لوائح إدراج صينية جديدة تبعث الأمل في هونج كونج
أحكمت الصين قبضتها على الإدراج الخارجي بقواعد جديدة، يقول مصرفيون ومحامون إنها تفضل هونج كونج والأسواق المحلية الصينية على وول ستريت.
تأتي القواعد التي تدخل حيز التنفيذ في نهاية آذار (مارس)، بعد عامين من إيقاف بكين المفاجئ للاكتتابات العامة الأولية المربحة في هونج كونج ونيويورك ومناطق خارجية أخرى ضمن حملة تنظيمية شاملة.
قال زان كاي، كبير المستشارين في شركة يواندا القانونية الصينية ـ مقره شنغهاي، "قد نرى بعض الانتعاش في الاكتتابات العامة الأولية الأمريكية من الشركات الصينية، لكن من الصعب تصور عودة التدفقات إلى ذروتها". أضاف "لا غنى عن سوق رأس المال الأمريكية، لكن كثيرا من الشركات الصينية لم تتعاف بالكامل من صدمات النزاعات الجيوسياسية بين الصين والولايات المتحدة".
يمكن قياس تكلفة الأعمال الضائعة بمليارات الدولارات. في العامين السابقين للحملة، جمعت عمليات الإدراج الخارجي لشركات التكنولوجيا الصينية سريعة النمو أكثر من 40 مليار دولار في العام، ما يحقق رسوما سنوية تصل إلى أكثر من مليار دولار للبنوك الاستثمارية، بما فيها "جولدمان ساكس" و"مورجان ستانلي".
تغير كل ذلك عندما مضت مجموعة ديدي تشوكسينج لطلب سيارات الأجرة في بيع أسهم في نيويورك في حزيران (يونيو) 2021، على الرغم من مخاوف بشأن الأمن القومي لدى المنظمين الصينيين. بعد أيام، أطلقت بكين حملة على قطاع التكنولوجيا أوقفت فعليا جميع الإدراجات الخارجية، عدا القليل، ريثما تنشر اللوائح المجددة.
تم جمع ما يقارب 90 في المائة من المبلغ الذي جلبته الاكتتابات العامة الأولية الصينية العام الماضي، البالغ 76 مليار دولار، في شنغهاي وشينزن، وتم جمع الباقي كله تقريبا في هونج كونج.
القواعد الجديدة التي نشرتها لجنة تنظيم الأوراق المالية الصينية الجمعة، تقدم أول نظام موحد للتدقيق ومراقبة الشركات التي يتم تعويمها في الخارج.
قبل الحملة كان باستطاعة المصدرين الصينيين ببساطة إنشاء هيكل خارجي يعرف بالجهات متغيرة الفائدة لبيع الأسهم في الخارج. سمح لهم ذلك بتجنب عمليات التدقيق الطويلة للاكتتابات العامة الأولية الداخلية وتجنب القيود على الاستثمار الأجنبي في قطاعات معينة.
تنظم اللوائح الجديد هيكل الجهات متغيرة الفائدة، الذي يتطلب الآن موافقة من الجهات التنظيمية ذات الصلة قبل أن تبدأ عملية الاكتتاب العام الأولي.
قال جيسون إلدر، شريك في شركة ماير براون القانونية في هونج كونج، إن التنظيمات الجديدة كان "من المتوقع أن يكون لها تأثير إيجابي" في وتيرة الاكتتابات العامة الأولية الخارجية "وتبسيط طريق الإدراج للشركات التي تقع مقارها في الصين وتقديم قدر أكبر من اليقين للشركات التي تفكر في الإدراج في الخارج".
لكن مصرفيين لاحظوا أن الشركات لا تزال حذرة من اختبار مدى أمان بيع الأسهم في الخارج، خاصة في نيويورك.
قال أحد مصرفيي الاكتتاب العام الأولي في شركة وساطة مملوكة للدولة في بكين، "لا يزال الجميع في وضع الانتظار والترقب عندما يتعلق الأمر بالتقديم لإدراج في الولايات المتحدة". أضاف "هذه قواعد جديدة، ولا يزال على الناس انتظار إعادة توزيع الموظفين في الجهات التنظيمية المالية". من المرجح أن يحدث هذا بعد الاجتماع السنوي للمجلس التشريعي الصيني، الذي من المقرر أن يبدأ الشهر المقبل.
كما أن الظل الذي تلقيه التوترات بين الولايات المتحدة والصين – الذي زادت حدتها أخيرا نتيجة لعلاقات الصين مع موسكو واتهام واشنطن لبكين بإطلاق منطاد تجسس فوق الولايات المتحدة – يظل واضحا أيضا بالنسبة إلى المصدرين. هذا على الرغم من اتخاذ بكين وواشنطن العام الماضي خطوة كبيرة نحو إيجاد حل لمواجهة بشأن الوصول إلى أوراق التدقيق الخاصة بالشركات الصينية المدرجة في وول ستريت.
مسؤول تنفيذي كبير في إحدى شركات تزويد خدمات لوجستيات الشحن في الصين، يخطط للاكتتاب العام هذا العام، قال لفاينانشيال تايمز إنه حتى مع تطبيق نظام الإدراجات الخارجية الجديد، فإن شركته "ستنظر فقط في إدراجات هونج كونج والبر الرئيسي" من أجل تجنب المخاطر الجيوسياسية.
وقد يكون من الصعب الحصول على إدراجات كبيرة ومربحة، حسبما قال مديرو أصول دوليون، لأن طلب المستثمرين على الأسهم الصينية لم يتعاف تماما.
قال رئيس المبيعات المؤسسية في آسيا لدى أحد مديري الأصول الغربيين، "لم نر صناديق مؤسسية عالمية كبيرة تعيد تأكيد رغبتها في الاستثمارات الصينية حتى الآن، وهذا هو بالضبط نوع المستثمر الذي تحتاج إليه لاكتتاب عام أولي واسع النطاق في الخارج". أضاف "تتعافى الرغبة بالتأكيد إلى حد ما، لكن الناس لا يزالون حذرين للغاية".
يعتقد مصرفيون أن الإدراجات الخارجية من قبل الشركات الصينية ستتركز على الأرجح في هونج كونج، حيث تكون المخاطر المتوقعة من المنظمين في كل من الولايات المتحدة والصين أقل. ومن شأن ذلك أن يقدم دفعة إيجابية لبورصة المدينة، التي ذكرت الخميس أن جمع الأموال السنوي عن طريق الأسهم انخفض أكثر من الثلثين في 2022 إلى 254 مليار دولار هونج كونج (32 مليار دولار) فقط.
فريزر هاوي، خبير مستقل في الشؤون المالية الصينية، يرى أن"هونج كونج في حاجة ماسة إلى عودة تلك الأعمال"، مشيرا إلى أن "حقيقة أنها خارج ضوابط رأس المال تمنحها ميزة كبيرة لا تتمتع بها أي مدينة أخرى في الصين. من هذا المنطلق، تعد هونج كونج وجهة مفضلة طبيعيا، حتى مع عدم توقعي بأن تعود إلى أيامها الذهبية".
من جانبه، فيديريكو بازوني، الرئيس التنفيذي للخدمات المصرفية الاستثمارية في "فانتج كابيتال ماركيتس"، قال "الولايات المتحدة منطقة محظورة الآن بلا شك، وهذا يصب في مصلحة هونج كونج بالتأكيد". لكنه أضاف أن الإصلاحات لتبسيط بنية الإدراجات الداخلية في الصين، التي تم الإعلان عنها إلى جانب نظام الإدراج الخارجي الجديد، يمكن أن تحفز مزيدا من المصدرين على اختيار الإدراج في البر الرئيسي بدلا من هونج كونج. "قد يكون الفائز الحقيقي في كل هذا هو سوق الأسهم المحلية في الصين".