الخوف على التصنيف يبعد الشركات عن الرفع المالي
الشركات في الولايات المتحدة وأوروبا، التي اقترضت بأسعار زهيدة لأعوام، تواجه الآن عودة خوف كان مألوفا: تخفيض التصنيف.
ارتفعت تكاليف الاقتراض منذ بدأ الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة الأساسية في إطار جهوده لكبح التضخم. الآن يطالب المستثمرون بمدفوعات فائدة سنوية تقارب 9 في المائة سنويا من الشركات الأمريكية ذات التصنيف المنخفض، ارتفاعا من أقل من 5 في المائة في آذار (مارس) 2021.
يعني هذا السعر الكبير أن الشركات عالية التصنيف تبتعد عن تحمل ديون إضافية لتمويل عمليات التوسع أو الاستحواذ، وتعتمد بشكل أكبر على رأس المال السهمي للحفاظ على تصنيفاتها الأصلية.
قال أندرياس بيرنستورف، رئيس أسواق رأس المال الأوروبية في "بي إن بي باريبا" في لندن "الرسالة الكبرى هي أنك تحتاج الآن إلى أسهم أكثر مما كنت تحتاج إليه قبل 18 شهرا لأن تصنيفك مهم أكثر. الوصول إلى السوق بتصنيف دون الدرجة الاستثمارية ليس رائعا. إنه مكلف".
عندما كانت أسعار الفائدة الأساسية منخفضة في الأعوام التي تلت الأزمة المالية، وعندما كانت البنوك المركزية تشتري السندات لدعم النظام، كان بإمكان الشركات عدم القلق إزاء التصنيفات. لكن الآن، حتى شركات درجة الاستثمار الآمنة في الولايات المتحدة يجب عليها أن تدفع ما متوسطه أكثر من 5.7 في المائة لتقترض في سوق السندات، ارتفاعا من 2 في المائة فقط قبل عامين.
الارتفاع الحاد في مدفوعات الفائدة -والفجوة الأوسع في تكاليف الاقتراض بين مصدري درجة المضاربة والدرجة عالية الجودة- يثير مخاوف من احتمال خفض التصنيفات الائتمانية، بينما يقمع الرغبة في المعاملات الممولة بالديون التي قد تعرض التصنيفات للخطر.
"تهتم الشركات الآن بحماية التصنيفات أكثر"، كما قال تيدي هودجسون، الرئيس المشارك لقسم الديون المجمعة في "مورجان ستانلي"، مضيفا "لا أرى أي رغبة في الرفع المالي لعمليات الاندماج والاستحواذ التي تنطوي على خطر تخفيض التصنيفات تحت درجة الاستثمار".
جريج ليموس-شتاين، كبير المحللين في "إس آند بي جلوبال ريتنجز"، لاحظ أن الشركات تجري "عددا أقل من معاملات الاستحواذ الكبيرة ذات الرفع المالي". قال "متى كانت هناك زيادة في أسعار الفائدة، فإنها تعطي أي شركة على الأقل الدافع للتفكير في هيكل رأس المال الأمثل بالنسبة إليها".
العلامات على وجود تضخم مستمر قضت على ارتفاع السندات في أوائل 2023، وتراهن الأسواق الآن على أن أسعار الفائدة الأمريكية ستظل مرتفعة لفترة أطول، تتجاوز 5 في المائة حتى نهاية العام. وهي تراوح الآن في نطاق بين 4.5 و4.75 في المائة.
أدى هذا التحول إلى بعض التقلبات الكبيرة في أسواق السندات، هذه أخبار سيئة لأولئك الذين قد يصبحون مقترضين ذوي تصنيف أقل.
"يمكن لسوق العوائد المرتفعة أن تغلق في أوقات التقلبات"، حسبما قال أرفيند نارايانان، كبير مديري المحافظ في "فانجارد"، مضيفا أن "الشركات تدرك جيدا مسألة التشبث بالوصول إلى تلك السوق عالية الجودة".
وجد تقرير أخير من "إس آند بي جلوبال ريتنجز" أن ربع المقترضين ضمن تصنيف BBB -أولئك الذين في قاع سلم تصنيفات درجة الاستثمار- من قطاع منتجات المستهلك في الولايات المتحدة خفضوا أهدافهم طويلة المدى للرفع المالي على مدى العام الماضي، ويعود ذلك جزئيا إلى أسعار الفائدة المرتفعة. في الوقت نفسه، قال التقرير "إن مزيج تمويل عمليات الاندماج والاستحواذ سيتحول، ومن المحتمل استخدام مزيد من الأسهم".
في المقابل، أدت تكاليف الاقتراض المرتفعة وعدم وضوح التوقعات الاقتصادية إلى دفع شركات أكثر للتفكير في تمويل الأسهم، بما في ذلك السندات القابلة للتحويل. تبدأ السندات القابلة للتحويل حياتها مثل سندات الشركات الأخرى، لكنها تتضمن خيارا يسمح للمستثمرين باستبدال الديون بأسهم إذا ارتفعت أسهم الشركة إلى سعر معين. وهي تتيح للمصدرين الاقتراض بسعر أرخص من السندات العادية، ما يعني أن المخاطر الإضافية لخفض التصنيف ستكون أقل.
انخفضت مبيعات السندات القابلة للتحويل بمقدار الثلثين العام الماضي، لكن الإصدار الشهري في شباط (فبراير) كان الأعلى منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2021، وفقا لبيانات "ريفينيتيف". قالت تامي سيربي، رئيسة أسواق الدخل الثابت في الأمريكتين في "مورجان ستانلي"، "أعيد فتح سوق السندات المتحولة مع ضجة كبيرة".
كانت بعض الشركات سعيدة بإبرام صفقات ممولة بالديون، لكنها تميل إلى أن تكون ذات تصنيفات أعلى أو في قطاعات ينظر إليها على أنها أقل خطورة.
بحسب تيم كوربيس، رئيس تداولات درجة الاستثمار في "ألاينس بيرنشتاين"، "الأسواق كانت مفتوحة على مصراعيها للمقترضين من الدرجة العالية"، مشيرا إلى أن مجموعة أمجين الدوائية أبرمت صفقة سندات بقيمة 24 مليار دولار الشهر الماضي لتمويل استحواذها على "هورايزون ثيرابيوتيكس".
"توجد أنواع الاستحواذات التي تراها في قطاعات يرتاح لها المستثمرون أكثر. قطاعات دفاعية أكثر"، كما قال نارايانان. "كثير منها عبارة عن شركات عالية الجودة تشارك في عمليات الاندماج والاستحواذ، التي لا تحتاج بالضرورة إلى خفض التصنيف للقيام بذلك".
لكن المصرفيين قد يفكرون مليا في التصنيفات الائتمانية للشركات قبل الشروع في بعض المعاملات، خاصة إذا كانت على وشك فقدان وضعها المميز في الدرجة الاستثمارية.