نصائح من نفسي اليوم إلى نفسي غدا
ربما تكون مجرد مصادفة، لكني لاحظت أخيرا مجموعة من مقالات "نصيحة لنفسي الصغرى" في منشورات مختلفة. إنها بصياغة جيدة، وغالبا ما تعرض بعض الأجزاء المضحكة والحكيمة. لكن لا يسعني إلا اكتشاف فجوة في هذه السوق: نصيحة لنفسي الكبرى.
في النهاية، لا يهمني ما كان يجب أن أفعله على نحو مختلف منذ بضعة عقود لأنه ليس بوسعي فعل شيء حيال ذلك. وعلى الرغم من أن حكمتي قد تكون مفيدة لأحد آخر أصغر، أي شاب في الـ20 يحترم نفسه يقرأ نصائح حياة من كهل؟
في بادئ الأمر، اعتقدت أن الإجابة هي تخيل نصيحة تقدمها نفسي الصغرى إلى نفسي الآن. المشكلة هنا هي أن نفسي في عمر الـ20 كانت محظوظة بما يكفي لتكون واضحة بشكل مخيف بشأن ما تريده، لذلك ستكون راضية إلى حد ما عن الكيفية التي سارت بها الأمور. إذن ماذا أقول؟ لا تنتظر حتى تبلغ من العمر 30 عاما لتجربة طبق هاجيس، مهاراتك في الرقص لن تتحسن أكثر، حاول التحدث أقل في الاجتماعات، "فعلت، لكنه لم يدم أبدا". شوكة عمرها ثلاثة آلاف عام في المتحف البريطاني لا تزال شوكة. كل النصائح مفيدة لكنها بالكاد تقدم حكمة عظيمة.
إذا كانت النصيحة المقدمة من ذاتي الصغرى غير مجدية، فالحل الوحيد هو نصيحة لذاتي الكبرى. أعتقد أن نفسي ذات الـ75 عاما قد تستفيد قليلا. من الناحية المثالية، سأظل أعمل قليلا في عمل بسيط، ربما في جزء من مخطط الحكومة لإقناع كبار السن بالعودة إلى العمل في وظائف غير مرغوبة فعلا. لكن المشكلة الحقيقية هي الاستسلام للضمور الفكري. النصيحة الرئيسة هي محاربة أن تصبح مملا.
"أنا" اليوم تريد من "أنا" الغد أن تعرف أن عليها العمل في تلك الوظائف إذا كانت تود أن تظل مثيرة للاهتمام. إنها لا تريد أن تعرف عن الصفقات الرابحة التي وجدتها على الإنترنت. نفسي اليوم تعرف أنه لا أحد يهتم بما كانت عليه الحياة عندما كنت في بداية مشواري المهني، وأنه لا يمكنك الاعتماد على الخبرات المكتسبة مسبقا. لذلك تتوقع مني أن أستمر في القراءة والمشاهدة والحضور والتحرك. استمر في فعل الأمور التي من المفترض أن تفعلها فقط في الصغر. حسنا، أيها الصغار: اتركوا حلوى الجيلي، فهي تضر الأسنان.
نفسي اليوم تتوقع من نفسي غدا أن تخرج من المنزل، ربما تمارس هوايات جديدة، دراسة شيء ما. تريدني أن أتعلم الرسم حين يساورها شك في أني لن أبرع فيه. ستخبرني بأن أحظى بشاي في حديقة تشيلسي فيزيك مرات أكثر، وأن أمشي على طول النهر مرة واحدة على الأقل في الأسبوع. وقضاء ربيع في إيطاليا. تريدني أن أعود إلى ذلك المقهى على الشاطئ في سان فرانسيسكو. ستحب حقا أن أقرأ لبروست مرة أخرى.
ستذكرني بأن المال، في مرحلة ما، ينفق ولا يدخر، وتتوقع مني أن أفعل الأمور في سبعينيات عمري التي قد أجد صعوبة في فعلها لاحقا.
فكرت نفسي اليوم في التوصية بمشروع خيري في مكان غريب، لكني أعرف أيضا أن هناك حدودا للمشقة التي ستتحملها نفسي غدا. لهذا السبب، هي أيضا مترددة في أخذي إلى مهرجان جلاستونبري، على الرغم من أنها تعتقد أن تجربته وتقديم تقرير عنه قد تكون ممتعة. لا تنضم إلى فرقة جاز. نفسي اليوم لا تقوى على رؤية نفسها في صدرية مطرزة بالترتر، تصرخ "ياه" خلال عرض منفرد بالكمان الأجهر.
من الواضح أن التقاعد هو الوقت المثالي لتجربة العقاقير الخطيرة. كل العقاقير التي لم أتمكن من تجربتها في سن 20 لأنها قد تدمر حياتي هي بالتأكيد ما سأحتاج إليه في سن 75 بالضبط، عندما تكون العواقب أقل كارثية. يجب أن يكون عقدي الثامن هو خريف حبي. أمستردام، ها أنا قادم.
لكني ما زلت أنصح بالابتعاد عن الوشوم. ستظل دائما فكرة سيئة، وفي السبعينيات ستبدو أشبه بالدوالي. تخلص من الملابس الملونة عموما. "أنا" اليوم لا تفهم لم كبر السن ذريعة لتبدو كأن ملابسك من اختيار إلتون جون؟
أوه، وأخيرا، "أنا" اليوم تنصح بشدة عرض هذه الأفكار على زوجتي. لا أريد مستقبلا أن تلومني زوجتي حين تسير الأمور على نحو خاطئ.