سوق الاستحواذ .. خطوة في الاتجاه الخاطئ
كانت الأسهم الخاصة نقطة مشرقة في محافظ المستثمرين المؤسسيين العام الماضي. صمدت فئة الأصول هذه بشكل أفضل بكثير من الأسهم العامة، التي تضررت بفعل ارتفاع أسعار الفائدة.
بالتأكيد، قد تكون التقييمات الموضوعة على محافظ الأسهم الخاصة موضع شك، أو على الأقل متأخرة، نظرا للانفصال عن التحركات في الأسواق العامة. لكن كثيرا من المستثمرين يقدرون عزلة الأسهم الخاصة عن التقلبات وعقلية القطيع التي نشهدها في الأسواق العامة.
مع ذلك، كان ينبغي أن يكون اعتماد الأسهم الخاصة على أسواق الائتمان العامة نقطة ضعف في عام 2022. ففي حين إن ملكية شركة الأسهم الخاصة للشركة المستهدفة تكون بالرفع المالي هي بالتعريف، خاصة، إلا أن توفير الدين كان يتم بشكل تقليدي من قبل أسواق الائتمان العامة التي لديها القدرة على ضمان أسعار شراء كبيرة. منذ "البرابرة عند البوابة"، الكتاب الشهير عن استحواذ شركة آر جيه آر نابيسكو بالرفع المالي في الثمانينيات، أصبح المصطلحان "السندات غير المرغوب فيها" و"الاستحواذ بالرفع المالي" متلازمين.
مع عمليات بيع كثيف في أسواق الائتمان الخريف الماضي، كان هناك كثير من الأخبار حول ما يسمى الجسور المعلقة، أي التمويل الملتزم به في عمليات الاستحواذ بالرفع المالي الذي ينتهي به الأمر إلى البقاء في الميزانيات العمومية للبنوك بدلا من تجميعها بسبب اضطراب السوق أو الشركات.
البنوك التي أقرضت 12.7 مليار دولار لإيلون ماسك من أجل استحواذه على شركة تويتر بقيمة بلغت 44 مليار دولار كانت في العناوين الرئيسة، لكنها فيما بعد لم تتمكن من بيع كثير من الدين، وأصبحت تجلس على خسائر ورقية كبيرة. بالمثل، وصف مصرفي مشارك في صفقة بيع سندات شركات لتمويل استحواذ بالرفع المالي بقيمة 16.5 مليار دولار لشركة البرمجيات سايتركس بأنها "حمام دم" للمقرضين.
لكن حجم ديون الجسر المعلق تشكل جزءا بسيطا مما كانت عليه الحال عام 2007، فهي تبلغ عشرات المليارات وليس مئات المليارات، على الرغم من أن عمليات الاستحواذ بالرفع المالي تجاوزت 200 مليار دولار عام 2022، أعلى حجم منذ عقد، بخلاف الرقم القياسي عام 2021.
كيف تجنبت البنوك الجلبة في آخر دورة استحواذ بالرفع المالي؟ الجواب المختصر: قيدت الجهات التنظيمية أيديها بعد الأزمة المالية. بينما تراجعت البنوك عن التزامات الاستحواذ بالرفع المالي واستبدالها، كان الائتمان الخاص يسد الفجوة، ما يوازي "خصخصة" أسواق الأسهم. جاء ذلك وسط طلب متزايد من المستثمرين المؤسسيين على "تنويعات" غير مترابطة في محافظهم الاستثمارية.
وفي حين تبخرت قدرة تمويل الاستحواذ بالرفع المالي في أسواق الائتمان العامة في النصف الثاني من عام 2022، واصل الائتمان الخاص ضمان الصفقات. يقدر بنك جيه بي مورجان حجم السوق الخاصة هذه عند 1.2 تريليون دولار، مبلغ قريب من سوق السندات ذات العائد المرتفع. وعلى عكس السندات ذات العائد المرتفع يعد الائتمان الخاص مجالا للنمو.
