مهمة صعبة أمام محافظ بنك اليابان الجديد
اعترف كازو أويدا محافظ بنك اليابان الجديد، بأنه ليس لديه حل سياسي نقدي "سحري" لحل معركة الدولة، المستمرة منذ عقود لتحفيز التضخم، ذلك عندما ظهر أمام البرلمان الياباني الأسبوع الماضي.
لكن فيما يستعد الاقتصادي البالغ من العمر 71 عاما ليصبح أول أكاديمي يتولى رئاسة البنك المركزي الياباني في نيسان (أبريل)، كان هناك تلميح مهم، ألقاه في جلسات الاستماع البرلمانية التي انتهت الإثنين: من غير المرجح أن تستمر سياسة بنك اليابان المتمثلة في فرض حد أقصى لتكاليف الاقتراض الحكومي طويل الأجل عبر عمليات شراء السندات الضخمة -المعروفة باسم التحكم في منحنى العائد- في شكلها الحالي في ظل النظام الجديد.
إن أي تغيير في جهود بنك اليابان للحفاظ على العوائد لأجل عشرة أعوام ثابتة بالقرب من الصفر سيكون له تأثير كبير في الأسواق المالية العالمية، بالنظر إلى الفجوة التي انفتحت بين العوائد في سوق السندات اليابانية الهائلة وتلك التي في أماكن أخرى في العالم المتقدم، حيث رفعت البنوك المركزية في الولايات المتحدة وأوروبا أسعار الفائدة بقوة خلال العام الماضي. فإذا سمح بنك اليابان للعوائد بالارتفاع، فمن المرجح أن يعيد المستثمرون اليابانيون -الذين اضطروا إلى البحث في الخارج عن عوائد- أموالهم إلى الوطن، ما يتسبب في مزيد من الخسائر على السندات العالمية، لكنه يعزز الين.
قال روبن وينكلر، المحلل في "دويتشه بنك"، "إن المستثمرين اليابانيين يستثمرون قليلا في سوق السندات المحلية، ومن المرجح أن يعيدوا مبالغ كبيرة من رأس المال الذي تم استثماره في الخارج في العقد الماضي، للرغبة في الحصول على بدائل محلية".
في كانون الأول (ديسمبر)، هاروهيكو كورودا شاغل المنصب الحالي أذهل المستثمرين بإعلانه أن بنك اليابان سيسمح لعوائد السندات الحكومية اليابانية لأجل عشرة أعوام بالتقلب بمقدار 0.5 نقطة مئوية أعلى أو أقل من هدفه عند الصفر، ما يوسع النطاق السابق البالغ 0.25 نقطة مئوية.
منذ ذلك الحين، أنفق بنك اليابان نحو 300 مليار دولار في كانون الأول (ديسمبر) وكانون الثاني (يناير) وحدهما في شراء السندات الحكومية للدفاع عن الهدف الجديد، وبرنامج موسع للقروض للبنوك لتخفيف الضغط على سوق السندات اليابانية. مع ذلك، لم يتخل المستثمرون عن تحدي البنك المركزي للانصياع للضغوط التضخمية العالمية والتخفيف من سقف العائد بشكل أكبر، أو حتى إلغائه.
اقترح المحافظ الجديد الأسبوع الماضي أن ارتفاع توقعات التضخم قد يجبر البنك الياباني على فعل ذلك.
قال أويدا الجمعة "إذا تحسنت آفاق اتجاه السعر بشكل كبير، فسنضطر حتما إلى التفكير في التحرك نحو تطبيع السياسة بما في ذلك مراجعة التحكم في منحنى العائد"، وأضاف أنه "حتى إذا لم ترتفع توقعات التضخم، فإن بنك اليابان سيحتاج إلى مواصلة إجراءات التيسير مع تقليل الآثار الجانبية التي تؤثر في سوق سقف العائد.
قال أياكو فوجيتا، كبير الاقتصاديين اليابانيين في "جيه بي مورجان سيكيوريتيز"، "في كلتا الحالتين، بدا الأمر كأنه كان يقول إن التحكم في منحنى العائد يجب أن يتغير بطريقة ما".
بالنسبة إلى المستثمرين، يتمثل التحدي الأكبر في تحديد الطريقة التي سيتبعها بنك اليابان في مراجعة ضوابط منحنى العائد.
