الشركات الأمريكية تكافح للتكيف مع الجيل زد
في الأشهر الأخيرة، بدأت شركة فيزا بهدوء تقديم ميزة جديدة للعملاء: أداة رقمية تتيح لهم وضع حد أقصى للإنفاق بطريقة مخصصة، مثلا بتقييد الفاتورة في المقاهي إلى حد محدد مسبقا كل أسبوع.
قد تعتقد أنه أمر لا يدعو إلى الاستغراب، لكن مع تقويض التضخم لميزانيات الأسر، وبلوغ ديون بطاقات الائتمان مستويات قياسية في دول مثل الولايات المتحدة، فإن للمستهلكين أسبابا تحملهم على تقييد أنفسهم.
انظر عن كثب، تجد تطورا في الأحداث: خطوة "فيزا" مدفوعة جزئيا بتهافت على فهم سلوك "الجيل زد"، أو الفئة المولودة بين 1997 و2012. "الجيل زد يريد التحكم"، حسبما وضحت شارلوت هوج، الرئيسة التنفيذية لشركة فيزا في أوروبا، التي تقول إن الشركة "تحاول عاجلا معرفة" كيف يفكر هؤلاء المراهقون واليافعون ويتصرفون.
لا عجب. فهي سمة عريقة في أي مجتمع أن يشجب كبار السن تصرفات أطفالهم وأحفادهم الغريبة، ويفترضون أن الأخيرين سيصبحون أشبه بالأولين عندما يكبرون.
وبما أن معظم قادة الأعمال اليوم هم مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية، أو أفراد من "الجيل إكس"، (ولدوا بين 1965 و1980)، يقع كثيرون في حيرة من الجيل زد، ويحسبون أنهم مثل "جيل الألفية" (أو من ولدوا بين 1981 و1996).
هذا الافتراض ليس خاطئا تماما. تظهر دراسة حديثة أجرتها شركة الاستشارات أوليفر وايمان ـ تتبعت 150 ألف فرد من الجيل زد على مدار عامين ـ أن هذا الجيل يهتم بالقضايا الاجتماعية والبيئية أكثر بكثير ممن يكبرونهم سنا، ويتوقع أن تكون التجارب الرقمية و"الواقعية" مترابطة. في هذا الصدد، هم يشبهون جيل الألفية.
غير أن مشكلات الصحة العقلية المبلغ عنها ذاتيا أعلى في الجيل زد مقارنة بأفراد جيل الألفية. ويفضل أفراد الجيل زد أخذ معلوماتهم من أقرانهم عبر الإنترنت بدلا من ذوي السلطة.
هذه النتائج التي تكرر ما توصلت إليه دراسات مماثلة أجرتها شركة ماكينزي، تعكس بلا شك حقيقة أن أفراد الجيل زد مواطنون رقميون تشكلت حياتهم من خلال توابع الأزمة المالية العالمية وجائحة كورونا والحرب في أوكرانيا.
لكن المسألة الأكثر بروزا، التي تعرف الجيل زد هي: التخصيص. ترى مجموعة غارقة في الرقمنة والهواتف الذكية أن من الطبيعي والمستحسن تماما تخصيص كل شيء – بدءا من موسيقاهم ووسائل الإعلام الخاصة بهم وطعامهم وعطلاتهم إلى سياساتهم وهوياتهم الجنسية وممارسات العمل.
أسمي هذا عصر الجيل بي، عصر الاختيار الشخصي، الذي أدى إلى ظهور نهج "عبء ما تفضله من الأصناف" أو "قائمة التشغيل" في الحياة، حيث تسود قواعد الاختيار الشخصي. يرى الجيل زد فكرة قبول الأدوار أو حزم الاستهلاك المحددة مسبقا قديمة مثل الاستماع فقط إلى موسيقى مشغلة على المذياع يختارها شخص آخر. يريدون ممارسة حرية الاختيار بدلا من ذلك.
بالنسبة لجيل مواليد ما بعد الحرب والجيل وإكس، قد يبدو هذا الاتجاه استحقاقيا بشكل مزعج. فقط اسأل أي مدير في منتصف العمر حاول إقناع موظفين أصغر سنا بالعمل في مكتب في ساعات محددة. إذا لم يتمكن الجيل زد من تخصيص الوظائف وفقا لاحتياجاتهم، فإنهم يفضلون الاستقالة، كما أظهر استطلاع أجرته "ويرك بليس إنتيليجنس" و"أمازون".
يرى الجيل زد، وعديد من جيل الألفية، أن نهج "عبئ ما تفضله" هذا لا يبدو تمكينا فحسب، بل طبيعيا. من هنا يبرز التحدي الذي يواجه الشركات المالية. دأبت معظم المجموعات القديمة الرئيسة على بناء أعمالها التي تعود إلى القرن الـ20 من خلال بيع قيمة "الخبرة". كما يقدم عديد منها نموذج "مقاس واحد يناسب الجميع"، كما أشارت نفيسة جعفرجي، المؤسسة المشاركة لتطبيق كويرك للاستشارات المالية الذي يركز على الشباب.
لكن "الجيل زد يعطي الأولوية لتجربة مخصصة لهم شخصيا" في الشؤون المالية، بحسب تيم تكاتشينكو، مؤسس تطبيق كيور فاينانس. لذا تتدافع شركات ناشئة عديدة في مجال التكنولوجيا المالية الآن للاستجابة لهذا التحول.
بعضها، مثل شركة السمسرة عبر الإنترنت، روبنهود، فعلت ذلك بأسلوب جذاب. خلال الجائحة، توسعت بسرعة من خلال تمكين المستخدمين من تخصيص استثماراتهم المالية، غالبا على خلفية نصائح من مشاورات جماعية. احتلت العملات المشفرة مكانة بارزة، وهذا منطقي لأن الأصول الرقمية فعليا شكل مخصص من المال.
لكن الانهيار الداخلي للعملات المشفرة أدى إلى خفوت بريق روبنهود وغيرها من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية. المسألة المشوقة حقا للنظر إليها الآن هي كيف ستستجيب المجموعات القديمة - وما إذا سيعيد هذا تشكيل الخدمات المالية على نطاق أوسع.
انظر إلى "فيزا". قالت هوج إن أدوات التحكم المخصصة التابعة لها تم تطويرها في البداية مع أخذ العملاء الأصغر سنا في الحسبان. لكنها أدركت الآن أن الميزة يمكن أن تروق للمستخدمين الأكبر سنا بالمثل تقريبا، لأن اتجاه التخصيص ينتشر بين الفئات العمرية.
يؤيد لاري فينك، الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك، ذلك. أخبرني أنه يتنبأ بمستقبل يستخدم فيه مالكو الأصول من جميع الأحجام، مهما كان صغرها، الأدوات الرقمية لتخصيص المحافظ بسهولة لم يكن من الممكن تصورها من قبل، لا سيما فيما يتعلق بقضايا مثل البيئة. كما يتوقع أن يكون بوسع المساهمين ممارسة حقوقهم في التصويت مباشرة دون مديري الأصول إذا اختاروا فعل ذلك.
لكن هل سيفعلون؟ لا يزال الجواب غير واضح. النقطة الأساسية هي: بما أن تريليونات الدولارات ستنتقل عبر الأجيال في الأعوام المقبلة، عبر الميراث، لا يمكن للمستثمرين تجاهل هذه التحولات السلوكية.
مهما كان رأيك في قيم الجيل زد وجيل الألفية، لم تعد هذه سوق أجدادك بعد الآن. تأهب لصعود جيل الاختيار الشخصي.