تدين السندات ذات العائد المرتفع بوجودها إلى عمليات الاستحواذ بالرفع المالي، والعكس صحيح، لكنهما تسيران بشكل متزايد في طريقيهما المنفصلين. اليوم نحو 15 في المائة فقط من سوق السندات ذات العائد المرتفع "أقل من 200 مليار دولار" هي ديون مرتبطة بالاستحواذ بالرفع المالي. لا تزال سوق القروض المجمعة موطنا أكثر ملاءمة لديون الاستحواذ بالرفع المالي، فهي تمثل 44 في المائة من قاعدة القروض المؤسسية، وفقا لبنك جيه بي مورجان. لكن حتى هذا المصدر الثابت للتمويل يتم دفعه جانبا من قبل الائتمان الخاص.
الائتمان الخاص مصطلح شامل لمجموعة كبيرة من الإقراض، بما في ذلك الاستحواذ بالرفع المالي. بصفتي مستثمرة في السندات ذات العائد المرتفع، كنت متشككة بشأن فئة الأصول المبهمة هذه، فمن الخارج تبدو كأنها مزيج من الصفقات الفريدة، بدءا من توريق عائدات موسيقى الريف إلى الإقراض "الهجين" المعقد.
إنه على نحو متزايد نطاق للأسماء الكبيرة مثل أبولو، وبلاكستون، وآريس، وكيه كيه آر. فبينما ركز الائتمان الخاص على عمليات الاستحواذ بالرفع المالي الأصغر حجما حتى الآن، يبدو أنها الخطوة المنطقية التالية للمديرين للعمل كفريق بشكل أكبر من أجل "صفقات الاستحواذ بالرفع المالي المشتركة". واليوم، من المرجح أن يأتي الاستحواذ بالرفع المالي بقيمة عشرة مليارات دولار إلى أسواق القروض العامة والسندات. قبل وقت طويل، قد تستغل جميع عمليات الاستحواذ بالرفع المالي، باستثناء أكبرها، سوق الائتمان الخاص.
ما الذي تم اكتسابه، وخسارته، في الخصخصة البطيئة لديون الاستحواذ بالرفع المالي؟ بالنسبة إلى مستثمري السندات ذات العائد المرتفع، فإن ذلك يعد نعمة ونقمة. إننا نفوت الصفقات. تكون أحيانا صغيرة جدا بالنسبة إلينا لكنها قد تكون أيضا استثمارات ذات مخاطر أعلى مما ترغب سوقنا في ضمانه.
بالنسبة إلى رعاة الأسهم الخاصة الذين يديرون الأموال، لا يمكن لهذه السوق المتنامية سوى المساعدة على تدفق الصفقات. وبالنسبة إلى المستثمرين المؤسسيين، فإنها توفر عوائد أعلى وتقلبات أقل من الائتمان العام. أما بالنسبة إلى الشركات الأمريكية؟ مزيد من عروض الاستحواذ العدائية، وميزانيات عمومية أكثر مديونية، وفرصة أكبر للعمل في الخفاء بمتطلبات إفصاح أقل.
كثيرا ما يقدم رعاة الأسهم الخاصة حجة مفادها أن الانكشاف والإفصاح في السوق العامة يهددان الوضع التنافسي للشركات ويمنعانها من اتخاذ قرارات استراتيجية كبيرة. لكن إذا كانت الشفافية الأكبر في الشركات الأمريكية تعود بالفائدة على الجميع، فإن انتقال عنصر الديون في عمليات الاستحواذ بالرفع المالي إلى الأسواق الخاصة يعد خطوة في الاتجاه الخاطئ.
*مديرة محفظة سندات في شركة باركسديل إنفستمنت مانجمنت ومؤلفة مشاركة لكتاب "انعدام التنوع: القصور الكبير بين الجنسين في إدارة الاستثمار".