طلائع جيش الأسهم الميمية تعود إلى «وول ستريت»

طلائع جيش الأسهم الميمية تعود إلى «وول ستريت»

يضخ مستثمرو التجزئة حاليا مبالغ قياسية في الأسهم الأمريكية، ما يعني ضمنيا منح المتداولين الصغار نفوذا أكبر مما كان لديهم في ذروة جنون "الأسهم الميمية" قبل عامين.
في ذلك الوقت عمل جيش من المتداولين الهواة الضجرين، العالقين في منازلهم خلال الجائحة، على رفع أسعار أسهم عديد من الشركات الاستهلاكية الصغيرة المتعثرة، كشركة جيم ستوب لألعاب الفيديو، ومشغلة السينما أيه إم سي إنترتينمنت، وسلسلة بيد باث آند بيوند للمستلزمات المنزلية.
الآن أصبحت رهاناتهم أكثر انتشارا، الأمر الذي يشير إلى شهية جديدة بعد خسائر تكبدها كثير منهم في العام الماضي. فقد ساعدت التدفقات النقدية على تداولات التجزئة على دفع انتعاش قوي في السوق بداية عام 2023، رغم نقص نسبي في الحماس في أوساط مديري الصناديق المحترفين.
وفقا لبيانات جمعتها شركة فاندا ريسيرش الاستشارية، استثمر صغار المستثمرين مبالغ غير مسبوقة بلغت في المتوسط 1.51 مليار دولار يوميا على مدار الشهر الماضي، بينما أظهرت بيانات يتتبعها بنك جيه بي مورجان أن مستثمري التجزئة شكلوا في كانون الثاني (يناير) ما يصل إلى ربع جميع تداولات الأسهم، رقم قياسي.
قال محللون في "فاندا"، "بينما تظهر الاستطلاعات الأخيرة أن مجتمع المستثمرين المؤسسيين لا يزال هبوطيا على نطاق واسع فيما يتعلق بالأسهم، فإنه سيكون من غير الحكمة التقليل من أهمية جماعة التجزئة. خلاصة القول إن على المستثمرين أن ينتبهوا للإشارات الآتية من المستثمرين غير المتمرسين".
تظهر بيانات "فاندا" اهتماما غير مسبوق من صغار المتداولين في سهم شركة تسلا -وهو سهم متقلب يحظى بالشعبية منذ فترة طويلة لدى المستثمرين الأفراد- كما تظهر عمليات شراء مكثفة لأسهم شركات لديها توزيعات أرباح مثل أيه تي آند تي وكوكا كولا. والأهم من ذلك، كانت تلك المشتريات في الأغلب من الأسهم بدلا من الخيارات المرتبطة بها، التي يمكن استخدامها باعتبارها وسيلة أرخص للمراهنة على اتجاه السهم.
قال ماركو إياتشيني، كبير المحللين الاستراتيجيين في "فاندا"، "حقيقة عدم التركيز على الخيارات تخبرنا بأن هناك تحولا في استثماراتهم طويلة الأجل. أعتقد أن هذا كان نتيجة لخسارة المال في الـ18 شهرا الماضية".
وفقا لـ"جيه بي مورجان"، تدفقات هذا العام من الجيل الأصغر من المتداولين المرتبطين بحمى الأسهم الميمية تعززت باهتمام المستثمرين الأكبر سنا. يميل الأخيرون إلى تفضيل الصناديق بدلا من الأسهم الفردية وبحلول الثامن من شباط (فبراير) كانوا قد وضعوا 125 مليار دولار في الصناديق المتداولة في البورصة وصناديق السندات بعد بيع 340 مليار دولار العام الماضي.
تظهر بيانات "جيه بي مورجان" أن المستثمرين الشباب يشترون أسهم الشركات الصغيرة مرة أخرى، لكنهم اشتروا أيضا أكبر أسهم التكنولوجيا. فقد كسب سهم تسلا 62 في المائة هذا العام، بينما ارتفع مؤشر ناسداك المركب للتكنولوجيا 12 في المائة. كذلك ارتفع مؤشر راسل 2000 لأصغر ألفي شركة في مؤشر راسل 3000 بنسبة 10 في المائة.
لقد مر عامان منذ أن تم استدعاء كبار التنفيذيين في مجال التداولات، والمنظمين، والمحللين في الولايات المتحدة إلى واشنطن لشرح سبب زعزعة النشاط المرتبط بالأسهم من قبل صغار المستثمرين في سوق الأسهم الأمريكية الواسعة.
وأثار ذلك دعوات لإصلاحات عميقة. وبالفعل وافقت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية هذا الأسبوع على جدول زمني لتقليل أوقات تسوية التداولات بمقدار النصف، إلى يوم واحد، للمساعدة على تقليل المخاطر التي دفعت بعض وسطاء التجزئة إلى الحد من أوامر الشراء في ذروة الهوس.
في ذلك الوقت، قال عديد من المحللين "إن كوفيد - 19 أوجد ظروفا مثالية لازدهار تداولات التجزئة، إضافة إلى انخفاض تكاليف الاقتراض، مع موجة من التطبيقات الجديدة التي سهلت التداول".
ولا يبدو أن الارتفاع السريع في تكاليف الاقتراض في العام الماضي أضعف الحماسة. فقد أشار محللو "فاندا" إلى مستويات مرتفعة من استثمارات التجزئة في صناديق الأسواق المالية، التي لا يزال من الممكن استخدامها إذا كانت ظروف السوق مغرية بدرجة كافية.
ومن المحتمل أن تكون بعض الأنشطة الأخيرة موسمية، حيث توفر تحديثات الأرباح حافزا للشراء، بينما يمكن أن يشهد موسم الضرائب الأمريكي المقبل سحب بعض المستثمرين النقود لدفع فواتيرهم.
قال توماس بيترفي، مؤسس شركة إنتر أكتف إنفسترز التي تركز على المستثمرين الأكثر خبرة، "دائما ما يتحسن نشاط فتح الحسابات الجديدة في بداية العام، أفترض أن الناس يقولون كقرار للعام الجديد سأولي مزيدا من الاهتمام لظروفي المالية". ارتفع العدد الإجمالي لحسابات عملاء الشركة 23 في المائة خلال عام.
وأضاف "بالنسبة إلي، مستثمرو التجزئة هم مجموعة من الأشخاص في الستينات من العمر لديهم أموال، ويريدون بين حين وآخر الدخول إلى السوق. من هم في العشرينات من أعمارهم ليس لديهم كثير من المال".
لا يوافق آخرون على ذلك، قائلين "إن هناك أيضا تحولا طويل الأجل يجري، حيث أصبح مزيد من المستثمرين على دراية بتطبيقات مثل روبن هود، التي تجعل التداول أسهل".
ويشير بعض المشاركين في الصناعة إلى أن إنشاء الأسهم الميمية قد تضاءل، وأن التطبيقات التي انطلقت لأول مرة خلال فترة انتشار الجائحة تستخدم لأغراض الاستثمار الأكثر تقليدية.
قالت زوي باري، مؤسسة تطبيق زينجيرو للتداول في التجزئة، "الناس يفترضون أن معظم المستثمرين الشباب هم جزء من جمهور الأسهم الميمية. إنهم لا يدركون أن هناك كثيرا من المتداولين الشباب يبحثون ويحاولون التعلم".

الأكثر قراءة