كيف استفادت «سيتادل» من الطقس للمطالبة بعرش صناديق التحوط؟

كيف استفادت «سيتادل» من الطقس للمطالبة بعرش صناديق التحوط؟

في 2018، وظف "سيتادل" لصاحبه كين جريفين مجموعة من العلماء والمحللين الذين كانت توقعاتهم بشأن الطقس أكثر دقة من المجموعات الموجودة في معظم مكاتب الأرصاد الجوية.
كان توظيف الفريق المكون من 20 شخصا غير عادي بالنسبة إلى صندوق تحوط كبير في قطاع يركز إلى حد كبير على الأسهم والسندات والعملات. لكنه كان جزءا مهما من دفعة شركة جريفين التي تبلغ قيمة أصولها 54 مليار دولار لبناء أعمال سلع واسعة النطاق تشمل كلا من العقود الآجلة والتداول المادي.
لقد أتى الرهان الجريء على المواد الخام بثماره، إذ ساعد "سيتادل" على جني مبلغ قياسي قدره 16 مليار دولار في 2022 ليأخذ مكان "بريدج ووتر" كأكثر صناديق التحوط نجاحا على الإطلاق، وفقا للبحث الذي أجرته شركة إل سي إتش إنفستمنتس.
عندما انتعشت سوق الغاز الخاملة تاريخيا وسط رفع عمليات الإغلاق الناجمة عن كوفيد - 19 ثم الحرب الروسية - الأوكرانية، كان "سيتادل" في وضع مثالي لجني مليارات الدولارات من أرباح التداول.
قال بيير أندوراند، مؤسس صندوق التحوط أندورآند كابيتال وواحد من أفضل متداولي الطاقة في العالم: "سيتادل قوي للغاية في مجال الغاز والطاقة. يبذل الصندوق جهده في العرض والطلب. ويأخذ رهانات كبيرة ويحتفظ بها عدة أشهر".
حتى وفقا لمعايير صناعة صناديق التحوط، فإن "سيتادل" متحفظ. يقول المستثمرون خصوصا إن الحصول على تفاصيل صفقات الصندوق كان صعبا منذ وقت طويل بينما، مقارنة بكثير من صناديق التحوط، فإن الاتصالات بين المستثمرين فيه تقدم قليلا من المعلومات نسبيا.
قال متحدث إن الشركة تعقد مئات الاجتماعات الفردية مع المستثمرين وتجري مكالمات مع المستثمرين.
مثل هذا الانكشاف الكبير على السلع جعل "سيتادل" يتفوق على المنافسين في الأعوام الأخيرة، وفقا لأشخاص مطلعين على الشركة الذين قالوا إن صناديقها الرئيسة يمكن أن تدير ربع محافظها الإجمالية أو أكثر في السلع.
قال جيم نيومان، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة ساسكس بارتنرز، التي تقدم المشورة للعملاء بشأن استثمارات صناديق التحوط: "كانت عملية التداول المؤسسي للطاقة والسلع في سيتادل ذات فائدة كبيرة لعامها المذهل بشكل لافت للأنظار".
لم يستثمر معظم منافسي الشركة في السلع بالقدر نفسه بالنظر إلى أن القطاع كان يوفر فرصا أقل جاذبية من الأسهم أو السندات فترة طويلة قبل الجائحة، لا سيما عند تعديلها حسب خطر الخسائر الكبيرة.
حتى إن كثيرا من الشركات، بما في ذلك بريفان هوارد، وأسيتنبيك كابيتال وأرماجارو، أغلقت صناديق السلع في العقد الماضي على خلفية تقلبات الأسعار الجامحة والفترات الطويلة من الأسعار المنخفضة. لدى معظمها الآن انكشاف على السلع بنسبة مئوية من رقم واحد من أصولها، هذا إن كان لديها أي انكشاف أصلا.
دخلت "سيتادل" أعمال السلع في 2002، حيث عينت مجموعة من متداولي شركة إنرون السابقين.
إن انكشافها أعلى بشكل ملحوظ عما كان عليه قبل عقد من الزمان، وفقا لوثائق المستثمرين التي اطلعت عليها "فاينانشيال تايمز"، لذلك عندما تبدأ أسعار السلع في التحرك، يمكنها التفوق على المنافسين. لقد جنت مليارات الدولارات في 2021 فقط من المراهنة على الغاز والطاقة، حسب قول أشخاص قريبين من الشركة.
لقد أثبت العام الماضي أنه أكثر ربحا، حيث أثارت الحرب الروسية - الأوكرانية حالة ذعر في الأسواق بسبب العقوبات ونقص الطاقة. لقد وفرت التقلبات مع ارتفاع الأسعار أولا في آذار (مارس) ومرة أخرى إلى مستوى قياسي في آب (أغسطس) فرص تداول كثيرة.
