مخاطرة أكثر وقوانين أقل.. خطة إحياء حي المال في لندن

مخاطرة أكثر وقوانين أقل.. خطة إحياء حي المال في لندن
مخاطرة أكثر وقوانين أقل.. خطة إحياء حي المال في لندن

قبل رأس السنة مباشرة، رتب رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، مؤتمر فيديو ثنائيا مع ماسايوشي سون في محاولة أخرى لإقناع رئيس شركة سوفت بانك القوي بإعادة شركة تصميم الرقائق، آرم، إلى سوق الأسهم في المملكة المتحدة.
وصف الأشخاص المشاركون في المكالمة بأن المحادثة بين السياسي وسون، الذي استحوذت شركته الاستثمارية على شركة آرم مقابل 32 مليار دولار في 2016، إيجابية. تحدث سوناك، ثالث رئيس وزراء يحاول إقناع سوفت بانك بالتفكير في إعادة إدراج شركة آرم في لندن، عن أهمية الشركة وكيف أرادت المملكة المتحدة أن تصبح قوة عظمى في التكنولوجيا. في المقابل يدرك سون أهمية قصة نجاح شركة التكنولوجيا التي تتخذ من كامبريدج مقرا لها بالنسبة إلى المملكة المتحدة.
بالنسبة إلى كثيرين في حي المال، القرار الوشيك بشأن إدراج إحدى شركات التكنولوجيا العالمية القليلة في المملكة المتحدة في بورصة لندن أو في بورصة أجنبية، اتخذ زخما أكبر في أعقاب خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي والصراع طويل الأمد لتنشيط حي المال في لندن.
حيث يأملون في أن النظام التنظيمي المجدد الذي يميل أكثر نحو المخاطرة سيسمح للندن بمنافسة الولايات المتحدة وآسيا بشكل أفضل وعكس التراجع التدريجي لهيمنتها كمركز مالي في الأعوام الأخيرة.
بالنسبة إلى الحكومة، فإن هناك حاجة إضافية لأن تثبت، لكل من الناخبين المتشككين بشكل متزايد وحي المال الذي كان قلقا بشأن التأثير منذ البداية، أن مغادرة الاتحاد الأوروبي قد عادت بالمنفعة.
إن المقترحات التي جمعها الوزراء في إطار "إصلاحات إدنبرة" - تيمنا باسم المدينة التي كشف فيها جيرمي هانت، وزير المالية، عن الخطط في كانون الأول (ديسمبر) - أهم تحول في سياسة الخدمات المالية البريطانية منذ أكثر من عقدين. وقد أطلق عليها البعض اسم بيج بانج 2.0 في إشارة إلى موجة سابقة من إلغاء القيود المالية.
تهدف إلى التخلص من كثير من القواعد المستمدة من الاتحاد الأوروبي لجعل الحي المالي قادرا على المنافسة ضد العواصم المالية العالمية المنافسة وتمتد عبر البنوك، والتأمين، والسمسرة، والبورصات والمستثمرين. يكمن هدفها في إعادة رسم النظام التنظيمي لفئات الأصول التي تراوح بين العملات المشفرة والبنية التحتية والأسهم.
يقول مارك أوستن، محام مقره لندن، طلبت منه الحكومة البريطانية العام الماضي إعادة النظر في كيفية جمع الشركات للأموال، "علينا النظر في قواعدنا وممارساتنا بنظرة جديدة وورقة بيضاء ونسأل أنفسنا ما هو النظام المناسب لنا للعقد المقبل وما بعده؟ كيف ستبدو أسواق رأس المال البريطانية المحصنة للمستقبل، والقادرة على التنافس عالميا والمناسبة للغرض على مدى 15 أو 20 عاما المقبلة؟".
تأتي المبادرة في وقت حاسم. حيث تعززت مكانة لندن كعاصمة مالية - مدعومة بمزايا في اللغة، والمنطقة الزمنية، والنظام القانوني والعمال المهرة - عبر دورها كبوابة للاتحاد الأوروبي.
لكن قطاع الخدمات المالية تم استبعاده إلى حد كبير من اتفاقية التجارة والتعاون بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، التي تم توقيعها في أواخر 2020، ما يعني أن الشركات فقدت القدرة على خدمة أسواق الاتحاد الأوروبي بموجب ما يماثلها من القواعد.
يقول جاي هاندز، رئيس مجموعة الأسهم الخاصة تيرا فيرما، إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حسم مصير الحي المالي ووصف تراجعه على أنه "حتمي ومتوقع تماما".
