صناديق السندات المتداولة متهمة بسحب السيولة من السوق
يقول أكاديميون إن صناديق الدخل الثابت المتداولة في البورصة ETF يمكن أن تمتص السيولة من سندات الشركات خلال فترات ضغوط السوق، ما قد يزيد من حدة اضطرابات الأسعار أثناء الأزمات.
عموما، ينظر إلى صناديق السندات المتداولة في البورصة على أنها ابتكارات عززت السيولة وساعدت في اكتشاف الأسعار وتحديدها أثناء اضطرابات السوق، ما وفر خيارا أفضل من التداول في السندات الأساسية.
خلال عمليات البيع المكثفة المدفوعة بفيروس كورونا في السوق في آذار (مارس) ونيسان (أبريل) 2020، هبط صافي قيمة أصول العشرات من صناديق الدخل الثابت المتداولة في البورصة إلى انخفاضات غير مسبوقة.
عقب إدراك الأمر بعد فوات الأوان، يتمثل الرأي السائد في أن الصناديق المتداولة السائلة نسبيا هي التي كانت تتداول بأسعار معقولة، وأن كثيرا من السندات الأساسية لم يتغير حاملوها لذا ببساطة تم تسعيرها بأسعار قديمة، لم تتأثر بآخر التغيرات، ما جعلها مرتفعة على نحو غير واقعي. في رواية سير الأحداث هذا، كانت الصناديق المتداولة البطل الطيب، حيث قدمت أداة للبائعين المتعثرين المحتاجين إلى الخروج، أو على الأقل التحوط من انكشافهم، مع السماح أيضا لصائدي الصفقات بالتدخل وتثبيت السوق.
مع ذلك، يشير أكاديميون من ثلاث كليات إدارة أعمال أمريكية إلى أن دور الصناديق المتداولة في البورصة ليس خيرا دائما، ويمكن أن تزيد من سوء حالة السوق الأساسية خلال فترات الاضطرابات.
تنبع المشكلة المحتملة من سلال وحدات الإنشاء والاسترداد، التي يتداولها مصدرو صناديق المؤشرات المتداولة مع صانعي السوق المعروفين باسم الجهات المعتمدة من أجل التعامل مع التدفقات الداخلة إلى صناديقهم المتداولة أو الخارجة منها.
على عكس صناديق الأسهم المتداولة، سلال الإنشاء والاسترداد في صناديق السندات لا تدرج عادة كل سند في المؤشر الذي تتبعه، حيث يمكن أن يشمل ذلك المئات، أو حتى الآلاف، من الإصدارات المنفصلة.
في ورقتهم البحثية، "توجيه سفينة في مياه غير سائلة، الإدارة النشطة للصناديق الساكنة"، يجادل الأكاديميون بأنه في الظروف العادية، إدراج السند في سلة صندوق متداول يجعل السند أكثر سيولة، لأن مزيجا عشوائيا من وحدات الإنشاء والاسترداد يرفع نشاط التداول.
مع ذلك، خلال أوقات الأزمات، حين يهرع مستثمرون كثيرون إلى الباب للخروج، تفوق وحدات الاسترداد وحدات الإنشاء بكثير. وفقا للورقة البحثية، في هذا السيناريو، إذا تم تضمين السندات في السلة "ربما تصبح الجهات المعتمدة مترددة في شراء مزيد من السندات نفسها، ما يقلل من سيولتها".
خلال موجة البيع في ذروة أزمة فيروس كورونا "أصبحت السندات التي تمثل نسبة كبيرة في سلال الاسترداد تمثل نسبة كبيرة في مخزون الجهات المعتمدة".
نظرا لقيود ميزانياتها العمومية، أصبحت الجهات المعتمدة مترددة في شراء مزيد من السندات نفسها في إطار دورها صانعة للسوق. وهكذا فقدت السندات الموجودة في سلال الاسترداد أكثر مشتريها الطبيعيين. وعندما لا يرغب صانعو السوق في شرائها، يمكن أن تصبح الورقة المالية غير سائلة تماما.
ياو تسنج، أستاذ مساعد في التمويل في كلية وارتون في جامعة بنسلفانيا ومؤلف مشارك في الورقة، أشار إلى "أن شح سيولة السندات الأساسية يمكن أن يعزى جزئيا إلى إدراجها في سلال الاسترداد".
إذا كان هذا صحيحا، فإن قطاع صناديق سندات الشركات المتداولة، السريع النمو، يمكن أن يتسبب في عرقلة سوق الدخل الثابت الأساسي أثناء الأزمات، وهي مشكلة من المتوقع أن تحتد مع استمرار نمو سوق الصناديق المتداولة في البورصة.
تأتي هذه الورقة بعد أن أثار كل من صندوق النقد الدولي وبنك التسويات الدولية تساؤلات حول تأثير الصناديق المتداولة خلال فترات ضغوط الأسواق.
لكن دان إيزو، الرئيس التنفيذي لشركة جي إتش كو، أحد صانعي سوق الصناديق المتداولة، شكك في النتائج الأخيرة. جادل بأن العلاقة السببية تسير في الاتجاه المعاكس – ولأن بعض السندات غير سائلة، فهي تظهر بشكل متزايد في سلال الاسترداد مع تكثف عمليات البيع، وليس العكس.
يشرح ذلك على النحو التالي، في اليوم الأول من أزمة ما، قد يصدر مصدر صندوق متداول سلة استرداد يرغب بها، لكن ربما ترد الجهات المعتمدة بأنها لا تستطيع قبول سوى 80 في المائة منها، مثلا، لأن الباقي غير سائل تماما.
إذا وافق المصدر على هذا، بحلول اليوم الثاني، يصبح مستميتا بشكل متزايد من أجل التخلص من بعض الأوراق غير السائلة، حيث يمكن أن يزداد الفرق في العوائد بين الصندوق ومؤشره المستهدف. وبذلك قد ترتفع حصة الأوراق غير السائلة في سلة الاسترداد المرغوبة من 20 في المائة إلى 40 في المائة.
تستمر هذه العملية إلى أن تقبل الجهات المعتمدة على مضض الورقة غير السائلة (أو العائدات النقدية مقابلها إذا باع المصدر نفسه الأوراق غير السائلة ووضع العائدات في السلة) أو تخف ضغوط البيع وتصبح التدفقات الداخلة إيجابية.
"إن شح السيولة يجعل المصدر يضع الورقة غير السائلة بوزن أثقل في السلة في محاولة لدفعنا إلى أخذها منه أو شرائها بسعر مناسب"، حسبما قال إيزو، الذي جادل بأن ارتفاع الصناديق المتداولة زاد فعليا من السيولة خلال فترات ضغوط السوق.
إم جيه ليتل، الرئيس التنفيذي لشركة تابولا إنفستمنت مانجمنت، المتخصصة في الصناديق المتداولة في السندات، ومتداول سابق في الدخل الثابت لدى "مورجان ستانلي"، شكك أيضا في النتائج.
أيد ليتل فكرة أنه مع تكثيف عمليات البيع، تميل الأوراق المالية غير السائلة إلى أخذ وزن أكبر في سلال الاسترداد حيث يسعى المصدرون إلى الحفاظ على مواءمة الفرق في العوائد بين الصندوق ومؤشره المستهدف.
لكنه قال إنه لم يفهم فكرة أن سندا ما تسوء سمعته بسبب بقائه في سلة خلال ضغوط السوق.
"لا أرى أي دليل على وجود مشكلة في النظام".