هواة الألعاب مقابل الرأسماليين الجشعين .. لمن الغلبة؟

هواة الألعاب مقابل الرأسماليين الجشعين .. لمن الغلبة؟

قبل 40 عاما، أخبرني طفل في آخر الشارع عن هذه اللعبة الجديدة الرائعة، "تانلز آند ترولز". ظل شيء ما من شرحه لها محيرا. هل كانت لعبة حاسوبية، مثل "باك مان" أو "تشاكي إيج"؟ أم لعبة لوحية، مثل "ريسك" أو "مونوبولي"؟ لا. لم يكن هناك جهاز حاسب، وعادة، لا توجد لوحة.
جزء كبير من اللعبة كان في الخيال، حيث يتولى اللاعبون أدوار المحاربين الأبطال أو السحرة الأقوياء. "سيد اللعبة" وصف الوضع، واستخدم كلا من النرد وتقديره لتحديد ما كان ممكنا، وحتى ارتجل جميع الأدوار الصغيرة في الدراما. لقد كانت "لعبة تقمص الأدوار"، وهي طريقة جديدة تماما للاستمتاع. في سن الـ11، كنت مفتونا.
تعيش ألعاب تقمص الأدوار لحظة تحت الأضواء، لحظة تقدم دروسا قيمة لبقية الاقتصاد. اللعبة الأقدم والأكثر شعبية إلى حد بعيد، دانجنز آند دراجنز "دي آند دي"، تفتخر بضمها عشرات الملايين من اللاعبين، بمن فيهم مشاهير مثل فين ديزل وتا نيهيسي كوتس وأندرسون كوبر وستيفن كولبير وديبورا آن وول. وفيلم بميزانية كبيرة قادم، مع أمل "دي آند دي" في أن تنضم إلى "مارفل" و"ستار وورز" بصفتها علامة تجارية ترفيهية كبيرة.
لكن مع تنامي القوى تأتي مسؤولية متزايدة، وقد اهتزت تلك الهواية في الأسابيع الأخيرة بسؤال: من يملك لعبتنا؟ الجواب عن هذا السؤال ليس واضحا. "دي آند دي" مملوكة لـ"ويزاردز أوف ذا كوست"، التي هي الآن شركة تابعة لعملاق الألعاب "هاسبرو". من الواضح أن "هاسبرو" تملك علامات تجارية وتعبيرات إبداعية كثيرة لوحوش اللعبة والعوالم والتعاويذ الخيالية.
لكن الفكرة الأساسية للعبة الأدوار نفسها، في حين ترتبط ارتباطا وثيقا بـ"دي آند دي" وابتكارها عام 1970 على يدي ديف أرنيسون وجاري جيجاكس، غير محمية بحقوق الطبع والنشر. دخولي إلى اللعبة، تانلز آند ترولز، تجاهل فضل أفكار "دي آند دي" الأصلية على اللعبة. كانت القواعد مختلفة، لكن الفكرة الأساسية هي نفسها.
صلب الموضوع هو أن الفكرة الأساسية هذه تفيد بأن متعة اللعبة تتم إثارتها أثناء اللعب. يخترع اللاعبون شخصياتهم، في حين يضع سيد اللعبة السيناريو من الصفر. القول إن "هاسبرو" تمتلك ما يحدث حول طاولة الألعاب أمر مثل منطقية القول إن محادثة أثارتها مقالة في مجلة "نيويوركر" في حفل عشاء هي ملك لـ"كوندي ناست"، الشركة الناشرة للمجلة.
"هاسبرو"، بالطبع، لم تحاول المطالبة بملكية تجارب الألعاب. لكنها أقدمت على اندفاع أخرق للاستيلاء على حصة أكبر من كعكة الأرباح. في عام 2000، أصدرت "ويزاردز أوف ذا كوست" ترخيص الألعاب المفتوحة، الذي سمح لناشرين آخرين بابتكار مواد متطابقة لـ"دي آند دي". "يقول المهووسون بالملكية الفكرية إن هذه المواد المتطابقة كانت قانونية دائما، إلا أن تصريحها رسميا كان مطمئنا لصناعة الأعمال الصغيرة الشاسعة لناشري ألعاب الأدوار".
بدا ترخيص الألعاب المفتوحة نهائيا لا رجعة فيه، لكن في كانون الثاني (يناير) من هذا العام، نقلت الصحافية، ليندا كوديجا، اقتراحا مسربا يقول إن "هاسبرو" كانت على وشك إلغاء الترخيص واستبداله بشيء أكثر إرهاقا.
بعد ضجة كبيرة من اللاعبين والشركات الناشرة الصغيرة، رضخت "هاسبرو" وحتى تبنت ترخيص المشاع الإبداعي الأكثر قياسية والأكثر تساهلا. عشرة آلاف من كتاب الألعاب شبه المحترفين تنفسوا الصعداء.
على الرغم من أني لا أتعاطف كثيرا مع "هاسبرو"، إلا أني أفهم الدافع وراء استيلائها المنحوس على السوق. لاستخدام كلمة غير محببة، من الصعب "الكسب" من هذه الألعاب، أو كما يقول خبير اقتصادي، هي تنتج فائضا استهلاكيا ضخما.
مثلا، لعبتي المفضلة على الدوام هي "دراجنز واريورز". كلفتني 10.50 جنيه استرليني، سعر لم يكن مكلفا حتى على مراهق في الثمانينيات. لذلك، اقتنيت لعبة ما زلت أحبها وألعبها بعد 40 عاما. استفادت الشركة الناشرة، "كورجي"، والمؤلفان، ديف موريس وأوليفر جونسون، ماليا من شرائي اللعبة، لكن مكاسبهم كانت ضئيلة مقارنة بمكاسبي.
تؤدي "هاسبرو" عملا أفضل في سحب الأموال من اللاعبين، لكنها تواجه التحدي نفسه. يمكنك تنزيل القواعد مجانا، أو دفع نحو 25 دولارا مقابل حزمة بداية. بأقل من 200 دولار، يمكن للاعبين امتلاك جميع الإصدارات الأساسية في غلاف مقوى لامع، ولا يحتاجون أبدا إلى إنفاق سنت آخر للاستمتاع بالألعاب مدى الحياة.
إذن، ما الذي يجب أن يفعله رأسمالي جشع؟ المال الحقيقي يكمن في تكرار المشتريات. كرة القدم مربحة كثيرا، لكن ليس من تجارة بيع كرات القدم. بدلا من ذلك، بع التذاكر لمشاهدة المشاهير يلعبون، إلى جانب قمصان ذات علامات تجارية واشتراكات تلفزيونية ومراهنات على من سيفوز.
هواية ألعاب الطاولة أصغر، لكن ينطبق عليها المبدأ نفسه. حققت "ويزاردز أوف ذا كوست" ثروة صغيرة من بيع بطاقات يتم جمعها للعبة ورق، وتوفر أدوات الألعاب الرقمية على أساس اشتراك دوري. "جيم ويركشوب"، شركة التجزئة لبيع الألعاب التي باعتني نسختي الأولى من "تانلز آند ترولز"، أطلقت ألعاب الأدوار لألعاب حرب، هواية تفضي إلى بيع عدد لا يحصى من مجسمات الشخصيات المصغرة.
في الألعاب، كما هي الحال في جوانب حياتية أخرى عديدة، الأشياء الجيدة مجانية "أو تقريبا مجانية"، وتجني الشركات المال من بيع الملحقات لنا. من البحث على الإنترنت إلى البنسلين، العالم مليء بمنتجات ذات قيمة ضخمة لكنها تكلف مبلغا زهيدا جدا. هذا سبب لنكون ممتنين ويقظين أيضا: في الوقت الحالي، يحاول شخص ما في مكان ما معرفة كيف يبيعك اشتراكا شهريا من أجل شيء ما.
يمكن للتيقظ أن ينجح. أدت محاولة "هاسبرو" سحب مزيد من الأموال من اللاعبين إلى تنبيه اللاعبين الأصغر سنا إلى شيء كنا نصر عليه نحن المخضرمين منذ عقود: نحن من نملك الألعاب. بمجرد أن تستوعب فكرة لعبة تقمص الأدوار -مثلما تعلمت ذات مرة فكرة كرة القدم- لن تحتاج إلى شيء باهظ الثمن لتواصل اللعب إلى الأبد. تحتاج فقط إلى بعض الأصدقاء وبعض الخيال.

الأكثر قراءة