تزايد الضغوط الهبوطية على النفط بتأثير مستهدفات النمو الصينية ومخاوف رفع الفائدة
استمرت تقلبات أسعار النفط الخام مع تزايد الضغوط الهبوطية بسبب إعلان الصين هدفا للنمو أقل من التوقعات السابقة، وهو 5 في المائة للعام الجاري، بينما كانت توقعات السوق تذهب إلى 5.5 في المائة، وذلك إلى جانب الإجماع المتزايد في الولايات المتحدة على رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر في الاجتماع المقبل للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة.
وتترقب السوق النفطية مستجدات السياسة المالية الأمريكية وتأثيراتها الواسعة في سوق النفط الخام، حيث قال عديد من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي إنهم سيكونون منفتحين على زيادة بمقدار 50 نقطة أساس.
وتتابع السوق حديث جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، أمام اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ ولجنة الخدمات المالية في مجلس النواب، إذ تنتظر السوق سماع موقف "الفيدرالي" بشأن رفع أسعار الفائدة.
ويقول مختصون ومحللون نفطيون، إن تعزيز الاستثمارات النفطية في مشاريع المنبع ضرورة في ظل نضوب الحقول وسياسات خفض الإنتاج لدى أغلب المنتجين الرئيسين، مشيرين إلى أهمية رفع كل المعوقات، خاصة الضرائب التي تثبط بشكل أساسي الاستثمار في الإمدادات الجديدة التي تعد بالغة الأهمية إذا كان العالم يرغب في بناء أمن الطاقة على المدى الطويل.
وذكر المختصون أن شركات الطاقة الكبرى تتنافس في الأسواق والموارد الواعدة، موضحين أن شركة شل -على سبيل المثال- تخطط لاستثمار 20 - 25 مليار جنيه استرليني في نظام الطاقة في المملكة المتحدة على مدى الأعوام العشرة المقبلة مع تخصيص أكثر من 75 في المائة من هذا للمنتجات والخدمات منخفضة الكربون بما في ذلك الرياح البحرية والهيدروجين والتوسع في مشاريع التقاط وتخزين الكربون.
وفي هذا الإطار، قال لـ «الاقتصادية» روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، إن خطط النمو الأقل من المتوقع في الصين واستمرار "الفيدرالي الأمريكي" في توجهاته نحو رفع أسعار الفائدة الأمريكية ضغطا مجددا على أسعار النفط الخام بينما تتلقى الأسعار دعما من خفض إنتاج دول تحالف "أوبك+"، خاصة خفض الإنتاج الروسي وتضييق العقوبات والحظر والسقف السعري على الإمدادات الروسية.
ولفت إلى أن القناعات الدولية الراهنة تصب في مصلحة الحاجة إلى جميع موارد الطاقة سواء الأحفورية أو النظيفة في الأعوام المقبلة، مشيرا إلى أهمية المساعدة على تعزيز الاستثمارات في مشاريع المنبع وتخفيف القيود والأعباء الضريبية، خاصة التي فرضتها الإدارة الأمريكية على منتجي النفط بسبب أرباح الشركات المرتفعة في العام الماضي.
من جانبه، ذكر لـ «الاقتصادية» ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، أن أحدث التقارير الدولية يشير إلى أنه لن ينفد النفط والغاز في العالم في أي وقت قريب، وأنه من المرجح أن يتضاعف الطلب الإجمالي على موارد النفط والغاز بحلول عام 2050، حيث يبلغ احتياطي الغاز 1.5 تريليون برميل نفط مكافئ – بحسب بيانات شركة وود ماكينزي الدولية.
من ناحيته، أوضح لـ «الاقتصادية» ماثيو جونسون المحلل في شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، أن الحرب الروسية على أوكرانيا كانت لها تداعيات واسعة على الاقتصاد العالمي وعلى سوق النفط الخام، وقد كان التأثير الهائل الأكبر خارج أوكرانيا في أسواق الطاقة العالمية.
وأوضح أن الدرس الأكبر من أزمة الحرب في أوكرانيا هو قناعة الجميع في السوق حاليا، بأنه لا يمكن لأي دولة مستقبلا أن تسمح لنفسها مرة أخرى بالاعتماد على الطاقة المستوردة من مورد واحد فقط، مشيرا إلى أن أمن الطاقة يتحقق عندما يحدث تنوع في أنواع الوقود والموردين.
وأشار إلى أنه بسبب الحرب استوعب كل مستوردي الطاقة هذا الدرس جيدا، خاصة بعد ارتفاع الأسعار، وتراجع الطلب في أوروبا وسحب العرض المتاح في السوق الأوروبية.
من ناحية أخرى، فيما يخص الأسعار، هبطت أسعار النفط في بداية تعاملات أمس، بعد أن حددت الصين هدفا متواضعا للنمو الاقتصادي هذا العام بنحو 5 في المائة، وهو أقل من توقعات السوق، بتحقيق نمو يبلغ 5.5 في المائة في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.
وجرى تداول عقود خام برنت الآجلة منخفضة 50 سنتا أو 0.6 في المائة إلى 85.33 دولار للبرميل في الساعة 01:47 بتوقيت جرينتش.
وانخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 46 سنتا أو 0.6 في المائة إلى 79.22 دولار للبرميل.
وانخفضت توقعات النمو في الصين التي تجري متابعتها من كثب عن المستوى المستهدف في العام الماضي البالغ 5.5 في المائة، وجاءت عند الحد الأدنى للتوقعات. في الوقت نفسه، من المرجح أن تتأثر أسعار النفط برفع أسعار الفائدة في جميع أنحاء العالم مع تشديد البنوك المركزية العالمية السياسة بسبب مخاوف من زيادة التضخم.
وبدأ التجار في أخذ زيادات أسعار الفائدة في الحسبان في جميع أنحاء العالم، لكنهم يأملون في زيادات أقل من العام الماضي.
وسيدلي جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، بشهادته أمام الكونجرس اليوم وغدا، حيث من المحتمل أن يتم استجوابه بشأن ما إذا كانت هناك حاجة إلى زيادة أكبر في سعر الفائدة في أكبر دولة مستهلكة للنفط في العالم.
ومن المرجح أيضا أن تعتمد الزيادات المستقبلية في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة على ما يكشفه تقرير الوظائف لشهر شباط (فبراير)، يليه تقرير التضخم لفبراير المقرر الأسبوع المقبل.
وقالت كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي، في مطلع الأسبوع، إنه من "المحتمل جدا" أن يرفعوا أسعار الفائدة هذا الشهر للحد من التضخم. ومن المتوقع أن يرفع البنك المركزي الأسترالي أسعار الفائدة 25 نقطة أساس يوم الثلاثاء.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 83.80 دولار للبرميل يوم الجمعة مقابل 83.2 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق رابع ارتفاع له على التوالي، وإن السلة كسبت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 80.53 دولار للبرميل.