لا يشعر الجميع بالتشاؤم إلى هذا الحد - فكثير من المصرفيين ينظرون إلى خروج المملكة المتحدة من الكتلة في أسوأ الأحوال على أنه "ثقب بطيء" وليس حافة منحدر - لكن هناك بالفعل مؤشرات على أن الشركات، والأفراد والأصول تتجه إلى خارج لندن.
وجد التحليل الذي أجرته شركة إيه وأي في آذار (مارس) من العام الماضي أن 24 شركة قالت علنا إنها ستحول 1.3 تريليون جنيه استرليني من الأصول البريطانية إلى الاتحاد الأوروبي. ويخطط خمسا أكبر شركات الخدمات المالية في المملكة المتحدة لنقل بعض العمليات أو الموظفين في المملكة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي.
قالت الهيئة المصرفية الأوروبية إن عدد المصرفيين المقيمين في الاتحاد الأوروبي الذين يكسبون أكثر من مليون يورو ارتفع إلى مستوى قياسي في 2021 من 1،383 في 2020 إلى 1،957 في 2021، في إشارة على انتقال كبار الموظفين إلى القارة.
ظلت المملكة المتحدة أكبر مصدر للخدمات المالية في العالم في العام الأول بعد مغادرة الاتحاد الأوروبي ولا تزال تؤدي بشكل أفضل من العواصم المالية الأخرى حسب كثير من المقاييس التنافسية عبر الخدمات المالية والمهنية، وفقا لمجموعة الضغط ذا سيتي يو كيه.
لكنها تجادل بأن هذا ينبغي ألا يخفي التحديات طويلة الأجل. يقول رئيسها التنفيذي، مايلز سيليك، إنه بينما نمت لندن على مدار العقد الماضي، فقد "نما المنافسون العالميون بشكل أسرع" ونتيجة لذلك فإن نصيبها العالمي من الأسواق مثل الإقراض المصرفي عبر الحدود، وكتابة أقساط التأمين والمعاشات التقاعدية وأصول صناديق التحوط الخاضعة للإدارة شهدت انخفاضا مقارنة بمنافسين مثل نيويورك وهونج كونج.
قال كريس هايوارد، رئيس السياسة في مؤسسة سيتي أوف لندن، إن لندن "على مفترق طرق. وفي مواجهة منافسة عالمية متزايدة، إننا بحاجة إلى اتجاه محدد طويل الأمد، وبرنامج للحكومة، والهيئات التنظيمية والصناعة للتصرف والاحتفاظ بمركزنا كقوة عالمية".

عودة المخاطرة
وراء كثير من مجالات الإصلاح الـ33 المنفصلة فكرة مركزية واحدة، أن المملكة المتحدة بحاجة إلى إعادة المخاطرة في سوق مالية أعاقتها القواعد الصآرمة، التي صيغت جزئيا مع الاتحاد الأوروبي في أعقاب الأزمة المالية العالمية.
في خطاب موجه إلى المديرين التنفيذيين في الحي المالي تحت الأسقف الإدواردية الفاخرة في قاعة درأبرز في لندن الأسبوع الماضي، كان وزير الحي المالي، أندرو جريفيث، صريحا بشأن الفلسفة الجديدة التي دعمت خطط خدماته المالية.
"أعرف الأهمية الحاسمة للإقدام على مخاطر محسوبة. إننا بحاجة إلى تطوير ما أسميه فلسفة المخاطرة في بلدنا لنكون إيجابيين مرة أخرى ولا نلوم أنفسنا على الإخفاقات الحتمية المقبلة".
وعدت الحكومة بإلغاء واستبدال "مئات الصفحات من القوانين المرهقة التي يحتفظ بها الاتحاد الأوروبي" - على الرغم من أن كثيرا من الإصلاحات مخصصة للتنظيم الذي تم سنه محليا أو كنتيجة لقانون الاتحاد الأوروبي الذي ساعدت المملكة المتحدة على تشكيله عندما كانت عضوا.
اقترحت إصلاحات على "النظام التنظيمي للملاءة 2" لشركات التأمين كجزء من طموح طويل الأمد لتحفيز الاستثمار من شركات التأمين في المملكة المتحدة في فئات الأصول الأكثر خطورة والأطول أجلا.
كما يرغب الوزراء في تغيير نظام الحماية الذي تم إدخاله بعد الأزمة المالية الذي يلزم البنوك بفصل أنشطة التجزئة عن أذرعها المصرفية الاستثمارية الأكثر خطورة. يمكن منح الجهات التنظيمية أهدافا ثانوية تتعلق بالنمو والقدرة التنافسية، إلى جانب التفويضات القائمة حول السلوك والاستقرار المالي.
