محللون: ذروة الطلب على الخام مستبعدة .. والمخاوف مستمرة بشأن مخاطر الإمدادات
تلقت أسواق النفط الخام دعما قويا بعد تأكيد الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن النفط الخام سيظل مطلوبا لأعوام أخرى، في وقت يتفق الخبراء المستقلون على أن الطلب العالمي على النفط والغاز الطبيعي سيزداد خلال الـ30 عاما المقبلة، في وقت تبقى فيه الضغوط الهبوطية على الأسعار ممثلة بشكل رئيس في مخاوف الركود وتوقعات أن يقدم الفيدرالي الأمريكي على رفع جديد لأسعار الفائدة لمكافحة التضخم.
ويقول محللون نفطيون إن ذروة الطلب على الخام مستبعدة في الأعوام المقبلة وإن أكبر اقتصادات العالم وهي الولايات المتحدة سيظل يعتمد على الخام لأعوام مقبلة، ولن ينخفض الاستهلاك بشكل حاد وإن التراجع سيكون بطيئا وقد يحدث بعد 2050.
وأشاروا إلى أن ارتفاع أسعار الخام بقفزات واسعة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا أدى إلى حصد شركات الطاقة الكبرى أرباحا قياسية في العام الماضي، تجاوزت 200 مليار دولار وهو ما وضعها في بؤرة انتقادات الإدارة الأمريكية، التي تتطلع إلى زيادة الإنتاج لخفض أسعار الوقود وتقليل صعوبة أزمة الطاقة وتقليص أسعار الوقود بشكل خاص. ولفتوا إلى تسجيل السوق تخفيضات كبيرة في الأسعار على الخام الروسي الذي يتم تداوله حاليا بأقل بكثير من الحد الأقصى لسعر 60 دولارا للبرميل الذي فرضته مجموعة السبع ابتداء من الخامس من كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
وفى هذا الإطار، يقول مارتن جراف مدير شركة "إنرجي شتايرمارك" النمساوية للطاقة إن مزيج الطاقة العالمي سيظل يعتمد على النفط الخام كمورد رئيس بالتكامل مع موارد أخرى.
وأضاف أنه بالرغم من مكاسب أسعار الطاقة التقليدية الواسعة إلا أن أغلب شركات الطاقة الأمريكية لم تستثمر أكثر لزيادة الإنتاج المحلي واستمرت في سياسة ضبط المعروض ورفع الكفاءة وتعويض المساهمين في ظل توجس الشركات من توجهات الإدارة الأمريكية بشأن الاستثمارات النفطية الجديدة.
أما سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون الطاقة والمصارف فيرى أن السوق النفطية تواجه حالة من تباين وجهات النظر بشأن أنسب السياسات في إدارة العرض، في الوقت الذي تطالب واشنطن بزيادة إنتاج النفط الخام على المدى القصير لإبقاء أسعار البنزين الأمريكية منخفضة، لكن الصناعة تريد سياسة طويلة الأجل تشجع الاستثمار في التوريد وتعطي تطمينات بأن صناعة النفط والغاز خاصة في الولايات المتحدة ستعامل بدعم قوي ومستدام من السياسات الفيدرالية ودون أي عقبات تنظيمية.
وأشار إلى أهمية الدعوة التي أطلقها معهد البترول الأمريكي، التى تطالب صانعي السياسات بضمان ازدهار إنتاج النفط الخام وتعزيز السياسات التي تدعم الاستثمار في قطاعات النفط والغاز والتكرير في الولايات المتحدة وخارجها، خاصة في ضوء توقعات راسخة بأن الطلب العالمي على النفط والغاز الطبيعي سيزداد خلال الـ30 عاما المقبلة.
ويشير أندريه يانييف المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة إلى أن خريطة الطاقة العالمية تبدلت في العام الماضي مع اندلاع الحرب وتحول أوروبا إلى موردين جدد بعد عقود من الاعتماد على النفط والغاز الروسيين، إلى أن الحظر الغربي وسقف الأسعار الذي فرضته مجموعة السبع أدى إلى ارتباك حسابات التجار، كما أدت الحرب إلى تسريع الاستثمار في الطاقة النظيفة.
وأكد أن شركات التكرير الهندية تواجه مشكلات في السداد لمشترياتها من النفط الروسي، بسبب سقف الأسعار المفروض على الصادرات الروسية من جانب الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع، لافتا إلى أن العقوبات منذ 5 ديسمبر الماضي تقيد تمديد الخدمات المصرفية والشحن والتأمين لصادرات الخام الروسي ما لم يتم تسعير الشحنة بأقل من 60 دولارا للبرميل، كما تم تطبيق قيود مماثلة على صادرات المنتجات النفطية الروسية منذ 5 شباط (فبراير) الجاري.
بدورها، تقول ليندا تسلينا العضو المنتدب للمركز المالي العالمي المستدام إن مخاطر العرض والأسعار عالية تستمر في التأثير في السوق النفطية مع تصعيد روسيا للحرب على أوكرانيا، كما من المتوقع أن تستمر التخفيضات في أسعار بيع النفط الروسي للتغلب على تداعيات الحظر وسقف الأسعار المفروض من الدول الغربية. وأشارت إلى أن أسواق الطاقة والسلع الدولية تواجه مزيدا من حالة عدم اليقين، ما يثير مخاوف بشأن مخاطر الإمدادات المستمرة وتوقع تسجيل عام جديد من الأسعار المتقلبة، موضحة أن التصعيد في أوكرانيا سيؤدي إلى اتخاذ الغرب موقف عقوبات أكثر صرامة، بينما تسارع روسيا في التحول نحو الأسواق الآسيوية، مشيرة إلى أن زيادة العبء الضريبي على منتجي النفط الروس قد يؤدي إلى نقص الاستثمار وانخفاض الإنتاج على المدى الطويل.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، استقرت أسعار النفط خلال تعاملات أمس، مع ترقب المستثمرين لتعليقات الفيدرالي الأمريكي على بيانات اقتصادية تشير إلى احتمال زيادة أسعار الفائدة، مما قد يخفض النمو الاقتصادي ويحد من الطلب العالمي على الوقود.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت تسليم نيسان (أبريل) بشكل طفيف إلى 83.07 دولار للبرميل بحلول الساعة 02:42 بتوقيت جرينتش بعد انخفاضها 1.2 في المائة، الثلاثاء. وانخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط لأبريل سنتا واحدا فقط إلى 76.35 دولار للبرميل. وانتهى عقد خام غرب تكساس لآذار (مارس) الثلاثاء على انخفاض 18 سنتا.
وأظهرت البيانات الأمريكية الأخيرة تجاوز قوة سوق العمل وارتفاع أسعار المستهلكين للتوقعات ومع ذلك، أظهرت تقارير اقتصادية أخرى من الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم، بعض العلامات المقلقة، فقد انخفضت مبيعات المنازل القائمة في كانون الثاني (يناير) إلى أدنى مستوى لها منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2010، وهو الانخفاض الشهري الـ12، في أطول مدة متصلة منذ 1999.
ويميل الدولار للصعود في ظل ارتفاع أسعار الفائدة، ما يجعل النفط المقوم به أكثر تكلفة لحاملي العملات الأخرى. وأدت التوقعات بتضاؤل الإمدادات العالمية وزيادة الطلب من الصين إلى دعم أسعار النفط في الآونة الأخيرة. ويتوقع المحللون أن تصل واردات الصين من النفط إلى مستوى قياسي في عام 2023 لتلبية الطلب المتزايد على وقود النقل ومع بدء تشغيل مصافي التكرير الجديدة.
من جانب آخر، انخفضت سلة خام أوبك وسجل سعرها 81.94 دولار للبرميل الثلاثاء مقابل 82.02 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول الأربعاء إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول انخفاض عقب ارتفاع سابق وأن السلة خسرت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 84.37 دولار للبرميل.