ماذا يخبرنا زوال التأثير عن اقتصاد المؤثرين؟

ماذا يخبرنا زوال التأثير عن اقتصاد المؤثرين؟

إذا كنت تكسب رزقك من إخبار الآخرين بما يشترونه عبر الإنترنت، فإن إخبارهم بعكس ذلك ربما يبدو تهديدا مباشرا لك. فقد تم الترحيب باتجاه مقاطع الفيديو التي تنصح المستخدمين بعدم إهدار أموالهم على مصففات الشعر، دايسون إيرراب، أو أوج مينيس، أو سماعات إيربودز ماكس، أو شامبو أولابلكس باعتباره تحديا للإفراط في الاستهلاك وعودة إلى الأصالة. إنه ليس شيئا من هذا القبيل. إنه مجرد تلاعب كأي أداء آخر على وسائل التواصل الاجتماعي، بل هو بدلا من ذلك علامة على القلق الاقتصادي.
الطبقة البراقة والمدللة من المؤثرين الذين يكسبون المال من جمهورهم على الإنترنت ومن العلامات التجارية التي يتعاونون معها، هي جزء من سوق تقدر قيمتها بـ16 مليار دولار. ويمتد مدى انتشارهم إلى ما وراء الحملات الإعلانية. تشير إميلي هوند، مؤلفة كتاب صناعة المؤثرين The Influencer Industry، إلى أنه حتى البيت الأبيض يوظف أشخاصا للعمل مع منشئي المحتوى عبر الإنترنت.
عمر السوق التي يعمل فيها المؤثرون يقارب عقدين. انتهى منذ زمن بعيد بريق الشباب من مدوني الفيديو، الذين وثقوا حياتهم اليومية على مستوى نواقص الأداء فقط. وابتعد جيل كامل من منشئي محتوى يوتيوب المشهورين. ويعمل خلفاؤهم في قطاع تتطلب فيه كل من العلامات التجارية وشركات الوسائط الاجتماعية محتوى منسقا بشكل أكبر.
لقد تغير الجمهور أيضا، أمضى المشاهدون صغار السن حياتهم بأكملها مع الإنترنت، وهم ملمون بحيل التسويق التقليدي. جذب انتباههم يتطلب شيئا جديدا.
هذا العام وصل اقتصاد المؤثرين إلى نقطة تحول غير مريحة بشكل أكبر. الجماهير ضخمة لكن النمو متوقف. حتى إن تك توك استقر. بلغ عدد مستخدمي التطبيق إلى مليار في أواخر 2021، ثم تباطأ النمو. كذلك انخفض عدد المستخدمين النشطين يوميا في تطبيق بي ريل ـ تطبيق أحدث ضجة كبيرة في وسائل التواصل الاجتماعي العام الماضي ـ بنسبة 50 في المائة تقريبا من أعلى مستوياته، وفقا لبيانات من "بودكاست بزنس أوف أبس" وشركة أبتوبيا للبرمجيات.
مع ذلك، لا تزال الشركات حريصة على عقد الاتفاقيات مع المبدعين المشهورين. وتعمل شركات التواصل الاجتماعي على بناء برامج للمبدعين وإيجاد طرق تسهل على المستخدمين إنفاق أموالهم. دمج "تك توك" و"إنستجرام" الأسواق التي تتيح للمستخدمين شراء الأشياء التي يرونها على التطبيقين مباشرة.
لكن انكماشا في الإنفاق على الإعلانات الرقمية يعني أن المدفوعات قد تتراجع. يقدم يوتيوب واحدا من أكثر البرامج سخاء، فهو يسمح للمبدعين بالاحتفاظ بـ55 في المائة من عائدات الإعلانات على مقاطع الفيديو الخاصة بهم. وفي وقت سابق من هذا الشهر، ذكرت شركة ألفابت أن أرباح إعلانات يوتيوب انخفضت 8 في المائة تقريبا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2022، مقارنة بالعام السابق. في الوقت نفسه، تبخر الاستثمار في الشركات التي تساعد المبدعين على جني الأموال مباشرة من المعجبين. ذكرت "فاينانشيال تايمز" أن التمويل انخفض من أكثر من ثلاثة مليارات دولار في 2021 إلى أقل من مليار دولار العام الماضي.
إذا كان منشئو المحتوى يكافحون بشدة من أجل المشتركين وأموال العلامات التجارية، فإن الأصالة في الأداء هي إحدى طرق التميز. وتعد مقاطع الفيديو غير المؤثرة طريقة لإثبات الاستقلالية وإنشاء اتصال أوثق مع المشاهدين.
كما أنها تتناسب على نحو متقن مع تحول أوسع نحو المنشورات المرتجلة على الإنترنت. فعبر وسائل التواصل الاجتماعي، يحاول المستخدمون الظهور بمظهر غير رسمي وأقل تحفظا. وما يسمى "0.5 صور شخصية" يتم تحميلها على سناب شات أو إنستجرام أو بي ريل يتم تعتيمها عن قصد أو التقاطها من زوايا غريبة. وغالبا ما يتم إنشاء مقاطع الفيديو على تك توك "التي يتم نسخها لاحقا على الفيديوهات القصيرة على إنستجرام"، بينما يزيل شخص ما مكياجه أو يتناول وجبة الإفطار. ويتم تصوير الآخرين كما لو كانوا في عجلة من أمرهم. ويطلق على ظاهرة قيام شخص ما بإمساك هاتفه وكبس زر تسجيل الفيديو قبل وضعه جانبا اسم "هزة جيل زد" التي تجعل الفيديو يظهر بشكل تلقائي بدلا من التخطيط له.
كل هذا يعادل الأفلام الوثائقية التي تظهر اللحظات حين يجلس الشخص الذي تتم مقابلته ويعدل سترته أو يعلق ميكروفونا قبل بدء التصوير "الحقيقي". إنه أداء أصيل من أشخاص يدركون تماما أنه تتم مشاهدتهم.
إن زوال التأثير لا يعد رفضا للاستهلاك أو وسائل التواصل الاجتماعي، يمكنك معرفة ذلك من خلال حقيقة أن عديدا من صانعي مقاطع الفيديو يتابعون التعليقات السلبية مع اقتراحات للأشياء التي ينبغي لمتابعيهم شراؤها بدلا من ذلك.
بدلا من ذلك، إنه توضيح لمدى صعوبة أن تبدو صادقا وجديرا بالثقة على الإنترنت. بالنسبة لعديد من المستخدمين، لا يتمثل هدف وسائل التواصل الاجتماعي في مشاركة كيفية رؤيتهم للعالم، بل كيف يراهم العالم. أو كيف يتمنون لو رآهم. إن رؤيتك وأنت تفرط في المحاولة أمر محرج. لكن الظهور بلا مجهود يتطلب مجهودا أكبر.

الأكثر قراءة