عدم حصول الفرد فيها على احتياجات الحياة الأساسية كالطعام، والملبس، والسكن، والتعليم، والصحة، وينتج عن الفقر كثير من الآثار السلبية وارتفاع نسبة الأمية في المجتمع من خلال تسرب الأطفال من المدارس للعمل، والتشوهات الاجتماعية كالانحراف، والتصدعات الأسرية، وارتكاب الجريمة كالسرقة، والقتل، والاعتداء على حقوق الآخرين، وظهور الأمراض النفسية والجسدية.

كما نعلم من خلال تصنيف الخبراء الاقتصاديين، فإن الدولة الفقيرة هي دولة ذات مستوى اقتصادي منخفض جدا أو شبه منعدم، وانخفاض الناتج المحلي للفرد عن نحو 600 دولار، إضافة إلى تدني مستويات الرعاية الصحية، والتعليم، والغذاء الصحي فيها مع معاناتها استنزاف وتدهور مواردها الطبيعية، وقد عرفها البنك الدولي بأنها (تلك الدول التي ينخفض فيها دخل الفرد عن 600 دولار، وعددها 45 دولة، يقع معظمها في إفريقيا، منها 15 دولة يقل فيها متوسط دخل الفرد عن 300 دولار سنويا).
ومن هذا المشهد لنوعية هذه الدول، فإن الخطوة الجديدة التي أقدمت عليها الأمم المتحدة من خلال ذراعها "وكالة الاتصالات"، لإيصال الإنترنت وخدماتها إلى عدد أكبر من سكان الدول الفقيرة، أو تلك التي توصف بالأشد فقرا، تعد نقطة تحول جديدة على طريق ضم أكبر عدد من سكان الأرض إلى الشبكة الدولية، والاستفادة من خدماتها، ولا سيما تلك التي ترتبط بالمعلومات والتنمية البشرية حتى الرعاية الصحية، والأعمال وغير ذلك مما توفره الإنترنت عموما.

وهذه الخطوة، أتت في الواقع بعد تجارب سابقة أجرتها بعض شركات التكنولوجيا العملاقة مثل فيسبوك، بوضع أقمار اصطناعية على مستويات منخفضة فوق الدول التي تفتقر لخدمات الاتصالات والإنترنت، لتوفير الخدمة الخاصة بهذه الشركة.
ويبدو واضحا، أن الأمر بات مقلقا كثيرا جراء بقاء ملايين البشر خارج نطاق شبكة الإنترنت، حتى إن هذا الأمر دخل ضمن جداول عدد من التجمعات الدولية، بما فيها مجموعة العشرين وغيرها.

وتستهدف خطوة وكالة الاتصالات التابعة للأمم المتحدة، عددا من الدول في القارة الإفريقية التي تعاني حقا شحا كبيرا في خدمات الشبكة الدولية.

والفكرة بسيطة، ويعتمد تنفيذها على نشر أقمار اصطناعية منخفضة العلو، وفق المناطق المستهدفة، الأمر الذي يوفر خدمات الشبكة الدولية للملايين في هذه المناطق.

ويعود ذلك أيضا، إلى أن الأرقام الخاصة بعدم توافر هذه الخدمات للملايين كبيرة.

فوفق المنظمة الدولية، فإن 36 في المائة فقط من سكان الدول الأشد فقرا والبالغ عددهم 1.25 مليار نسمة يمكنهم الوصول إلى الإنترنت، في حين أن أكثر من 90 في المائة من سكان الاتحاد الأوروبي يتمتعون بالوصول إلى الشبكة الدولية بأسعار رخيصة وفي كثير من الحالات يحصلون على خدمات الإنترنت مجانا.
والمثير في الأمر، أنه على الرغم من الجهود والتحركات في هذا المجال الحيوي، إلا أن الفجوة هائلة في الاتصالات على المستوى العالمي، وفق مؤشرات ومعايير الاتحاد الدولي للاتصالات.

وهذا ما يجعل التحرك الأخير للجهات العالمية المعنية ضروريا، ويتطلب دعما بلا حدود من الدول الكبرى التي تسهم في توفير المساعدات للدول الفقيرة عموما.

يبدو أن التحرك الأخير سيشهد تقدما سريعا، وذلك بتعهدات قدمتها بعض شركات التكنولوجيا العملاقة مثل مايكروسوفت، ليس فقط بتوفير المعلومات على الشبكة الدولية وخدماتها، بل بالمساهمة المباشرة في تشييد البنى التحتية المطلوبة في الدول التي تحتاج إليها من أجل تأمين الاتصال العالمي.

فالمسألة لا تتعلق فقط ببعض الأقمار الاصطناعية التي تدور بمستويات منخفضة حول الأرض، بل تتضمن أيضا بناء أساس تكنولوجي تحتاج إليه الدول المستهدفة.
وبالطبع، فإن تأمين هذه الخدمات وتوزيع الأقمار الاصطناعية والأجهزة المعززة لها، سيؤدي إلى تغيير سريع في الدول الفقيرة، ولا سيما الإفريقية منها، فضلا عن أنه يعزز الآمال في هذه الدول، ويضعها ضمن السياق الدولي في الوصول إلى المعلومات والخدمات الضرورية.

ففي غضون عامين تقريبا، سيتمكن ما لا يقل عن 100 مليون إفريقي من الوصول إلى الشبكة الدولية، عبر خدمات الأقمار الاصطناعية، التي أعلنت مايكروسوفت الالتزام بها.

وهذا ما يشجع على تفعيل مزيد من المشاريع في هذا الميدان، من الآن حتى نهاية العقد الحالي، وتضييق الفجوة بصورة قوية.

فالمخططات التي تم التعهد بها من قبل شركات التكنولوجيا العملاقة، تتضمن إرسال آلاف الأقمار الاصطناعية إلى مدارات بين 400 و700 كيلو متر فوق سطح الأرض، الأمر الذي سيدعم التحول الرقمي الحقيقي في دول ومناطق لا تزال خارج نطاق الاتصال الدولي المتطور.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي