جاذبية مصرفية التجزئة الأمريكية تغري البنوك الأجنبية

جاذبية مصرفية التجزئة الأمريكية تغري البنوك الأجنبية

بالنسبة إلى معظم المقرضين في الخارج، كانت الخدمات المصرفية للأفراد في الولايات المتحدة مقبرة للأحلام الفاشلة. منجذبين إلى حجم أمريكا، وثروتها، ونموها الاقتصادي، جرب كل من بنك إتش إس بي سي، وبنك آر بي إس "الآن بنك نات ويست" المدرجين في المملكة المتحدة، وبنك بي بي في أيه الإسباني فرصه قبل أن يستسلم. وانضم بنك بي إن بي باريبا الفرنسي رسميا إليها الشهر الماضي.
لكن لا تزال بعض البنوك الأجنبية مقتنعة بقدرتها على جني الأموال من المستهلكين الأمريكيين في سوقهم الهائلة. ضاعف بنك مونتريال امتياز الخدمات المصرفية للأفراد في الولايات المتحدة إلى أربعة ملايين عميل الشهر الماضي عبر استحواذه على بانك أوف ذا ويست من بنك بي إن بي مقابل 16.5 مليار دولار. وجعل بنك سانتاندر الإسباني تعزيز بنكه الأمريكي، الذي لديه 4.5 مليون عميل، جزءا مهما من عرضه خلال مناسبة يوم المستثمر الأسبوع الماضي.
بشكل عام، كافحت البنوك الأجنبية للمنافسة في الخدمات المصرفية للأفراد في الولايات المتحدة. لكن دون وجود شبكة فروع متقدمة، من الصعب ترك انطباع لدى العملاء المحتملين. وحتى البنوك الإقليمية ذات الحجم الجيد تكافح من أجل مواكبة تكلفة المتطلبات التنظيمية والحاجة إلى تكنولوجيا جديدة.
غالبا ما كان لدى المغامرين الأجانب علاقات على مستوى العالم، لكن هذا يساعد بدرجة أقل بالنسبة إلى الأفراد مقارنة بالخدمات المصرفية الاستثمارية والخدمات المصرفية المؤسسية وحتى إدارة الثروات. تختلف منتجات الخدمات المصرفية للأفراد بشكل كبير من بلد إلى آخر، ما يحد من القدرة على تقاسم التكاليف. حتى عندما يجذب المقرضون الودائع، فإن إيجاد طرق لتوظيفها بشكل مربح أمر معقد بسبب القواعد الأمريكية التي تهدف إلى إبقاء رأس المال محليا.
لماذا يعتقد بنك سانتاندر وبنك بي إم أوه أن الأمر يستحق محاولة التغلب على الصعاب؟ جزئيا بسبب نقص الخيارات وجزئيا للاعتقاد أن التكنولوجيا غيرت المعادلة. يحتاج كل بنك للعثور على مصادر جديدة للنمو ويعتقد كل بنك أن الخدمات المصرفية الرقمية يمكن أن تساعد على حشد النطاق لتحقيق النجاح في الولايات المتحدة. لكن العقبات التنظيمية والتحديات الاقتصادية في الانتظار.
كان بنك بي إم أوه، رابع أكبر مقرض كندي، يقوم بعمليات استحواذ في الولايات المتحدة على مدى أربعة عقود، إلا أنه الآن فقط بدأ يسعى إلى نطاق وطني. وعلى الرغم من أن العائد على الأسهم في الخدمات المصرفية الأمريكية أقل عموما مما هو عليه في موطنه، إلا أن بنك بي إم أوه يجادل بأن السوق هدف منطقي. يتيح شراء بانك أوف ذا ويست الآن بنك بي إم أوه المضي قدما في خطة نمو تقليدية. وتضاعف الصفقة شبكته إلى أكثر من ألف فرع وتمنحه موطئ قدم في سوق كاليفورنيا الضخمة و31 ولاية أخرى. وفي محاولة إضافية لتعزيز التعرف على اسمه، وافق بنك بي إم أوه على دفع مائة مليون دولار لتسمية ملعب كرة القدم في لوس أنجلوس باسمه.
ويختار بنك سانتاندر استراتيجية أضيق مبنية على الخدمات المصرفية عبر الإنترنت وقروض السيارات. كما يخطط لخفض عروضه من منتجات الخدمات المصرفية للأفراد من 314 إلى أقل من 20 واستخدام التطبيق الرقمي المطور من أجل أوروبا لخفض التكاليف. وقد أوقف تقديم قروض الرهن العقاري الجديدة واشترى أسهم الأقلية من المستثمرين في وحدته الاستهلاكية في الولايات المتحدة. وتسمح له هذه الخطوات بتوجيه الودائع إلى قروض السيارات والمنافسة بشكل مربح ليس في مجال المقترضين ذوي الائتمان الضعيف فحسب، بل في مجال أولئك الأقل عرضة للتخلف عن السداد لكن يطالبون أيضا بأسعار فائدة منخفضة.
تقول آنا بوتين، الرئيسة التنفيذية "لن نضع رأس المال في المجالات التي لا ننافس فيها". وتضيف أن "ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة يساعد على جعل الخدمات المصرفية للأفراد أكثر ربحية مما كانت عليه منذ عقود، ويمكن لبنك سانتاندر التغلب على الصعاب، لأن لدينا شيئا لا يمتلكه أي شخص آخر، النطاق العالمي في مجال إقراض السيارات".
لكن قد لا يكون هذا أفضل وقت للتوسع. يدرس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الذي يشعر بالقلق من أن البنوك الإقليمية الكبيرة قد تهدد الاستقرار المالي، احتمال وضع قواعد من شأنها رفع التكاليف على البنوك التي تنمو بشكل كبير للغاية. لدى بنك بي إم أوه الآن أكثر من 250 مليار دولار من الأصول الأمريكية، ما يضعه بشكل مباشر في بؤرة اهتمام الاحتياطي الفيدرالي. وقد شعر المنافس الكندي، بنك تي دي، بالضغوط بالفعل: واجه استحواذه على بنك فيرست هورايزون الذي يتخذ من ممفيس مقرا له وتبلغ قيمته 13.4 مليار دولار، عقبات تنظيمية، ما أدى إلى تأخير موعد إتمام الصفقة إلى أجل غير مسمى.
وواجه بنك سانتاندر مشكلة في اختبارات الإجهاد الأمريكية وكان هذا قبل إعفاء البنوك الخارجية الأصغر حجما من الاختبار ويمكن أن يؤدي مزيد من النمو إلى مزيد من التدقيق. كما أنه يعتمد على قروض السيارات في وقت يعاني فيه عدد أكبر من المقترضين. وبلغت حصة قروض السيارات الأمريكية التي كانت منخفضة بشدة في كانون الثاني (يناير) أعلى مستوى لها منذ عام 2006 مع ارتفاع حالات التخلف عن السداد. وتظهر مخاطر الركود بالفعل في نتائج بنك سانتاندر: شكلت الولايات المتحدة 11 في المائة من القروض، لكن 17 في المائة من الأموال نحيت جانبا لتغطية الخسائر بدءا من كانون الأول (ديسمبر).
لا تزال بوتين ملتزمة بشدة باستراتيجية الخدمات المصرفية العالمية للأفراد لتمويل خطتها لجذب المستثمرين المتشككين عبر عمليات إعادة شراء الأسهم وتوزيع الأرباح بقيمة 3.8 مليار يورو. وتقول "لا يمكننا أن نكون أوروبا فقط". لقد قطع البنك خطوات كبيرة في المملكة المتحدة وأمريكا اللاتينية، وجنى 15 في المائة من أرباحه من الولايات المتحدة العام الماضي، لتحتل المرتبة الثانية بعد البرازيل. لذا يظل الانجذاب إلى السوق الأمريكية موجودا.

الأكثر قراءة