بشكل مشابه لتوصيات صندوق النقد الدولي، يدرس المستثمرون ما لا يقل عن ثلاثة خيارات يمكن أن يتخذها بنك اليابان: توسيع نطاق عشرة أعوام حول هدف العائد، أو تخفيف قبضته تدريجيا على سوق السندات من خلال استهداف العوائد قصيرة الأجل، أو التخلي عن الهدف تماما.
أثناء الاستجواب البرلماني القاسي، كان أويدا كتوما بشأن الخيارات التي كان يفكر فيها، لكنه لم يستبعد تقصير مدة العائد المستهدف من عشرة أعوام.
قال أويدا "سيكون من المهم للغاية الحفاظ على الحوار مع الأسواق. لكن في بعض الحالات، لا مفر من وجود عامل مفاجأة".
يقول بعض المحللين "إن تقصير الهدف من عشرة أعوام إلى خمسة من شأنه أن يقلل من كمية الديون التي يحتاج بنك اليابان إلى شرائها، ما يجعل خروجه النهائي من السوق أقل دراماتيكية"، وقال شوسوكي يامادا، محلل الصرف الأجنبي وأسعار الصرف في بنك أوف أمريكا، "إن هذه الخطوة من المرجح أن تضعف الين إذا افترض المستثمرون أن بنك اليابان لن يشدد سياسته أكثر بعد مراجعة إطار منحنى العائد".
مع ذلك، يجادل آخرون بأن مثل هذا التحول سيكون مجرد دعوة للمستثمرين إلى تحدي الهدف الجديد. قال ناكا ماتسوزاوا، كبير استراتيجيي الاقتصاد الكلي في اليابان في بنك نومورا، "إن بنك اليابان يخاطر بالانجرار إلى معركة مستمرة مع الأسواق". وبدلا من ذلك، يمكن للبنك المركزي إلغاء التحكم في منحنى العائد لكن يخفف من تداعيات السوق عن طريق شراء سندات حكومية قصيرة الأجل، لكن دون تحديد هدف واضح.
إذا تحسنت توقعات التضخم، قال فوجيتا من بنك جيه بي مورجان "إن أويدا من المرجح أن يرفع سقف العائد أكثر، ما يجعل السندات لأجل عشرة أعوام قريبة من النقطة الذي تعتقد السوق أنه ينبغي تداولها عند نحو 1 في المائة". في حين إن هذا من شأنه أن ينهي بشكل فعال التحكم في منحنى العائد، يتوقع معظم الاقتصاديين أن يواصل بنك اليابان موقفه التيسيري بعمليات شراء كبيرة للسندات حتى تستقر الأسواق.
يقول المحللون "إن توقيت الخطوة التالية من بنك اليابان سيكون صعبا. إذ سيحتاج لمباغتة المستثمرين لمنعهم من إجراء تحول في السياسة عن طريق التخلي عن السندات الحكومية بشكل جماعي، لكن يمكنه أن يزعزع أيضا استقرار الأسواق إذا استمر في تعديل السياسة".
كما ستعتمد الخطوة التالية لليابان على مدى حاجة البنوك المركزية الأخرى -خصوصا الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي- إلى رفع تكاليف الاقتراض للسيطرة على التضخم. فإذا استمرت أسعار الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي في الارتفاع بشكل حاد، فمن المرجح أن ينخفض الين مرة أخرى إلى أدنى مستوى له في عقود عديدة مقابل الدولار في ظل الفروق الأوسع في أسعار الفائدة.
وفقا لماتسوزاوا، يراهن بعض المستثمرين غير اليابانيين على أن كورودا سيعدل مرة أخرى سياسة منحنى العائد عندما يترأس آخر اجتماع له لمجلس السياسة الأسبوع المقبل. لكن معظم الاقتصاديين يتوقعون إجراء التغيير في عهد أويدا في وقت مبكر من الصيف.
بالنسبة إلى أويدا، فإن التحكم في منحنى العائد سيكون مجرد بداية للمهمة الضخمة المتمثلة في إخراج بنك اليابان من الأسواق المالية. إضافة إلى أكثر من نصف السندات الحكومية اليابانية، يمتلك البنك المركزي أيضا أغلبية أصول الصناديق المتداولة في البورصة المدرجة محليا.
قال أويدا "إن تفكيك الصناديق المتداولة في البورصة سيشكل أيضا مشكلة كبيرة، إذا خرج بنك اليابان من سياسته النقدية المتساهلة للغاية. إنه وضع عسير وصعب بالنسبة إلى من يتولى هذا الدور أيا كان (...) لكن هذا هو بالضبط سبب رغبتي في خوض هذا التحدي".