17 عاما من القيادة المثمرة.. بابلو إيسلا واستراتيجية النمو الناجحة
ماذا تفعل بعد أن تعلق سترة رئاسة أكبر شركة لبيع الملابس بالتجزئة في العالم؟ بالنسبة إلى بابلو إيسلا، الذي استقال من إدارة شركة إیندتكس قبل عام، فإن جزءا من الإجابة يكمن في نقل خبرته إلى طلاب الأعمال باعتباره رئيسا للمجلس الاستشاري الدولي في جامعة أي إي في مدريد. ونعم، لا زال يرتدي الملابس التي تصنعها شركته السابقة.
عندما ألتقينا في جامعة أي إي، كان يرتدي بدلة وقميصا باللون الأزرق الداكن من تصميم ماسیمو دوتی، العلامة التجارية الفاخرة ذات الأسعار المعقولة التابعة للمجموعة. يقول إيسلا، البالغ من العمر 59 عاما، "كنت أشتري من هذه العلامة التجارية قبل انضمامي إلى شركة إیندتكس، ولدي كثير من تلك البدل، معظمها باللون الأزرق الداكن".
إنه ليس الزبون الدائم الوحيد بأي حال. خلال فترة عمله التي استمرت 17 عاما في شركة إیندتكس، ارتفعت رسملة المجموعة ستة أضعاف. في 2021، آخر عام كامل لإيسلا في قيادة شركة التجزئة، حققت "إیندتكس" أرباحا صافية قدرها 3.24 مليار يورو من مبيعات قدرها 27.72 مليار يورو.
بصفته رئيسا تنفيذيا للمجموعة، كيف حقق إيسلا استراتيجية نمو ناجحة في شركة ضخمة بالفعل؟
تتمثل إحدى النقاط الرئيسة في أن شركة إیندتكس، التي تشمل علامتها التجارية زارا وبول آند بير، أبقت دائما خطوطها للتوريد محلية ومرنة. يقول، "إذا كان لديك القماش، يمكنك إرسال هذا القماش إلى مصنع في جاليسيا أو في المغرب، ثم في غضون أسبوعين سيعود اللبس إلى منصة الخدمات اللوجستية ويمكنك بيعه".
لقد أصبحت قدرة الشركة على إنتاج الملابس المطلوبة بوتيرة سريعة نموذجا حاول تجار التجزئة الراقون الآخرون تقليده منذ ذلك الحين. تنتج "إیندتكس" نحو نصف ملابسها قريبا في مصانع بالقرب من مقرها الرئيس في مدينة أرتيكسو في جاليسيا، شمال غرب إسبانيا، وكذلك في البرتغال والمغرب.
أحد أهم التحسينات التي أدخلها إيسلا على هذه العملية كانت رعاية تطوير التكنولوجيا التي حولت إلى حد كبير عملية المتاجر التقليدية إلى عملية تجزئة هجينة، باستخدام شبكتها العالمية المكونة من 6400 متجر كواجهة للعرض ومراكز توزيع صغيرة للأشخاص الذين يشترون الملابس باستخدام هواتفهم الذكية.
كانت هذه الخطوة ناجحة، وبحلول 2021، جاء ربع مبيعات "إیندتكس" من المشتريات عبر الإنترنت. لقد أدى الانهيار المالي العالمي، وأزمة الديون في منطقة اليورو، وأخيرا، جائحة كوفيد- 19، إلى انخفاض الإنفاق الاستهلاكي وتضخم التكلفة إلى تدمير القطاع. لكن في ظل إدارة إيسلا، وسعة شركة التجزئة أيضا شبكة متاجرها بينما أغلق كثير من المنافسين شبكاتهم.
لا يقبل إيسلا التحدث عن منافسي "إیندتكس". "لن أتحدث مطلقا عن شركة أخرى، حتى مع المستثمرين". لكنه يعتقد أن هناك أكثر من طريقة للنجاح في أي سوق. "في مجال الأعمال، تزدهر ليس بسبب نموذج العمل فحسب، بل بسبب تنفيذك لهذا النموذج. لكن يكاد يكون من المستحيل أن تكون ناجحا إذا حاولت تكرار نموذج أعمال شركة أخرى دون امتلاك الثقافة المناسبة".
كما يعترف أن "إیندتكس" كانت محظوظة إلى حد ما في نجاحها في مبيعات تصاميم ملابس معينة، مثل الفستان الأبيض المنقط الذي أنتجته شركة زارا في 2019 الذي أصبح ضجة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي. يقول، "في الأزياء، هناك دائما عنصر مفاجأة. إنه أمر يتعلق بالعواطف. ولهذا السبب فإن المرونة مهمة للغاية".
مع الحفاظ على مرونة الأمور، أعطى الأولوية أيضا للتركيز على الروابط طويلة الأجل. "تربطنا علاقة مع بعض هؤلاء الموردين لأكثر من 20 عاما، لذلك فإنها متكاملة للغاية. كما تمتلك إیندتكس عشرة مصانع، وهذه المصانع على اتصال بهؤلاء الموردين طوال الوقت".
تعمل "إیندتكس" وفق هيكل إداري مسطح وموزع للغاية، ما يمنح المديرين في الدول المختلفة القدرة على اتخاذ القرارات بسرعة. يقول إيسلا، "لا أعرف ما هي الكلمة المناسبة في اللغة الإنجليزية لكن شيئا مثل التفصيل. عندما تفكر في عملية الشراء في إیندتكس، فهناك المئات من المشترين، لذلك لا يتعامل كل مشتر مع كثير من المصانع. بمثل هذا التفصيل، لا تكون سلسلة التوريد في إیندتكس مركزية للغاية".
عندما كان رئيسا تنفيذيا، تجنب إيسلا الأضواء. يقول، "اعتقدت أنه سيكون من الأفضل أن تكون الشركة هي الشخصية الرئيسة. بالطبع كنت أعقد مؤتمرات صحافية. لم يكن الأمر أنني كنت بعيدا عن الاتصال بوسائل الإعلام. أفضل أن أكون شخصية غير بارزة". لا تعني الشخصية غير البارزة أن أحدا لم يلاحظ أداءه، إنه أحد الأشخاص القلائل الذين يتصدرون تصنيف مجلة "هارفارد بزنس ريفيو" لأفضل رئيس تنفيذي أداء لمدة عامين متتاليين.
الآن يتحدث بصراحة عن مدى أهمية دعم الثقافة الداخلية للشركة من القائد. يقول، "بالنسبة لي، ما يهم هو مدى أهمية أن تقود بالقيم. الأمانة، والموثوقية، والاحترام، والشفافية، والتنوع، مع الموظفين والمستثمرين ووسائل الإعلام والموردين وجميع أصحاب المصلحة. لقد حاولت دائما أن أكون شخصا يمكن الاعتماد عليه للغاية، شخص يمكن الوثوق به".
كما أنه عمل بجد لتنويع قيادة الشركة، كما يقول، مشيرا إلى أنه عين نساء رئيسات للشركة في الأسواق الرئيسة، بما في ذلك الصين، واليابان، وأستراليا، وكندا. "عندما أقول التنوع، أعني تعزيزه على جميع المستويات داخل الشركة. التنوع بين الجنسين والتنوع العرقي".
يرى إيسلا رئيسه السابق أمانسيو أورتيجا، مؤسس شركة إیندتكس، مثله الأعلى في القيادة. كان الاثنان على اتصال يومي في الوقت الذي كان إيسلا يدير شركة التجزئة وما زالا يتحدثان كثيرا، كما يقول. "إن العلاقة أشبه ما تكون بالأسرية دون أن تكون أسرية فعلا. أود أن أقول، في البداية كان من الواضح تماما، مستوى التفاهم بيننا. ونحن الآن صديقان مقربان جدا".
لقد ذكر أنه عندما كان أورتيجا يبحث عن رئيس تنفيذي في 2005، وضع شرطا يقضي بأن يوافق أي شخص يتم اختياره على الانتقال إلى جاليسيا، ونتيجة لذلك انسحب بعض المرشحين من العملية.