استنادا لمراجعة سوق إدراج الأسهم من قبل مفوض الاتحاد الأوروبي السابق اللورد جوناثان هيل في 2021، تخطط الحكومة لتجديد القواعد المتعلقة بنشرات الاكتتاب التي تصدرها الشركات. كما أنها تريد إعادة النظر في تنظيم البيع على المكشوف ومراجعة أبحاث الاستثمار، نظرا إلى المخاوف من أن نظام "ميفيد 2" في الاتحاد الأوروبي قد أدى إلى انخفاض تغطية المحللين للشركات البريطانية.
وقد وعدت بالتشاور بشأن عملة تجزئة رقمية للبنك المركزي في المملكة المتحدة والمساعدة على تطوير سوق تسمح للشركات الخاصة ببيع الأسهم. كما يريد الوزراء التخلي عن القيود المستوحاة من بروكسل على مكافآت المصرفيين، خطوة من شأنها أن تجعل الحي المالي أكثر جاذبية للشركات الدولية التي ترغب في تعديل الأجزاء الثابتة والمتغيرة من مكافآت المسؤولين التنفيذيين.
يقول وزير الحي المالي جريفيث عن تأثير الإصلاحات، "يتعلق الأمر بكوننا أفضل نسخة من أنفسنا".

ليس بريكست فحسب
أدى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أيضا إلى تضخيم المشكلات القائمة منذ فترة طويلة، بما في ذلك انخفاض مستوى أموال المعاشات التقاعدية في المملكة المتحدة المستثمرة في الأسهم المحلية، وهيمنة شركات "الاقتصاد القديم" في بورصتها للأسهم وعدم القدرة على تحويل الشركات الناشئة الواعدة إلى شركات مدرجة كبرى.
يقول أوستن إن حكومة المملكة المتحدة لا تحارب الاتحاد الأوروبي من أجل أعمال الخدمات المالية فحسب، بل صد ثقافة النفور من المخاطرة والرضا عن النفس في الحي المالي نفسه، والانجراف العالمي لرأس المال بعيدا عن الأسواق العامة وإلى الأيدي الخاصة.
يقول أوستن، "إذا لم نتحل بالجرأة، فإننا نجازف بفقدان قوة أسواق رأس المال لدينا دون وعينا. إننا بحاجة إلى عقلية متمردة".
في هذا الشهر، سجل مؤشر فتسي 100 مستوى قياسيا، لكن أداءه مقابل المؤشرات العالمية الأخرى كان سيئا. وعلى الرغم من عمليات البيع المكثفة في أسهم التكنولوجيا العام الماضي وانتعاش السوق البريطانية، يتم تداول مؤشر فوتسي 100 بتقييم أقل بكثير بالنسبة إلى أرباح الشركات مقارنة بمؤشر داكس الألماني أو مؤشر إس أند بي 500 في الولايات المتحدة.
بين 2015 و2020، استحوذت لندن على 5 في المائة فقط من الاكتتابات العامة الأولية على مستوى العالم، وانخفض عدد الشركات المدرجة في المملكة المتحدة بنحو 40 في المائة منذ 2008، مع خضوع كثير منها للاستحواذ الأجنبي.
يقول مايكل توري، المؤسس المشارك لشركة أوندرا بارتنرز الاستشارية، إن المملكة المتحدة هي الاقتصاد الرئيس الوحيد الذي تخلت فيه صناديق التقاعد المحلية فعليا عن الاستثمار في الشركات المحلية. إذ تراجعت حيازات الشركات المدرجة في المملكة المتحدة من نصف محافظها تقريبا إلى نحو 4 في المائة على مدى الـ20 عاما الماضية.
"بعبارة أخرى، قرار شركة آرم، إذا ذهبت إلى بورصة ناسداك، مجرد عرض لمشكلة أعمق بكثير".
أشار توري إلى تفكك صناديق التقاعد البريطانية وصغر حجمها، الذي يبلغ متوسطها نحو 500 مليون دولار، مقارنة بالصناديق العالمية التي تراوح بين 100 و200 مليار دولار.
يقول إن مجالس الإدارة في المملكة المتحدة، ولا سيما في مؤشر فتسي 250، في الأغلب ما تجد نفسها "محبطة بسبب الغياب التام لقاعدة مستثمرين محليين داعمة لتعزيز تطلعات النمو طويلة الأجل، ما يفسر جزئيا سبب استسلام كثير من الشركات الناشئة والصغيرة الواعدة بسهولة لعمليات الاستحواذ الأجنبية، حيث تكون أعمالها في حال أفضل عندما تكون مملوكة في الخارج، إذ يكون تجمع رأس المال المحفوف بالمخاطر أعمق وأطول أجلا".
كما يشكو المؤسسون من نقص رأس المال المخصص للنمو والتوسع - أكبر قدر من السيولة التي يمكن أن تحافظ على نمو الشركات الواعدة - في المملكة المتحدة ما يجبرهم إما على البيع وإما السعي للإدراج في مرحلة مبكرة.
يقول أندي جريفيث، رئيس منتدى المستثمرين، الذي يمثل بعضا من أكبر المستثمرين المؤسسيين، "لدينا بعض الشركات الناشئة الرائعة التي تخرج من جامعاتنا، لكنها تختفي لاحقا في عالم رأس المال الاستثماري الأمريكي".
لا يوجد مكان يشعر فيه بالنفور من المخاطرة في لندن أكثر من قطاع التكنولوجيا. يقول حسين كانجي، الشريك في شركة هوكستون فنتشرز، التي دعمت العشرات من الشركات البريطانية الناشئة ولا تزال مساهمة في الشركات التي أدرجت في 2021 التي كانت موضع حفاوة ذات مرة مثل شركة دارك تريس وشركة ديليفرو، "من المستحيل أن أدرج في بورصة لندن".
تم تعويم شركتين فقط من شركات التكنولوجيا البالغ عددها 33 شركة في ذلك العام - مجموعة أشاد بها الوزراء كدليل على حيوية ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي - التي تتداول الآن فوق أسعار الاكتتاب العام، بينما تعكس البقية خصما مجمعا يزيد على 60 في المائة.
يقول كانجي، "أفضل كثيرا رؤية شركاتي مدرجة في نيويورك حيث التقييمات أعلى وحيث "يحصل" المستثمرون والمحللون على نمو".
يأتي السجل الضعيف للمملكة المتحدة في الحفاظ على نجاح شركات التكنولوجيا الكبيرة المدرجة على الرغم من أن البلد ينتج مزيدا من شركات اليونيكورن التكنولوجية - الشركات الناشئة التي تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار - ويدعي بأن لديه استثمارات لرأس المال المغامر أكثر من أي بلد في أوروبا.
يقول توري إن صناديق المعاشات التقاعدية ليست مجهزة ببساطة للمراهنات الخطرة على التكنولوجيات الجديدة أو الشركات المحلية ذات النمو العالي. يقول، "لم يعد رأس المال المحفوف بالمخاطر في الأسهم المحلية على المدى الطويل في الأساس موجودا في هذا البلد". ويؤيد إنشاء حفنة من صناديق التقاعد الكبيرة الموحدة، المنفصلة عن الشركات الراعية، لتقديم نظام مدخرات تقاعد أكثر أمانا وأعلى عائدا وأكثر تنوعا.
تقول جوليا هوجيت، المديرة التنفيذية لبورصة لندن، إن المملكة المتحدة بحاجة إلى أن تكون "شابة وحازمة وشغوفة" إذا كان لها أن تنافس كمركز مالي عالمي، خاصة أنه لم يعد بإمكانها الآن الاعتماد على مكانتها "باعتبارها المركز المهيمن بالنسبة إلى الأسواق المالية في الاتحاد الأوروبي".

كل شيء يتعلق بالأفعال
لقيت خطط الحكومة ترحيبا حذرا. إذ يقول السير وين بيشوف، أحد أعضاء فريق حي المال، والرئيس السابق لمجلس التقارير المالية، إنها "مفيدة في وقف التدهور النسبي القابل للقياس لحي المال على مدى الأعوام الخمسة الماضية" ويجب أن تجعل المملكة المتحدة "منافسا أكثر تكافؤا لنيويورك وهونج كونج وسنغافورة".
تقول أماندا بلانك، الرئيسة التنفيذية لشركة أفيفا للتأمين في مؤشر فتسي 100، إن المخطط الأولي يحتوي على "إجراءات معقولة (...) تحافظ على لندن في طليعة المراكز المالية العالمية" ولا يشكل هذا المخطط " إزالة الضوابط من أجل إزالتها فقط".
لكن ليس الجميع سعيدا باحتمالية إلغاء بعض القواعد التي تم وضعها بعد الأزمة المالية العالمية ومختلف فضائح عمليات البيع السيئة.
جون فيكرز، الذي حدد تقريره في 2013 نظام الحماية للبنوك البريطانية، أخبر أعضاء البرلمان في لجنة الاختيار في وزارة الخزانة هذا الشهر أن " قلقه سيكون في محله بالتأكيد إذا حدث تراجع عن الإصلاحات التي تم وضعها".
"إن أي شيء أدى إلى تجاوز بعض قواعد التنظيم المالي أو تخفيفها لتوفير الوقت والجهد وعرض الهدف الأساسي (للجهات التنظيمية) للخطر سيكون من وجهة نظري خطوة مؤسفة للغاية يتم اتخاذها".
كما قام أندرو بيلي محافظ بنك إنجلترا، بتحذير سوناك من المبالغة في إرخاء القيود في مرحلة ما بعد الأزمة، بينما يجادل بعض المديرين التنفيذيين في حي المال بأن عديدا من الشركات المالية العالمية تفضل لندن على وجه التحديد بسبب معاييرها العالية في الحوكمة.
تقول كلير وودمان، مديرة بنك مورجان ستانلي في أوروبا، إنه ينبغي للإصلاحات أن تزيد من كفاءة السوق البريطانية وقدرتها التنافسية، لكن "التركيز المستمر على الحفاظ على معايير عالية من التنظيم سيكون مهما، حيث يظل ركيزة مهمة لنجاح لندن كمركز مالي".
يصف دانيال جودفري، الذي أدار اثنتين من الهيئات التجارية الرئيسة لمديري الأصول في المملكة المتحدة، مقترحات تخفيف القواعد المتعلقة بأبحاث الشركات بأنها "تبعث على الخوف" ويقول إنها نتيجة "الأصوات القوية التي ترغب في العودة إلى ماض لا يمكن الدفاع عنه" بينما يحذر آخرون من أن حل التشريعات المعقدة بعد الأزمة سيكون مكلفا وسيستغرق وقتا طويلا.
يقلل الوزراء من شأن أي إضعاف للمعايير العالية للتنظيم والرقابة على السوق، حيث وصف جريفيث الخطط بأنها صقل للأطراف "الحادة" للقواعد التنظيمية وكبار المديرين.
إن التنظيم هو أيضا عنصر واحد فقط من المشهد المالي في المملكة المتحدة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. يدعم آندي بريجز، الرئيس التنفيذي لمجموعة فينيكس للتأمين، تسهيل استثمار صناديق التقاعد في الأصول غير السائلة كالبنية التحتية، لكنه يحذر من ضرورة وجود "تدفق للمشاريع القابلة للاستثمار"، وليس فقط تغييرات في القواعد.
بينما يريد زيادة الاستثمار في المملكة المتحدة، يضيف أنه لا يوجد ضمان بأن صناديق التقاعد البريطانية ستدعم دائما الأصول البريطانية نظرا إلى واجبها تجاه المدخرين للعثور على عوائد جذابة بغض النظر عن الموقع.
ككثيرين آخرين في حي المال، فإن بريجز قلق بشأن السرعة التي ستدخل بها الإصلاحات حيز التنفيذ فعليا نظرا إلى الحاجة إلى تشكيل فرق عمل وإجراء المراجعات والمشاورات وتمرير التشريعات.
يقول دانييل بينتو الرئيس التنفيذي لمجموعة ستانهوب كابيتال، "على فرق العمل التي تقدم الاستشارات التركيز على تسهيل إعادة التشغيل الثقافي لحي المال، بدلا من حماية الوضع الراهن".
يقول أناند سامباسيفان، المؤسس المشارك لشركة برايمري بيد التي تساعد مستثمري التجزئة على المشاركة في الطروحات العامة الأولية، إنه بعد أكثر من عامين من العمل على الإصلاحات في حي المال "ما يهم الآن هو سرعة التنفيذ من قبل الحكومة".
يقول جريفيث إنه "ينبغي ألا يكون هناك شك في أن مهمة الحكومة الآن هي أن تحقق تقدما ذا مغزى خلال الأشهر المقبلة، ليس للتحدث عن الأشياء، بل لتحقيق النتائج، والنتائج، والنتائج".
سيكون الاختبار المبكر للاستراتيجية هو القرار بشأن ما إذا كانت شركة آرم ستطرح أسهمها بالفعل في لندن إلى جانب نيويورك. ويقول المقربون من العملية إن العمل الفني قد تم ويظهر أن الإدراج المزدوج سينجح من الناحية النظرية.
"حان وقت اتخاذ القرار"، كما يقول أحد الأشخاص المشاركين في العملية، وهي كلمات يمكن أن تنطبق بالسهولة نفسها على أجندة الإصلاح الطموحة للحكومة. "لا مزيد من الأعذار."

الأكثر قراءة