ساعد الفريق المساعد لكريس فوستر، مدير المحافظ في "سيتادل" للغاز الطبيعي وشخص يشتهر برهاناته القوية، على توليد مليارات الدولارات للصندوق، وفقا للأشخاص المطلعين على الشركة، الذين يقولون إن "سيتادل" جنت سبعة إلى ثمانية مليارات دولار من السلع العام الماضي.
ينجذب جريفين وفريقه من كبار المديرين نحو حجم فئة الأصول، وعلاقتها الضعيفة مع الأسواق الأخرى وتعقيدها. في مجال الغاز، يمكن أن تحدد فرقه الكبيرة من الباحثين المعروض وتحلله في حين توفر كثيرا من مراكز تداول الغاز في جميع أنحاء الولايات المتحدة وخارجها أسعار عديدة يمكن تداولها.
إن التنبؤ بالطلب أصعب بكثير. يؤثر الطقس بشدة في الاستخدام الذي يزيد خلال فصل الصيف بسبب مكيفات الهواء وفي فضل الشتاء بسبب تدفئة المنازل.
هذا هو المجال الذي تتفوق فيه "سيتادل"، حيث يتم تزويد متداوليها بالمعلومات من فريق الطقس الذي يستخدم أجهزة حاسوب فائقة الأداء للتنبؤ ويضم مختصين في مجالات مثل التنبؤ بالعواصف الرعدية والأعاصير الاستوائية. جزء كبير من الفريق يوجد في لندن -مكان جيد للاستفادة من أسعار الغاز والطاقة الأوروبية المتقلبة.
تعزز الفريق في الأعوام الأخيرة مع توظيف أشخاص من الأوساط الأكاديمية. يتخصص رئيس الطقس نيكولاس كلينجامان، الذي كان سابقا يعمل في المركز الوطني لعلوم الغلاف الجوي في المملكة المتحدة، في التوقعات "شبه الموسمية". إن هذه التنبؤات، التي تغطي ما يصل إلى شهرين مقبلين في العادة، أكثر صعوبة بكثير من التوقعات على المدى الأقصر وهي مربحة للغاية إذا كانت دقيقة.
بلغ حجم تداول السلع المادي لـ "سيتادل" التي تتداول المواد الخام ويقودها رئيس تداول السلع السابق في مورجان ستانلي جاي روبنشتاين، أكثر من 1.1 تريليون قدم مكعب من الغاز في 2021 والآن تعد لاعبة رئيسة في مجال الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة.
لعبت مكاسب "سيتادل" من الغاز والسلع الأخرى دورا كبيرا في أدائها القياسي الذي بلغ 38.2 في المائة العام الماضي، ما رفع عائدها السنوي منذ إطلاقها في 1990 إلى 19.7 في المائة. يشار إلى أن نحو 70 في المائة من مستثمري "سيتادل" هم من المؤسسات، من بينها جامعات وخطط معاشات تقاعدية.
قال أندرو بير، العضو الإداري في شركة الاستثمار الأمريكية ديناميك بيتا: "من الواضح أن نسبة 38 في المائة في السنة غير مستدامة. من ناحية أخرى، إذا كان لديك أفضل المعلومات، وأذكى الأشخاص، ورأسمال محفوظ وقدرة اقتراض غير محدودة تقريبا من وول ستريت، فلماذا لا تحاول أن تتميز في هذا المجال التنافسي؟"
قال متحدث باسم سيتادل: "على عكس منافسينا، يستثمر فريق السلع في سيتادل عالميا عبر مجموعة متنوعة من المنتجات، مستفيدا من أكثر من 20 عاما من الاستثمار الثابت في الأشخاص الاستثنائيين والتحليلات والبنية التحتية".
هناك مؤشرات على أن منافسيها يرغبون في الانضمام لهذا المجال. وظفت شركة بالياسني في العام الماضي مختصا في الطقس الاستوائي وخبيرا في احترار المحيطات.
كان العام الماضي قويا لكثير من أقران "سيتادل". حققت كل من شركة ملينيوم مانجمنت، وشركة دي شاو، وشركة بالياسني، وشركة بوينت 72 أرباحا من أرقام زوجية، حتى مع تضرر كثير من صناديق الأسهم بسبب انخفاض أسهم التكنولوجيا. قدمت الصناديق متعددة الاستراتيجيات العام الماضي أعلى مستوى من "ألفا" – مصطلح صناعي للأرباح التي تتفوق وتتجاوز السوق – منذ أعقاب الأزمة المالية في 2009، وفقا لأبحاث جيه بي مورجان.
