انتقام الشركات الراسخة .. «أمازون» تعيد ضبط خطواتها

انتقام الشركات الراسخة .. «أمازون» تعيد ضبط خطواتها

أوقفت أمازون مؤقتا خططا طموحة للانغماس في التسوق في المتاجر الفعلية، عبر افتتاح الآلاف من المتاجر الجديدة. قال آندي جاسي، الرئيس التنفيذي، للمحللين إن شركة التجارة الإلكترونية العملاقة أغلقت بعض متاجر "أمازون فريش" و"جو" للبقالة، ولن تفتح أخرى حتى تجد صيغة "مميزة بطريقة ذات مغزى، وحيث نحب للاقتصاد أن يكون".
ما يحبه الاقتصاد الآن هو الشركات الراسخة ذات الامتيازات القوية. في الوقت الذي تكافح فيه بعض الشركات الثورية المحتملة، فإننا نشهد أفضل بيئة منذ عقود للشركات الراسخة للتصدي للقادمين عبر الإنترنت، من خلال منتجات وخدمات مبتكرة خاصة بها.
فلأعوام، تمتعت الشركات الناشئة والمجموعات الأخرى التي تركز على الإنترنت بميزة هائلة في شكل تمويل رخيص. كان المستثمرون الذين لم يكن لديهم سوى قليل من الخيارات، يتطلعون إليها من أجل النمو وكانوا على استعداد لتحمل خسائر مبكرة على أمل تحقيق أرباح في نهاية المطاف. تنافست الشركات الثورية على أفضل المواهب وفازت بها ليس فقط من خلال الرواتب العالية، بل أيضا بالوعد بثروات الأسهم في المستقبل.
نما صعود التكنولوجيا بشكل أوضح خلال الأيام الأولى للجائحة، عندما ازدهر كل شيء إلكتروني بينما عانى الآخرون جميعا من الإغلاقات ومشكلات سلاسل التوريد.
الآن نشهد إعادة توازن. ارتفاع أسعار الفائدة يعني أن رؤوس الأموال لم تعد مجانية، وأن المستثمرين بدأوا في المطالبة، إن لم يكن بأرباح فورية، فعلى الأقل بمسار للربحية. رغم الفرقعة التي حدثت أخيرا، انخفض مؤشر ناسداك المركب أكثر من 25 في المائة من أعلى مستوياته في 2021، وأجل عديد من مجموعات التكنولوجيا الخاصة خطط التعويم، ما أخر أحلام موظفيها في جني الأموال.
علاوة على ذلك، أعلنت شركات التكنولوجيا خفض أكثر من 255 ألف وظيفة منذ بداية 2022، معظمها في الأشهر الأربعة الماضية. عدم الاستقرار هذا يجعل العمل في شركة قائمة ثابتة ومستقرة يبدو فجأة أكثر جاذبية، في وقت وصلت فيه البطالة الأمريكية إلى أدنى مستوياتها التاريخية والأجور آخذة في الارتفاع.
"لدى الشركات الراسخة رؤوس أموال (...) والتوسع يكلف كثيرا"، كما يقول آري ليباريكيان، رئيس قسم ممارسة بناء الشركات في شركة ماكينزي الاستشارية. فقد وجد استطلاع أخير أجرته الشركة لكبار المسؤولين التنفيذيين، أن المجموعات الكبيرة تبني أعمالا جديدة بنسبة 50 في المائة أكثر مما كانت عليه قبل عامين إلى خمسة أعوام.
ليست هذه المرة الأولى التي تتاح فيها للشركات الراسخة فرصة لاستعادة قوتها، فقد دفعت فترات الانكماش التي أعقبت انهيار الإنترنت والأزمة المالية 2008، المستثمرين والعاملين إلى إعادة التفكير في خياراتهم. لكن هذا التراجع التكنولوجي يأتي في وقت أصبحت فيه بعض المجموعات على الأقل في وضع أفضل للاستفادة من الميزات.
ذلك يعود، جزئيا، إلى أن طبيعة الفرص قد تغيرت. خلال إغلاقات كوفيد استفادت التجارة الإلكترونية والبث المباشر والبرامج السحابية، لكن هذه القطاعات تعاني الآن مع تحول المستهلكين إلى مكان آخر. النجاح في مجالات كإزالة الكربون والسيارات الكهربائية والرعاية الصحية يعني أكثر من مجرد تصميم منتج جيد. وتتطلب القدرة على التوسع بناء المصانع وسلاسل التوريد وقواعد العملاء، وهي المهارات التي تمتلكها بالفعل الشركات الراسخة والقوية.
كذلك أمضت بعض الشركات الكبرى أعواما في إعادة التفكير في الطريقة التي تتعامل بها مع الابتكار. فبدلا من توقع تدفق العروض الجديدة بشكل طبيعي من الأقسام الحالية، أدركت أن رواد الأعمال يحتاجون إلى بيئة أقل رسمية تحميهم، على الأقل في البداية، من عمليات الشراء والإدارة المعقدة، وتتيح لهم مجالا لارتكاب الأخطاء.
تقول ليندا ييتس، مستشارة ومؤلفة كتاب "ذا يونيكورن ويذ إن"، "لن تنجح في إلقاء 20 مليون دولار في هذه الشركة الناشئة الوحيدة، بل ستقوم بإهدار مليون دولار على 20 منها والسماح لها بإجراء بعض الاختبارات".
عندما افتتحت شركة بيرنود ريكارد ذراعها الاستثمارية في كاليفورنيا 2017، واجهت شكوكا من المؤسسين الذين كانوا قلقين من أن تضع المجموعة الفرنسية مصالحها الخاصة أولا. يقول ستيفان لونجيت، رئيس شركة كونفيفيالتي فينتشرز، "الآن، وجود مستثمر كبير وذي قيمة ومعترف به يمكنه دعم شركة ناشئة في المدى الطويل هو ميزة إضافية".
لكن تجربة متجر أمازون تظهر أن ما سيأتي بعد ذلك سيكون حاسما. الخروج بأفكار مبتكرة - في هذه الحالة المتاجر المجهزة بالكامل وعربات التسوق التي تسمح للعملاء بتخطي خطوط الخروج - هو مجرد الخطوة الأولى. والتأكد من إمكانية طرح العرض بطريقة مربحة له القدر نفسه من الأهمية إن لم يكن أهم. فبالنسبة إلى أمازون، ظلت مبيعات المتاجر المبنية راكدة منذ أن أشترت الشركة سلسلة هول فودز للبقالة في 2017.
يقول جاسي إن مشكلة أمازون تتمثل في إيجاد صيغة "تلقى صدى لدى العملاء"، لدى الشركات الراسخة الناجحة في هذا القطاع بالفعل مثل هذه الصيغة.

الأكثر قراءة