رسوخ
300 عام تمر على تأسيس الدولة السعودية، عنوانها الرسوخ والثبات والأصالة، عمر مديد مزدهر، بمشيئة الله وفضله وتوفيقه.
ما الذي يجب علينا أن نغرسه في أفئدة أبنائنا وبناتنا من قيم ليعوا ويدركوا قيمة الوطن وعظم المسؤولية في الحفاظ عليه وعلى مقدراته، وأنه أمانة بين أيادينا أودعنا إياها الآباء والأجداد؟ سؤال تردد في ذهني وأنا أقرأ وأشاهد رسائل ومقاطع وبرامج كثيرة من جهات مختلفة تحتفل بيوم التأسيس وتذكر به في عامه الثاني، ولا شك أن الإجابة عن ذلك السؤال تستلزم مسحا دقيقا يؤسس لدراسات تكتشف ما يشغل عقول الجيل الجديد من صغار الشباب والشابات وكيف يفكرون وأولويات أحلامهم وطموحاتهم، وهو جيل يختلف عن غيره ممن سبقه بشكل كبير، بل شاسع دون مبالغة، مع الانفجار المعلوماتي والاتصالي وتنوع أدوات التأثير وقدرتها غير المسبوقة على الوصول وترك الأثر في عقول النشء.
وجود مثل هذا الاهتمام البحثي الاستقصائي في غاية الأهمية، ولا بد أنه سيوفر مادة ثرية، وبالبناء على نتائجها يمكن وضع أسس لمضامين مناسبة تزيد من تأصيل ورسوخ الروح الوطنية، ولتكون سدا منيعا أمام المؤثرات السلبية.
يوم التأسيس يذكرنا أولا بفضل الله تعالى علينا بنعمة وطن راسخ الأساس قوي البناء آمن مطمئن، فالحمد لله والشكر له، ثم يذكرنا بتضحيات الآباء والأجداد حينما التفوا مخلصين حول قيادتهم الملهمة خلال مراحل ثلاث منذ الدولة السعودية الأولى بمؤسسها الإمام محمد بن سعود، رحمه الله، ليبنوا وطنا منيعا كريما نستظل بظله.
في تاريخنا الوطني المجيد قصص ملهمة للرواد ثرية بالإخلاص والتفاني والتضحية تنتظر من يكتشفها ويعيد صياغتها بصورة جذابة تناسب الواقع، وليعلم ويدرك الجيل الجديد قيمة ما بين أيديهم، يفخرون به ويحافظون عليه، ولا يحصرونه في يوم إجازة، واحتفالية بملابس تراثية خاصة ونحن معهم نرى هذا العالم المتغير المضطرب والموحش من حولنا، ونعيش -ولله الحمد- في واحة من الاستقرار والأمن.