كيف نسيطر على التضخم دون دعم البنوك؟ «1 من 2»

في محاولة لمعالجة مشكلات التضخم، دأبت البنوك المركزية الكبرى على رفع أسعار الفائدة إلى مستويات حادة. لكن المنتج الثانوي للزيادات الأخيرة لأسعار الفائدة هي مدفوعات الفائدة المرتفعة على ودائع البنوك المركزية التي تحتفظ بها البنوك التجارية. وهذا يعني تحويل أموال القطاع العام إلى البنوك الخاصة.
وسيدفع نظام اليورو الذي يضم 20 بنكا مركزيا وطنيا في منطقة اليورو والبنك المركزي الأوروبي فوائد بقيمة 107 مليارات يورو "111 مليار دولار" لـ ("4.3 تريليون يورو من الودائع" للمؤسسات المالية خلال عام 2023، وسيرتفع هذا الرقم إلى 129 مليار يورو عندما يرفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة على الودائع إلى 3 في المائة في آذار (مارس)، مثلما وعدنا بذلك.
وفي الولايات المتحدة، صوت مجلس الاحتياطي الفيدرالي، أخيرا، على رفع سعر الفائدة على الأرصدة الاحتياطية إلى 4.65 في المائة. وهذا يعني أنه سيدين بمدفوعات فوائد بقيمة 140 مليار دولار على ما يقرب من ثلاثة تريليونات دولار من احتياطيات البنوك هذا العام. كما أن بنك إنجلترا مدين بمدفوعات ضخمة مماثلة للبنوك التجارية.
وتنطوي أحدث دورة تشديد نقدي على تحقيق البنوك التجارية الأرباح، وتكبد البنوك المركزية خسائر مالية، ما يطرح مجددا سؤالا بشأن ما إذا كان ينبغي تعويض البنوك التجارية مقابل الاحتفاظ باحتياطياتها في البنك المركزي. هل سداد الفوائد على الاحتياطيات ضروري لممارسة السياسة النقدية؟ أو هل تستطيع البنوك المركزية رفع أسعار الفائدة دون تقديم إعانات ضخمة للبنوك التجارية؟
رغم أن عديدا من الاقتصاديين يسلمون بأن احتياطيات البنوك تولد الفوائد، فإن هذه الممارسة ظاهرة حديثة نوعا ما. إذ اعتمد البنك المركزي الأوروبي نظام مدفوعات الفائدة على الاحتياطيات الزائدة عندما استهل عملياته عام 1999، وسمح الكونجرس الأمريكي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بالقيام بذلك عام 2008. وقبل عام 2000، كانت الممارسة العامة هي عدم سداد سعر الفائدة على ودائع البنوك.
وفي واقع الأمر، لا تدفع البنوك التجارية فوائد على الودائع تحت الطلب، رغم أن هذه الودائع توفر أيضا السيولة للاقتصاد الحقيقي "غير المالي". لماذا يجب أن يكافأ المصرفيون مقابل احتفاظهم بالسيولة بينما يجب أن يقوم آخرون بذلك دون مقابل؟
ويتضح الافتقار إلى أساس اقتصادي حقيقي لسداد الفوائد على الاحتياطيات أكثر إذا ما نظرنا إلى الطريقة التي تجني بها البنوك المركزية أرباحها: من خلال الحصول على احتكار من الدولة لتوليد الأموال. إن ممارسة سداد الفوائد للبنوك التجارية تعد تحويل الأرباح الاحتكارية إلى المؤسسات الخاصة. لكن هذه الأرباح هي في الأساس أموال دافعي الضرائب، وتجب إعادتها إلى الحكومة التي منحت حقوق الاحتكار، بدلا من تحويلها إلى البنوك التجارية.
يعتقد عديد من الاقتصاديين أن دفع تعويضات على احتياطيات البنوك أمر ضروري بالفعل لإدارة السياسة النقدية في الوقت الراهن. وعلى أي حال، تواجه البنوك المركزية الكبرى وفرة في الاحتياطيات بسبب أعوام من التيسير الكمي. وبسبب هذا الفرط في العرض، فإن سعر الفائدة عالق عند 0 في المائة، ولا يمكن للبنك المركزي رفع سعر الفائدة في السوق، وهو ما يحتاج إليه للتصدي للتضخم... يتبع.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي