رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


ضغوط إضافية على منتجات النفط الروسية

فرضت دول الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع والدول المتحالفة معه سقوف أسعار على صادرات المنتجات النفطية الروسية في الرابع من شباط (فبراير) 2023. وكانت هذه الدول قد حددت سقف أسعار على صادرات النفط الخام الروسي نهاية العام الماضي.

ومن الواضح أن هذه الدول تسعى لخفض إيرادات روسيا والضغط على ميزانيتها وصادراتها. وإذا ما نجحت في ذلك فإنها تأمل التأثير سلبا في جهود روسيا الحربية وقدرتها على الاستمرار في الحرب الأوكرانية.
ويستخدم الاتحاد الأوروبي والدول المتضامنة معه قواها الاقتصادية للضغط على أسعار النفط والمشتقات الروسية، وفي الوقت نفسه تفادي قطع أو خفض إمداداتها إلى الأسواق العالمية.

وتستغل هذه الدول قواها الاحتكارية الشرائية وفي خدمات النقل البحري لبناء كارتيل يضغط على أسعار النفط والمشتقات الروسية وخفضها تحت مستويات مثيلاتها من الدول الأخرى.
ستمنع هذه الدول ابتداء من الخامس من شباط ( فبراير) الحالي تقديم أي خدمات لوسائل نقل منتجات النفط الروسية إلى طرف ثالث، والمنقولة بحرا فوق سقف أسعار معينة.

وحدد سقف سعري لا يتجاوز 100 دولار للبرميل للمنتجات الخفيفة، و45 دولارا لبرميل المنتجات الثقيلة.

ويكمل فرض حدود عليا لأسعار المنتجات النفطية القيود المفروضة على أسعار النفط الخام والحظر على الواردات البحرية من النفط الخام والمنتجات النفطية الروسية للدول الفارضة للقيود.

وصدرت روسيا في أول عشرة أشهر من 2022 ما يقارب 2.5 مليون برميل يوميا من المشتقات النفطية، شحنت كلها بشكل تقريبي عبر البحار.
ستواجه صادرات المشتقات النفطية الروسية المحمولة كلها تقريبا بالناقلات والمسعرة فوق الحدود السعرية مصاعب في الإبحار والشحن والحصول على الخدمات البحرية والرسو بالموانئ والممرات المائية.

ويشترط ملاك الناقلات وكثير من الموانئ والممرات المائية تأمينا ذا موثوقية معينة لا يتوافر عادة إلا في الدول الغربية التي تتمتع بقوة احتكارية في سوق الخدمات البحرية.

وتوفر الشركات الأوروبية والبريطانية نسبا مرتفعة تصل إلى 90 في المائة من عمليات التأمين وإعادة تأمين وتمويل صادرات المشتقات الروسية في الأحوال الاعتيادية. في المقابل، ستوفر شركة التأمين العامة الروسية إعادة التأمين اللازم، لكن على الأرجح لن يقبل كثير من الموانئ والممرات المائية مثل هذا التأمين أو إعادة التأمين الممنوح من شركات روسية أو أخرى، كالهندية أو الصينية.

وستحاول روسيا -قدر استطاعتها- الالتفاف حول قرار سقوف الأسعار وخفض جدواها، كما ستتولد عمليات تبييض وتلاعب في بيانات الشحن والأسعار والمصادر عبر أطراف ثالثة.
تراجعت أسعار المشتقات العالمية قليلا عقب القرار. وانخفضت أسعار المشتقات الروسية أسوة بباقي مصادر المشتقات.

من جانب آخر تقل حاليا أسعار بعض المشتقات النفطية الروسية كالديزل بنسبة 20 في المائة عن أسعار مثيلاتها من مصادر أخرى. ورغم تجاوز سعر الديزل الـ100 دولار للبرميل إلا أن أسعار الروسي منه تحت السقوف السعرية، ما قد يكون مؤشرا على فعالية القيود المفروضة.

وتفادت روسيا جزءا كبيرا من تأثير العقوبات في نفطها الخام من خلال زيادة صادراته إلى عملائها الكبار، كالصين والهند، لكن هاتين الدولتين لديهما قدرات مصاف كافية، ولن تكونا راغبتين في استقبال مزيد من المشتقات.

ويعني هذا ضغوطا إضافية على أسعار المنتجات النفطية الروسية وتراجعا في إيراداتها وأرباح مصافيها. في المقابل، فإن الأسواق الغربية، خصوصا الأوروبية، ستكون بحاجة إلى مزيد من المنتجات النفطية من مصادر أخرى، ما يعني طلبا متزايدا على إمدادات مصافي باقي العالم.

وهذا سيرفع أسعار منتجات ومكاسب المصافي الأخرى، خصوصا الأمريكية. من جانب آخر، يتوقع ارتفاع أسعار المنتجات النفطية في الأسواق الأوروبية، لكن هذا لم يحدث حتى الآن.

ويتوقع أيضا ازدياد الفروق السعرية بين أسعار المنتجات النفطية المتماثلة في الأسواق العالمية، كما ستزيد نسب استغلال المصافي خارج روسيا وتنخفض فيها. وهذا سيتسبب في خسائر لروسيا والمستهلكين، لكنه سيحقق مكاسب إضافية للمصافي الأخرى.
سترفض روسيا بالطبع بيع منتجاتها النفطية تحت الأسعار الحرة العالمية، لكنها ستواجه نقصا في الطلب عليها، ما سيجبرها على منح خصومات وقبول أسعار أقل، ويتوقف حجمها على أوضاع الأسواق العالمية.

يضاف إلى ذلك أن تعويض المنتجات النفطية أسهل من تعويض النفط الخام، حيث يمكن زيادة استغلال المصافي لإنتاج مزيد منها، بينما يصعب تعويض الفاقد من الخام بسرعة.

وتراجعت نسب استغلال المصافي الأمريكية في الأسابيع القليلة الماضية إلى أقل من 80 في المائة قبيل قرار فرض القيود، لكنها عادت إلى الارتفاع بعض الشيء بعد فرض القيود. عموما، ستواجه روسيا صعوبات أكبر في تسويق منتجاتها النفطية من الصعوبات التي واجهتها في تسويق نفطها الخام.
شكلت الدول المحددة لأسعار المنتجات الروسية الأسواق الرئيسة لهذه المنتجات سابقا. وسعت روسيا منذ بداية الأزمة الأوكرانية إلى البحث عن أسواق بديلة لمنتجاتها النفطية.

وستقوي سقوف الأسعار المفروضة على المشتقات النفطية مراكز عملاء روسيا الآخرين التفاوضية، ما سيجبرها على تقديم مزيد من الحسومات مستقبلا.

عموما، شهدت الفترة الأخيرة تحولات في مسارات تجارة صادرات الطاقة الروسية، ما رفع تكاليف شحن الصادرات الروسية، خصوصا النفط ومشتقاته، عبر العالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي