كازو أويدا .. رجل الأفكار أمام مهمة صعبة

كازو أويدا .. رجل الأفكار أمام مهمة صعبة

في ظهوره الأخير في بنك اليابان في نيسان (أبريل) 2005، قال كازو أويدا إنه يعد نفسه محظوظا لكونه شغل منصب عضو مجلس الإدارة في "فترة صعبة بشكل غير عادي"، حيث كان الاقتصاد يواجه أزمة مالية وانكماشا مزمنا.
يواجه أويدا، وهو على وشك العودة للبنك بعد ما يقارب عقدين، تحديا جسيما بالمستوى نفسه، ولكنه مختلف: وهو الاستعداد لقيادة تحول كبير في السياسة النقدية لبنك اليابان، التي اتسمت بالتساهل لفترة طويلة وجعلت بنك اليابان آخر البنوك المركزية الرئيسة تمسكا بأسعار فائدة سلبية، في الوقت الذي يشدد فيه نظراؤه العالميون سياستهم لكبح جماح التضخم المتصاعد.
سيسعى الاقتصادي ذو الـ 71 عاما، والذي تم ترشيحه لمنصب المحافظ الجديد للبنك، إلى التحول ببطء نحو تطبيع أسعار الفائدة تحت رقابة مكثفة من المستثمرين العالميين. لكن أي خطوات خاطئة يتخذها بنك اليابان - الذي أدت سياساته في خفض أسعار الفائدة إلى امتلاكه لأكثر من نصف سوق السندات الحكومية اليابانية - قد تؤدي إلى زعزعة استقرار الأسواق المالية.
قال إيزورو كاتو، أحد مراقبي بنك اليابان منذ فترة طويلة وكبير الاقتصاديين في شركة توتان ريسيرتش: "تواجه القيادة الجديدة لبنك اليابان طريقا شائكا للغاية أمامها. ولن يكون هناك طريق سهل للخروج. سيكون من الصعب للغاية معالجة الميزانية العمومية لبنك اليابان، والتي تمت توسعتها بتهور".
يراهن رئيس الوزراء فوميو كيشيدا على أن خبرة أويدا في السياسة النقدية ستسمح له بالتخطيط للخروج التدريجي من إجراءات التسهيل الكمي غير المسبوقة لدى بنك اليابان.
قال كيشيدا أمام لجنة برلمانية الأربعاء في أول تعليق علني له على الترشيح: "لقد قررت أن السيد كازو أويدا هو الشخص الأنسب لأنه خبير اقتصادي معروف عالميا ولديه معرفة مالية عميقة على الصعيد النظري والممارسة العملية".
إذا وافق البرلمان الياباني على أويدا في الأسابيع المقبلة، فسيتسلم المقاليد في أبريل خلفا للرئيس الحالي هاروهيكو كورودا، الذي كان يكافح التضخم المنخفض والمستمر عبر التيسير النقدي القوي والتحفيز.
لكن الاتجاه الذي سيسلكه أويدا في السياسة النقدية لا يزال غير معروف.
من حيث التوجه، فإن أويدا، الأستاذ الفخري في جامعة طوكيو الحاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ليس بالمتساهل ولا بالمتشدد. أشار محللون إلى سجله في التصويت في مجلس إدارة بنك اليابان، حيث عمل في الفترة من 1998 حتى 2005، لترجيح نهج عملي في اتخاذ القرار بالاستناد إلى ظروف السوق والاقتصاد أكثر من الأيديولوجية.
"من الواضح أن أويدا يعرف النظرية جيدا، لكنه أيضا يولي أهمية للأسواق"، كما قال نوبوياسو أتاجو، المسؤول السابق في بنك اليابان الذي يشغل الآن منصب كبير الاقتصاديين في شركة إتشيوشي سيكيوريتيز، والذي وصف المحافظ القادم للبنك بأنه "رجل الأفكار".
أضاف أتاجو: "أعتقد أنه سيكون شخصا عمليا للغاية وسيقرر السياسة النقدية بناء على الظروف الاقتصادية الفعلية".
يعرف أويدا بمساعدته في تقديم التوجيهات المستقبلية عندما تبنى بنك اليابان سياسة سعر الفائدة الصفرية في أواخر التسعينيات، ومعارضته لرفع تلك السياسة في عام 2000، قائلا إنه يريد الانتظار حتى تستقر أسواق الأسهم.
أشاد توشيهيكو فوكوي، الذي شغل منصب محافظ بنك اليابان عندما تنحى أويدا، بالأكاديمي في تلك الفترة باعتباره "ركيزة للمنطق" يفهم "روح البنك المركزي".
كان مجتمع الأعمال قد حث بنك اليابان على عدم التحول جذريا من سياسة التيسير النقدي الفضفاضة جدا، خوفا من تقلبات العملة، بينما طالبه بالتخلي عن عمليات الشراء القياسية لسندات الحكومة اليابانية لإبقاء العوائد منخفضة.