"إذا كنت أقل اعتمادا على استراتيجية مركز دائن ومركز مكشوف للأسهم وكان لديك وصول أكبر للأصول الأخرى، فلديك فرصة أفضل"، حسبما قال نيومان.
لكن المطلعين على الصناعة يقولون إن "سيتادل" كانت ناجحة للغاية ليس بسبب تنويعها في الأصول التي تقدم بعض أفضل التداولات منذ أعوام فحسب، بل أيضا بفضل حجم رهاناتها، حيث يتم تشجيع المتداولين على أخذ مراكز بدلا من الاحتفاظ بأموالهم على شكل نقد.
قال أحد الأشخاص المطلعين على الشركة: "تشعر أنه يجب عليك أن المخاطرة بشكل دائم، إذ إن هناك ضغطا من الأعلى باستمرار".
قال متحدث باسم "سيتادل" إن مستثمريها "يفوضوننا ويتوقعون منا توظيف رأسمالهم في فرص الاستثمار التي نحددها في السوق".
يعرف جريفين تداولات مديريه إلى حد كبير، ويسمح بتخصيص مزيد من المخاطرة لمركز ما عندما يرى فرصة جذابة خصوصا للربح.
كما تتمتع الشركة بحضور كبير في الدخل الثابت والاقتصاد الكلي، وهو قطاع تمتع العام الماضي بأفضل أرباح له منذ الأزمة المالية، حيث ارتفعت عوائد السندات الحكومية والدولار عندما كانت البنوك المركزية تتسابق لترويض التضخم المرتفع.
حقق صندوقها للدخل الثابت والاقتصاد الكلي الذي يضع رهانات على استراتيجية اتجاه الأسواق واستراتيجية المراجحة، 32.6 في المائة، متغلبا على كثير من الصناديق الكلية المختصة. كما سجلت الشركة أعواما قياسية في أربعة من مجالات أعمالها الخمسة – السلع، والدخل الثابت، والأسهم، والاستراتيجيات الكمية.
قال بير: "كانت استراتيجية الاستفادة من التضخم هي الرهن العقاري في 2022. مثل الفائزين الكبار في ذلك الوقت، راهنت سيتادل بكل ما لديها ودفعت رهانها إلى ما هو أبعد من بعض أقرانها". قال شخص مقرب من الشركة إن لديها مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات في الدخل الثابت والاقتصاد الكلي، وأداؤها كله جيد.
مع ذلك، يعتقد بعض المطلعين على الصناعة أن حجم الرهانات التي تتخذها الصناديق متعددة المديرين يمكن أن يتركها عرضة لأحداث السوق المتطرفة.
"إن الشفافية في هذه الشركات المتطورة ليست جيدة وهناك اعتراف بأن هناك مخاطر كبيرة، بالنظر إلى مستوى المديونية، بظهور أحداث نادرة تؤثر في الاقتصاد. الثقة في أن البنوك المركزية ستوفر الإغاثة للتخفيف من مثل هذه الصدمة مضمنة في قرار الاستثمار"، كما قال نيومان.
نفى شخص مقرب من الشركة أن هذا التقييم ينطبق على "سيتادل"، مشيرا إلى أن صندوق التحوط جمع ملياري دولار من المستثمرين في مارس 2020 في حين أدخلت الجائحة الأسواق في حالة من الاضطراب.
عزى جريفين نجاح الشركة الأخير إلى العودة إلى المكتب في وقت مبكر من الجائحة. ويعزوه المطلعون على الصناعة أيضا إلى حجم "سيتادل" الذي يمكن أن يوفر لكبار المتداولين سجلا كبيرا لإدارته منذ اليوم الأول، ما يزيد المدفوعات المحتملة.
يستعد متداولوها ومحللوها الآن للتمتع بأجور وفيرة. تقاضت "سيتادل" العام الماضي 12 مليار دولار بدل مصاريف وأتعاب من عملائها –أكثر من خمسهم موظفون– مدفوعة بالحاجة لمكافأة المتداولين الذين أدوا أداء جيدا.
بلغت المكافآت في الشركة، التي تم إعلانها للموظفين في أواخر كانون الثاني (يناير) مع مدفوعات الشهر الماضي، عشرات الملايين من الدولارات لبعض المتداولين. هناك توقعات بالوصول إلى أرقام أكبر هذا العام، حيث من المتوقع أن تحصل بعض الفرق الكبيرة على دفعات تزيد على 100 مليون دولار.
قال أحد المستثمرين، إن الأتعاب "فلكية" لكن بدونها، لا يمكن لشركات مثل سيتادل "التنافس على المواهب".

الأكثر قراءة