سوق النفط تتلقى مقاومة من مخاوف التباطؤ والركود .. الزيادات المتتالية للفائدة تضر بالطلب

سوق النفط تتلقى مقاومة من مخاوف التباطؤ والركود .. الزيادات المتتالية للفائدة تضر بالطلب
يعد ارتفاع الطلب الصيني المحرك الرئيس لزيادة أسعار الخام هذا العام.

تسود سوق النفط الخام حالة من عدم اليقين وترقب مزيد من التطورات، خاصة بيانات تدعم انتعاش الطلب العالمي على النفط، في وقت أصبحت فيه الأسعار مقيدة بنطاق محدد، بينما تراقب السوق إجراء رفع جديد للفائدة الأمريكية، يؤثر في متغيرات القطاع.
ويعد ارتفاع الطلب الصيني المحرك الرئيس لزيادة أسعار الخام هذا العام، كما قد يؤدي انخفاض إنتاج الخام الروسي بمقدار 500 ألف برميل يوميا بسبب العقوبات الغربية على موسكو، إلى قلب التوازن في أسواق النفط العالمية.
ويقول محللون نفطيون إن التفاؤل يعود إلى سوق النفط الخام بعدما أكدت وكالة الطاقة الدولية أن الطلب العالمي على النفط سيصل إلى مستوى قياسي في العام الجاري، فيما تتلقى الأسعار مقاومة من مخاوف التباطؤ والركود الاقتصادي والتوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيستمر في رفع أسعار الفائدة، ما يجعل الدولار أكثر تكلفة ويقلص الطلب على النفط الخام المسعر بالدولار.
وذكروا أن أسعار النفط تتقلب باستمرار لدرجة أنه من الصعب للغاية التنبؤ بها بدقة خاصة على المدى القصير، لكن أغلب التوقعات الدولية تشير إلى ارتفاع الأسعار في وقت لاحق من هذا العام، حيث تتفق شركات تحليلات البيانات على أن هناك عاملين من شأنهما أن يدفعا الأسعار من خلال تقليص العرض ونمو الطلب وهما روسيا والصين.
وأبرز المختصون تأكيد "أوبك" في مؤتمر سيرا ويك، أنه لا توجد أي مخاوف من تحول التدفقات في تجارة النفط الخام الروسية نحو آسيا على الرغم من أن حصول روسيا على حصة سوقية أكبر بكثير في الهند في العام الماضي قد أدى إلى انخفاض حصة "أوبك" إلى أدنى مستوى في أكثر من عقد حيث شهدت "أوبك" تقلص حصتها من واردات الهند من النفط الخام إلى 64.5 في المائة في 2022 من ذروة بلغت 87 في المائة في 2008.
وفي هذا الإطار، يقول مارتن جراف مدير شركة إنرجي شتايرمارك النمساوية للطاقة إن مكاسب النفط الخام مرجحة بقوة في النصف الثاني من العام الجاري على الرغم من المضي قدما في أغلب الدول خاصة الاتحاد الأوروبي في مجال تحول الطاقة وزيادة حصص الطاقة الجديدة في مزيج الطاقة ولكن التقارير الدولية ترجح أن يبلغ متوسط سعر البرميل 90 دولارا للعام الجاري بأكمله.
ولفت إلى أن التوقعات تصب أيضا في مصلحة أن الطلب على النفط هذا العام سيرتفع بمقدار مليوني برميل يوميا وستشكل الصين نصف هذه الزيادة، ويساعد على ارتفاع الأسعار تقلص العرض الروسي هذا الشهر حيث يبدو أن السوق ستتجاوز تأثيرات فرض الحد الأقصى لأسعار بيع النفط الروسي من جانب كل من مجموعة الدول الصناعية السبع والاتحاد الأوروبي.
ويرى، سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون المصارف والطاقة أن تقلص العرض وتآكل الطاقة الاحتياطية الفائضة كانا محور مناقشات قيادات "أوبك" ومنتجي النفط الصخري الأمريكي في إطار اجتماعات مؤتمر "سيرا ويك " وهو ما يعني أن هذا الأمر هو الأكثر أهمية والمطروح بشدة على أجندة صناعة النفط الخام في المرحلة الراهنة، مشيرا إلى أن القلق المرتبطة بهذا الأمر هو ما جعل بنك "جولدمان ساكس" يراهن بقوة على ارتفاع أسعار النفط الخام هذا العام.