كان إيسلا، الذي درس المحاماة، في وقت تعيينه رئيسا لألتاديس، مجموعة تبغ إسبانية "مملوكة الآن لشركة إمبيريال توباكو". يقول إنه لم يتوقع أن يكون في "إیندتكس" لفترة طويلة فحسب، بل لم يكن في ذهنه نقطة نهاية عندما انضم إليها. "أي كان ما أفعله، أفكر في فعله إلى أجل غير مسمى. أعتقد أنها الطريقة الوحيدة للتعامل مع حياتك المهنية".
عندما تنحى إيسلا في 2022، تولت مارتا، ابنة أورتيجا، منصب رئاسة مجلس الإدارة، بينما تم تسليم منصب الرئيس التنفيذي إلى أوسكار جارسيا ماسيراس، المستشار العام وسكرتير مجلس إدارة "إیندتكس".
عندما سألت إيسلا عما إذا كان له أي علاقة بالتخطيط للخلافة التي أدت إلى تعين ماسيراس، قال، "هذا أمر خاص تماما. لكن لدي ثقة تامة بالطريقة التي نظمنا بها الخلافة وفريق الإدارة للشركة".
كما يرفض إيسلا أن يستغل قول أي شيء عن مارتا أورتيجا. "لقد عرفت مارتا منذ أن كانت طالبة جامعية، وتشاركنا كثيرا من اللحظات العائلية. لكني لا أحب أبدا في الحياة عموما أن أعلق على الأشخاص الآخرين أو أنقدهم. أفضل التزام الصمت".
بعد استقالته من "إیندتكس"، يحتفظ إيسلا بمنصب في مجلس إدارة نستله، مجموعة البضائع الاستهلاكية السويسرية، كما أنه عضو في مجلس أمناء مؤسسة أمانسيو أورتيجا.
في جامعة أي إي - شريكة "فاينانشال تايمز" في شركة هيد سبرينج للتعليم التنفيذي - يمكن لإيسلا مشاركة خبرته الإدارية مع الطلاب. لكنه لا يرى نفسه مدرسا منتظما يقف أمام قاعة مليئة بالطلاب، ويفضل أسلوبا أكثر مرونة. يريد أن يخوض محادثة مع عميد كلية الأعمال أمام الطلاب الجدد، وأن يلي ذلك جلسة أسئلة. "أحب هذا النوع من التفاعل، وأرى نفسي أفضل هذا أكثر من أن أصبح أستاذا".
كما يجد وقتا لاهتمامات أخرى، السينما. إيسلا مؤسس مشارك لشركة إنتاج أفلام. "عندما بدأت الدراسة في الجامعة، كنت أذهب كل يوم بعد الظهر. وعندما بدأت استئجار أفلام الفيديو، كنت دائما أفضل عملاء المتجر". إنها إشارة إلى القوة الدائمة للبيع بالتجزئة في حياته.
3 أسئلة لبابلو إيسلا
من هو مثلك الأعلى في القيادة؟
أمانسيو أورتيجا. 100 في المائة. إنني معجب برؤيته في إنشاء شركة بنموذج أعمال ثوري. أيضا، الطريقة التي تمكن بها دائما من إظهار أفضل ما في جعبة كل من حوله وطموحه الدائم للتحسن. كل شيء يمكن أن يكون أفضل دائما.
ما أول درس تعلمته في القيادة؟
كان من والدي. لقد شغل عدة مناصب تنفيذية. كان هناك دائما مستوى من الالتزام، ومن الأخلاق. كما كانت لديه رؤية عملية حول أي مشكلة في العمل، وتوجها نحو العميل.
لو لم تكن تمارس ما أنت تمارسه الآن، ما الذي كنت ستفعله؟
لقد ازداد اهتمامي بالإدارة، لكني أحب مهنة المحاماة أيضا. لو لم أتمكن من أن أصبح رئيسا تنفيذيا، فمن المحتمل أن أكون شريكا رئيسا أو كنت قد أنشأت شركة محاماة خاصة بي. وإذا فكرت بطريقة مختلفة تماما، فربما كنت سأكون مخرجا سينمائيا. إنه شغفي الأكبر.