الأسهم الخاصة تعيد تشكيل سوق المديرين التنفيذيين

الأسهم الخاصة تعيد تشكيل سوق المديرين التنفيذيين

هل من الأفضل أن يكون المرء رئيسا تنفيذيا مسؤولا أمام ستيف شوارزمان، بدلا من نيلسون بيلتز؟ شوارزمان هو مؤسس شركة الأسهم الخاصة العملاقة بلاكستون، التي صنعت اسمها عن طريق خصخصة الشركات عبر عمليات استحواذ بالرفع المالي. ومن ناحية أخرى، تعرف شركة ترايند بارتنرز، برئاسة بيلتز، بدورها النشط في حملات الضغط على الشركات العامة لإحداث تغييرات في إداراتها وعملياتها. في الآونة الأخيرة دفع بيلتز إلى التغيير في ديزني ليقوم بوب إيجر الرئيس التنفيذي، على إثر ذلك بتخفيض هائل شمل سبعة آلاف وظيفة، ضمن تخفيضات سنوية في التكاليف تبلغ 5.5 مليار دولار.
بحثت ورقة أكاديمية تم نشرها أخيرا في الاختلافات في طريقة اختيار المديرين التنفيذيين في الشركات العامة والخاصة. أشارت الدراسة التي أجراها بول جومبرز وستيفن كابلان وفلاديمير موخارليموف، إلى أن ورقة بحثية سابقة وجدت أن 72 في المائة من المديرين التنفيذيين في شركات مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الذين شملتهم الدراسة بين عامي 1993 و2012 تم اختيارهم للمنصب عبر ترقيات داخلية. ومن الأمثلة الحديثة على ذلك، نرى آندي جاسي، المخضرم في أمازون، الذي حل محل جيف بيزوس في 2021.
لكن الورقة البحثية الأخيرة وجدت أن اختلافا كبيرا حدث في سوق العمل نتيجة لعمليات الشراء التي نفذتها شركات الأسهم الخاصة. ففي نحو 200 صفقة بين عامي 2010 و2016 تجاوزت قيمة الواحدة منها مليار دولار، أقالت شركات الأسهم الخاصة مديريها التنفيذيين بنسبة 70 في المائة من الحالات. ومن بين المديرين التنفيذيين الذين تم تعيينهم بعد ذلك، تم توظيف أكثر من 70 في المائة من الخارج وكانوا مستجدين تماما في الشركات، على الرغم من أنهم كانوا عادة في الصناعة نفسها.
ولعل الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن الدراسة وجدت أن رواتب المديرين التنفيذيين في الشركات المدعومة من شركات الأسهم الخاصة مربحة جدا، عندما يتم منحهم حصة مألوفة تراوح بين اثنتين وأربع نقاط مئوية من أسهم الشركة.
يقدر القائمون على الدراسة أنه عند تضمين هذه المخصصات من الأسهم يمكن للمدير التنفيذي لشركة الأسهم الخاصة أن يحقق مكاسب تراوح بين تسعة ملايين و17 مليون دولار سنويا. حصل أحد المديرين التنفيذيين لشركة عامة متوسطة الحجم على أرباح راوحت بين ستة وسبعة ملايين دولار. "قد لا يكون من المفاجئ أن أداء المديرين التنفيذيين في الشركات الخاصة ذات الهياكل الرأسمالية التي تمتاز برافعة مالية، كان أفضل خلال فترة ارتفاع التقييمات".
خلصت الدراسة إلى أن سوق المديرين التنفيذيين للشركات الخاصة تمتاز بالديناميكية العالية. ومع اشتداد نشاط مستثمري الشركات العامة، حتى المديرين التنفيذيين الأسطوريين، مثل بوب إيجر ومارك بينوف من شركة سيلزفورس لم يعودوا في مأمن من أمثال بيلتز.
الشركة العامة الكبيرة، رفيعة المستوى، تقدم مكانة مميزة تتضمن مكالمات أرباح ربع سنوية ورئاسة مؤتمرات للمستثمرين. كان إيجر ناجحا لدرجة كبيرة في مهمته الأولى رئيسا لشركة ديزني، الأمر الذي جعله يكتب مذكراته التي أصبحت تتصدر قائمة الكتب الأكثر مبيعا. ويعد بينوف نجما لامعا في دائرة قيادة الفكر بعد تأسيسه "سيلزفورس دوت كوم".
لكن الضغوط تأتي مع المكانة الرفيعة التي تتميز بها الوظيفة. أحدها هو المطالبة بتحقيق الرقم المستهدف في الأرباح الفصلية، حتى البنس، من أجل إرضاء صناديق الأسهم المؤسسية. بارون النفط، هارولد هام، حول شركته كونتيننتال ريسورسز إلى شركة خاصة في 2022، بعد أن خلص إلى أن المساهمين العموميين لن يتسامحوا مع تفضيله مزيدا من التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي والإنتاج بدلا من توزيعات الأرباح وإعادة الشراء.
يفضل بعض المديرين التنفيذيين أن يكونوا مسؤولين أمام مالك واحد لشركة الأسهم الخاصة لديه رؤية واحدة لشركة مدعومة من قبل مجلس إدارة نشط. أما الجانب السلبي فهو أن رئيس شركة الأسهم الخاصة قد يكون قاسيا وقليل الصبر. لكن أحد الرؤساء الذين تمسكوا بشركة تركت السوق المدرجة في عملية استحواذ بالرفع المالي أخبرني بأنه متحمس للعمل مع مجلس إدارة أكثر جرأة وانخراطا من المعتاد، مقارنة بالشركات العامة، حيث غالبا ما يجتمع مديروها الذين يتحدرون من خلفيات مهنية متنوعة أربع مرات فقط في العام.
أحد المصرفيين الاستثماريين المخضرمين أشار إلى أن حوكمة الشركات العامة غالبا ما تبدو كأنها "استكمال للإجراءات الشكلية". قال "أتوقع أن يخبرك معظم الرؤساء التنفيذيين بأن اجتماعات مجلس الإدارة هي إجرائية بنسبة 90 في المائة ولا قيمة لها بشكل عام".
تكهن القائمون على الدراسة البحثية بأن شركات ستاندرد آند بورز 500 فضلت في الغالب توظيف المديرين التنفيذين من داخلها، إما لأن أعمالها كانت معقدة، وإما لاعتقادها أن هناك قليلا من المكاسب المترتبة على توظيف شخص من خارجها.
صحيح أيضا أن التعيينات من الخارج يمكن أن تجلب مخاطر، ثقافية أو غير ذلك. إلى جانب ذلك، الذين تمت ترقيتهم من الداخل قد تكون لديهم آفاق عائد أطول أجلا من شركات الأسهم الخاصة التي تتسم بنهج جريء وإقدام على المخاطر في سبيل تحقيق أهدافها.
بالنسبة إلى المديرين التنفيذيين الموهوبين يمكن أن يؤدي نجاح مهامهم في الشركة العامة إلى نوع فريد من الشهرة. ارتفاع أسعار أسهم الشركات الكبرى أدى إلى جعل أمثال إيجر وبينوف شخصيات مشهورة تثير الإعجاب بطريقة لا يسهل تكرارها في الشركات الخاصة. لكن صعوبة الخضوع للتدقيق من قبل مستثمرين سيئي الطبع ومن السياسيين والنشطاء تجعل المهمة أكثر تكلفة هذه الأيام. مع ذلك، الخبر السار الذي أزفه لهم هو أن شركات الأسهم الخاصة قد تتواصل معهم في القريب العاجل.

الأكثر قراءة