في كانون الأول (ديسمبر)، تسبب بنك اليابان بحالة ذهول للمستثمرين عند إعلانه أنه سيسمح لعوائد سندات الحكومة اليابانية لأجل عشرة أعوام بالتأرجح بمقدار 0.5 نقطة مئوية أعلى أو أقل من هدفه الصفري، ما يؤدي إلى توسيع النطاق السابق البالغ 0.25 نقطة مئوية.
منذ ذلك الحين، حافظ بنك اليابان على سقفه المستهدف، ولكن على حساب تضخم ميزانيته العمومية بأكثر من 300 مليار دولار في مشتريات السندات الحكومية. كما يمتلك بنك اليابان أكثر من نصف جميع أصول الصناديق المتداولة المدرجة محليا.
يراهن المستثمرون على أن بنك اليابان سيضطر إلى التخلي عن سياسة التحكم في منحنى العائد، حيث ارتفع معدل التضخم الأساسي في اليابان، والذي يستثني أسعار المواد الغذائية المتقلبة، إلى أعلى مستوى في 41 عاما عند 4 في المائة.
قال أتاجو من "إتشيوشي سيكيوريتيز" إنه يتوقع أن تكون خطوة بنك اليابان الأولى هي تقصير فترة سياسة التحكم في منحنى العائد المستهدفة من عشرة أعوام إلى ثلاثة أعوام. كما توقع جولدمان ساكس تقصير فترة التحكم في منحنى العائد إلى خمسة أعوام في الربع الثاني من 2023.
فيما قال كاتو من "توتان ريسيرتش" إنه يمكن التخلي عن هذا الإجراء تماما بحلول الصيف مع الحفاظ على التسهيل الكمي مع عمليات شراء كبيرة لسندات الحكومة اليابانية حتى تستقر الأسواق. وتوقع أيضا أن يبدأ بنك اليابان في تحويل صناديق الاستثمار المتداولة الخاصة به إلى كيان مستقل بحلول النصف الثاني من فترة ولاية أويدا، وهو ما قد يسمح له بمحاولة الانعكاس المنظم دون حدوث تقلب في الأسواق المالية.
كان أويدا قد حذر سابقا من التشديد المبكر، مشيرا إلى أن الاقتصاد الياباني لم يكن بعد في حالة يمكنه فيها الحفاظ على مستهدف تضخم البنك المركزي البالغ 2 في المائة بشكل مستدام.
في مؤتمر صحافي الأربعاء، قال كينجو ساكورادا، الرئيس التنفيذي لشركة سومبو هولدينجز ورئيس الرابطة اليابانية للمديرين التنفيذيين: "يجب ألا يتسرع بنك اليابان في تغيير الطريقة التي كان يتعامل بها مع الأمور جذريا، ولا أعتقد أن ذلك سيحدث".
كما أشار شخص آخر مقرب من بنك اليابان إلى أنه من غير المرجح أن يشرع أويدا في تغيير كبير في السياسة إلى أن يقرر البنك المركزي ما إذا كانت مفاوضات أجور العمل لهذا العام ستتحول إلى زيادات أجور العام المقبل.
لكن مع التوقعات الاقتصادية العالمية غير المؤكدة، يقول أتاجو إن بنك اليابان قد يحتاج إلى مزيد من التسهيل إذا انخفض التضخم بحدة وتباطأ النمو.
"بالنسبة إلى بنك اليابان، من المهم للغاية ألا ينظر فقط في التطبيع، بل أيضا أن يترك الخيارات أمامه مفتوحة"، كما قال.
بينما يستعد أويدا ليصبح أول شخص يتم تعيينه من خارج بنك اليابان لرئاسته، سيدعمه نواب محافظ البنك ممن يتمتعون بالمكانة الدولية والمعرفة العميقة في الأسواق المالية.
رشحت الحكومة الثلاثاء أيضا ريوزو هيمينو، المفوض السابق المرموق لوكالة الخدمات المالية، الذي يحمل شهادة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة هارفارد، وشينيتشي أوشيدا، المدير التنفيذي في بنك اليابان، الذي لعب دورا رئيسا في تشكيل السياسة النقدية، بصفتهم نائبين لمحافظ البنك، ثلاثتهم يتحدثون اللغة الإنجليزية ولهم روابط بمجتمع البنوك المركزية والمجتمع المالي.
قال كيشيدا إنه أخذ بعض العوامل في الحسبان مثل مهارات الاتصال بالسوق والقدرة على العمل عن كثب مع رؤساء البنوك المركزية العالمية في اختيار فريق القيادة التالي لبنك اليابان.
"إنه ثلاثي رائع"، حسبما قال أحد المسؤولين في بنك اليابان.

الأكثر قراءة