هارفي شوارتز الداهية يقود شركة كارلايل التائهة

هارفي شوارتز الداهية يقود شركة كارلايل التائهة

خلال فترة عمله التي استمرت لعقدين في بنك جولدمان ساكس، كان يعرف هارفي شوارتز بأنه قيادي صارم وذو هيبة. وبعد أن كان يتوصل شوارتز إلى نتيجة مفادها أن أحد زملائه لم يكن بالمستوى المطلوب للمهمة، كان يذكرهم بأنهم كانوا يلعبون في "البطولات الكبرى"، وأنه لا يوجد مكان في الفريق لأصحاب الأداء الضعيف، وفقا للأشخاص الذين يتذكرون تلك المحادثات.
أسلوب شوارتز الذي لا هوادة فيه سيخضع الآن للاختبار في مجموعة كارلايل الأمريكية للاستحواذ، التي عينت شوارتز هذا الأسبوع رئيسا تنفيذيا جديدا لها. سيتولى قيادة الشركة التي تواجه أزمة في هويتها بعد فترة طويلة من الاضطرابات جعلتها متخلفة جدا عن منافساتها.
قال أحد الأشخاص الذين عملوا تحت قيادة شوارتز في "جولدمان"، "إنه رئيس متطلب ويتوقع أداء عاليا والتزاما حقيقيا تجاه العمل". بينما وصفه آخر بأنه "مقاتل الشوارع" الذي يسارع إلى تهميش أو فصل كل من يقرر أنهم ليسوا بالمستوى المطلوب.
يجب على شوارتز أن يحدد نقاط قوة "كارلايل" بعد أعوام من الأداء الضعيف والاضطرابات التي مرت بها الإدارة، حيث تجلت أخيرا في خروج سلفه كيوسونج لي بطريقة مفاجئة وغير لائقة. إذ غادر لي الصيف الماضي بعد أن خسر صراعا على السلطة اتسم بالفوضوية مع مؤسسي الشركة، ديفيد روبنشتاين وويليام كونواي، اللذين سيكون تأثيرهما كبيرا في شوارتز أيضا.
كان البحث عمن يحل مكان لي الذي استمر لفترة طويلة قد مر بعديد من التقلبات والمنعطفات. فخلال الأشهر الستة الماضية، تواصلت شركة كارلايل مع عديد من المديرين التنفيذيين في وول ستريت قبل أن تتخذ قرارها بشأن شوارتز، قبل أيام فقط من إعلان أرباح الربع الرابع.
كشفت تلك النتائج عن الضرر الذي لحق بالشركة لفترة طويلة بدون قائد. حيث جمعت "كارلايل" مبلغ 4.9 مليار دولار فقط من الاستثمارات الجديدة لصناديقها، وهو جزء بسيط من المبالغ التي حصلت عليها منافساتها.
سيجلب شوارتز للشركة خبرة كبيرة في وول ستريت -إذ ترك جولدمان بعد خسارته في المنافسة على منصب الرئيس التنفيذي- لكن الشخصيات المقربة من "كارلايل" يقرون بأن مهمة شوارتز ستكون معقدة بسبب افتقاره إلى الخبرة في مجال الأسهم الخاصة.
قال مايكل براون، المحلل لدى شركة كيف وبرويت آند ودز "بالنسبة إلى هارفي، سيكون من الأساسي أن يفهم نقاط القوة والفرص المتاحة لـ"كارليل"، خصوصا بالنسبة إلى أقرانها".
كما يصر عديد من زملاء شوارتز السابقين على أنه سيتمكن من أداء المهمة، حيث رسموا صورة له كداهية محنك وقاس، لكنه يتمتع بالقدرة على فهم الأمور العامة، وهي مهارة مستمدة من خلفية قد تبدو غير مصقولة عند مقارنتها بغيره من المديرين التنفيذيين في وول ستريت. كان شوارتز على وشك إضاعة فرصة الالتحاق بالجامعة قبل أن يحصل في النهاية على مقعد في جامعة روتجرز في نيوجيرسي، حيث تخرج فيها بدرجة في الاقتصاد قبل أن يحصل على ماجستير إدارة الأعمال من جامعة كولومبيا.
انضم شوارتز إلى بنك جولدمان في 1997 للعمل في فريق المبيعات وتداول السلع الذي كان يحقق الأرباح. خطط لصعوده بشكل استثنائي داخل البنك الاستثماري العريق، حيث انتقل من قسم المبيعات ليصبح بعده رئيسا مشاركا لقسم عمليات التداول المرموق ثم مديرا تنفيذيا كبيرا.
خلال الأزمة المالية لـ2008، تولى شوارتز قيادة قسم التداول القوي في بنك جولدمان خلال الاضطرابات التي شهدتها السوق. ثم تمت ترقيته إلى منصب المدير المالي وبعد ذلك أصبح مرشحا لقيادة الشركة بعد تقاعد لويد بلانكفين.
قال بلانكفين لـ"فاينانشيال تايمز"، "هارفي هو مدير يهتم بالتفاصيل ويتولى التعامل مع المخاطر بصورة عملية. إنه ينظر بحثا عن المشكلات المحتملة ويتوقع الأشياء التي يمكن أن تزداد سوءا. وبصفته مديرا ماليا، كانت تربطه علاقات رائعة بالمساهمين والمنظمين ومسؤولي قسم المخاطر في الشركة".
بعد مرور أربعة أعوام قضاها في منصب المدير المالي، تمت ترقية شوارتز في 2017 ليصبح الرئيس المشارك لبنك جولدمان إلى جانب ديفيد سولومون، حيث أصبح الرجلان متنافسين على خلافة بلانكفين. انتهى الأمر باختيار بلانكفين سولومون للمنصب في 2018 وتقاعد شوارتز عن عمر يناهز 58 عاما. ومنذ ذلك الحين نمت لدى شوارتز آمال في أن يصبح رئيسا تنفيذيا، وفقا لأشخاص يعرفونه.
على الرغم من أسلوبه الذي لا يرحم، إلا أن زملاءه يقولون إنه لم يكن يبحث عن صراع دون سبب. حيث قال بابلو سلامة، الذي اشترك مع شوارتز في رئاسة العمليات التجارية لبنك جولدمان ويشغل الآن منصب كبير مسؤولي الاستثمار في "سيتاديل"، "كانت هناك مناسبات كثيرة جعلتني أشعر بأن هناك سباقا على النفوذ بيني وبينه (...) لكن الأمر لم يكن كذلك أبدا"، وأضاف سلامة أن "ذلك شيء نادر الوجود نسبيا في مكان صعب مثل بنك جولدمان".
استمرت هذه المناورات على السلطة تطارد شركة كارلايل لأعوام، حيث كان ينتهي الأمر غالبا بالاقتتال بين رؤساء الفرق المشاركة في معارك على النفوذ. من بين هذه المعارك كانت المواجهة بين لي وجلين يونجكين بعد أن تم تعيينهما سوية كرئيسين تنفيذيين مشاركين في 2017. حيث فاز لي بتلك الجولة في 2020، عندما تقاعد يونجكين قبل أن يبدأ حملة تكللت بالنجاح ليصبح الحاكم الجمهوري لفرجينيا.
لكن انتصار لي لم يدم طويلا. حصل على ثقة المساهمين خلال فترة عمله كرئيس تنفيذي وحده، التي استمرت عامين تقريبا، حيث قام بتخفيض الأجزاء غير الفعالة من الأعمال التي كانت ذات هوامش رديئة بينما توسع سريعا في أعمال الائتمان والاستثمارات القائمة على التأمين. لكن وتيرة التغيير كانت مثيرة للجدل في الداخل ولم يعد لي قادرا على إبقاء مؤسسي الشركة إلى جانبه.
إذا أراد شوارتز أن ينجح، فسيتعين عليه أن يكسب دعم المؤسسين الذين عبروا قولا لا فعلا عن تأييدهم لمنحه الاستقلالية الكاملة، لكنهم في الوقت ذاته كانوا يحتفظون بنفوذ كبير كرؤساء مشاركين ومساهمين كبار. في مكالمة مع المستثمرين في صناديق البنك، وعد كونواي بمنح الرئيس التنفيذي الجديد الحرية التي يحتاج إليها للتخطيط لاستراتيجية جديدة، حسب أشخاص تم اطلاعهم على أقوال شوارتز.
تقول الشخصيات المقربة من الشركة "إنه سيتعين على شوارتز الاختيار بين الأعمال التجارية التي يعتقد أنه يمكن تنميتها والأخرى التي قد تدعو الحاجة إلى التخلي عنها أو تقليصها".
بينما نمت عمليات الاستثمار الائتماني في "كارلايل" بوتيرة سريعة تحت قيادة مارك جينكينز، الذي أحضره لي إلى "كارلايل" أثناء جهوده التي بذلها من أجل التحول، كانت أعمال البنية التحتية و"الحلول الاستثمارية" تنمو بوتيرة أبطأ، ما دفع البعض إلى التساؤل عما إذا كان ينبغي التخلص منها في المستقبل. كما سيتم تكليف شوارتز أيضا بتقليل تكاليف شركة كارلايل أكثر والأقسام الخلفية غير الفعالة من أجل تعظيم الأرباح.
سيحتاج شوارتز أيضا إلى كسب دعم المرشحين الداخليين اللذين لم ينجحا في تولي منصب الرئيس التنفيذي بيتر كلير، كبير مسؤولي الاستثمار في قسم عمليات الأسهم الخاصة، وجينكينز، رئيس قسم الائتمان. ما يزيد الأمور تعقيدا هو أن كلير عضو في مجلس الإدارة. لكن كلير وجينكينز تعهدا للمستثمرين خلال الاتصال بأن شوارتز سيحظى بدعمهما، وفقا لأشخاص سمعوا هذه التصريحات.
إن أحد مصادر القوة لـ"كارلايل" هو مليارات الدولارات الموجودة في ميزانيتها العمومية، التي أشار كونواي هذا الأسبوع إلى مقدرة شوارتز على استخدامها في عمليات الاستحواذ التي قد تنعش ثروات الشركة بسرعة أكبر.
إذا نجح شوارتز في ذلك فسيكون قادرا على جني ثروة قد تبلغ 180 مليون دولار على مدى الأعوام الخمسة المقبلة، في حال استطاع رفع سعر السهم فوق الحدود المطلوبة، أو في حال تم بيع الشركة لأحد المنافسين.
فيما قال براون، المحلل في شركة كيف وبرويت آند ودز عن الترتيبات المتعلقة بالتعويضات "إنه مبلغ كبير، لكن إذا استطاع تحقيق الأهداف المتوقعة منه، فستتم مكافأة المساهمين بسخاء".

الأكثر قراءة