تفاعل العالم إنسانيا
حالة من الحزن والخوف الشديد انتابت العالم بأجمعه عندما سمع الجميع بالمأساة التاريخية التي راح ضحيتها الآلاف من سكان تركيا وسورية. كانت الأزمة حقيقية وعلى أشدها والأثر في مدن وقرى ومخيمات يؤكد أنه لا قوة فوق قوة الله، ولا يستطيع الإنسان مهما بلغ شأنه علوا وإصراره قوة أن يفعل شيئا سوى أن يستسلم لخالقه.
كل العالم تفاعل وهو يرى الأطفال يخرجون من بين الأنقاض والأمهات والآباء يبكون باحثين عن ذويهم والمباني تنهار على الأرض وهي لا تستطيع أن تقف أمام هذا الزلزال الكبير. اجتمع المنقذون ورجال الإسعاف وتحركت القوافل لعون المصابين نتيجة هذا الأمر الجلل.
يذكرني هذا بحالات سابقة مرت بالناس وكان فيها من العبر ما يدفع للتبصر ومراجعة الذات، فنحن نأخذ كثيرا من الأمور كمسلمات مضمونة ومن ضمنها السلامة في الأهل والمال والنفس، ثم تأتي الابتلاءات لتذكرنا بأننا مهما بلغنا من التحفظ والحرص لن نستطيع أن نقف في وجه ما يقدر لنا سوى بالصبر والاحتساب.
هناك كثير مما يمكن أن يتحوط له الواحد منا، ثم يأتي أمر جلل كهذا ليعلمنا أن هناك ما يتجاوز كل قدراتنا وتحوطنا البشري، عندها تقف كل الخطط عاجزة، وينبهر الجميع بما يمكن أن يكون، ولكون المشاهد من بعيد يأخذ ويعطي في أمور مثل هذه، إلا أن الواقع يقول إنه لا بد لكل واحد منا من وقفة مع ذاته لمحاسبة النفس ومراجعة الماضي والحاضر والاستعداد للمستقبل.
هناك فرصة كبيرة لدعم وعون الأسر التي أصبحت بلا مأوى، وقنوات الإغاثة تفتح المجال للمساعدة، هذا كله يحتسب للواحد وهو جزء من مفهوم الإنسانية التي يتمثل بها الجميع ويحاولون أن يتبنوها كطريقة حياة.
لعل من أكثر الناس سعادة أولئك الذين يرسمون البسمة على شفاه الآخرين، والعمل الأصلح هو الذي يرد الأمل وينهي المعاناة ويجبر الكسر عند من أصابتهم هذه المصائب، فالله سبحانه ينظر إلى الجميع، فمن وقع ضحية مراقب، كما أن من يعيش الدعوات في مكان آخر من العالم مراقب كذلك، وهو عندما يتفاعل مع المحتاج ويغيثه ويعيد إليه بسمته يحصل على تكريم عظيم من رب العالمين، وها هي وسائل الدعم فتحت للجميع لإعادة البسمة لمن فقدوها بسبب الزلزال.