وأشار إلى أن الطلب الفوري تعرض لبعض الصدمات في الأيام القليلة الماضية وأبرزها البيانات الاقتصادية المخيبة للآمال من الصين أو الولايات المتحدة إضافة إلى صدمات العرض مثل الكوارث الطبيعية وخفض الإنتاج من قبل كبار المنتجين في الصناعة وعلى رأسهم تحالف "أوبك+".
أما جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد أيه إف" في كرواتيا، فيؤكد أن الطلب تلقى ضغوطا سلبية في الأسبوع الجاري بعدما أعلنت الصين أنها ستستهدف نموا اقتصاديا بنسبة 5 في المائة فقط هذا العام وهو ما عده المراقبون رقما مخيبا للآمال، ما أدى إلى مزيد من تقلبات أسعار النفط، إضافة إلى ذلك أنباء عن مناقشات في إطار مؤتمر "سيرا ويك" تركز على مخاطر راهنة في السوق متمثلة في العرض الشحيح، وهو ما يمثل صدمة محتملة في الإمدادات في المستقبل.
بدورها، تقول ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام، إن العرض المحدود سيظل مسيطرا على السوق على الأرجح في الشهور المقبلة، خاصة بعد أن أعلنت روسيا خفض إنتاج النفط الخام بمقدار 500 ألف برميل يوميا في آذار (مارس) الجاري، وتزامن ذلك مع إشارات صادرة عن منتجي النفط الخام إلى أن الأمريكيين وبشكل متكرر لن يعطوا الأولوية لنمو الإنتاج من النفط الخام في المرحلة الراهنة.
وسلطت الضوء على تصريحات لهيثم الغيص الأمين العام لمنظمة أوبك، أكد فيها أن النفط الروسي وجد أسواقا جديدة، وأن تحالف مجموعة "أوبك+" كان حاسما لدعم استقرار السوق ولتجنب مزيد من التقلبات، موضحة أن التقلبات شيء ليس في مصلحة المستهلكين، خاصة بعد أن تسببت الحرب في تغيير شامل في الأسواق العالمية بعد أن فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها عقوبات على الخام والمنتجات النفطية الروسية إلى جانب حد أقصى للأسعار.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، انخفضت أسعار النفط للجلسة الثانية على التوالي وسط مخاوف من أن يؤدي مزيد من الزيادات الحادة في أسعار الفائدة الأمريكية إلى الإضرار بالطلب، بينما تنتظر السوق مزيدا من الوضوح بشأن المخزونات.
وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت 22 سنتا بما يعادل 0.3 في المائة، إلى 83.07 دولار للبرميل بحلول الساعة 07:30 بتوقيت جرينتش. وخسرت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 34 سنتا أو 0.4 في المائة، لتسجل 77.24 دولار للبرميل.
وانخفض كل من برنت وغرب تكساس الوسيط بأكثر من 3 في المائة، أمس الأول، بعد تصريحات جيروم باول رئيس "الفيدرالي الأمريكي"، بأن البنك المركزي سيحتاج على الأرجح إلى رفع أسعار الفائدة أكثر من المتوقع استجابة للبيانات القوية الأخيرة.
وقالت تينا تينج المحللة في "سي. إم. سي ماركتس"، "تصريحات باول عن رفع أسعار الفائدة لفترة أطول أثارت الذعر في السوق وعرضت أصولا، من بينها السلع الأساسية، للمخاطر وانخفضت بشكل حاد الليلة الماضية".
وأضافت أن المتعاملين ينتظرون أيضا بيانات عن مخزونات الخام من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بعد أن أظهرت بيانات معهد البترول الأمريكي انخفاضا في مخزونات الخام لأول مرة بعد زيادة على مدى عشرة أسابيع.
وأظهرت بيانات من المعهد أن مخزونات الخام الأمريكية تراجعت بنحو 3.8 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في الثالث من آذار (مارس)، وفقا لمصادر السوق. وخالف التراجع توقعات تسعة محللين استطلعت آراؤهم بشأن زيادة 400 ألف برميل في مخزونات الخام.
وزادت مخزونات البنزين بنحو 1.8 مليون برميل، فيما ارتفعت مخزونات نواتج التقطير بنحو 1.9 مليون برميل، بحسب المصادر.

الأكثر قراءة