الملل الممتع
تفتح باب ثلاجتك فتشاهد باقة من الخضراوات والفواكه المتنوعة بألوانها الزاهية وبجانبها تتربع قطعة شوكولا، ستلاحظ أن دماغك يوجهك وبإلحاح إلى اختيار الطعام الذي يطلق كمية أكبر من الدوبامين، وبالتالي متعة أكبر، لذا ستجد نفسك تلتهم قطعة الشوكولا في لحظات، قد تقول ما المشكلة في ذلك؟ فالشوكولا لها فوائد عدة، نعم لكن لك أن تعلم أنه كل ما أطلق دماغك مزيدا من الدوبامين أدى ذلك إلى تحفيز الدماغ أكثر وأكثر، لطلب مزيد من ذلك المحفز "الشوكولا"، وقس على ذلك ما يفعله نظام المكافآت في دماغك، ليس تجاه الطعام فقط، بل تجاه كل ما يمنحك متعة لحظية مثل وسائل التواصل الاجتماعي والأكل السريع والمخدرات والكحول!
والمؤذي أن ذلك لا يتطلب منك جهدا، ما عليك سوى استهلاك المزيد والحصول على المكافأة اللحظية، والمستفيد الوحيد من ذلك هم مجموعة من الشركات التي تسيطر على العالم ويتركز مجهودها على تحفيز مشاعرنا الاستهلاكية من أجل مضاعفة أرباحها، لأن الدوبامين يلعب دورا محوريا في قراراتنا والأفعال التي نقوم بها، فإذا لم ننتبه ونكبح جماح رغباتنا تحولنا إلى مجرد آلات مستهلكة تبحث عن المتعة فقط.
فما هي حقيقة الدوبامين الذي يعرف بهرمون المتعة وهذا ليس الاسم الصحيح المعبر عن الدوبامين، إذ إنه في الحقيقة يمنحنا الرغبة والدافع للقيام بالأفعال، وتحدد الأولويات في دماغك في الأغلب حسب نسبة الدوبامين التي يفرزها دماغك، ومع الأسف أننا في هذا الزمان تزيد لدينا نسبة إفراز الدوبامين بسب كثرة تناول السكريات وإدمان الكحول والمخدرات ووجودنا في عالم رقمي، فتتعود أجسامنا على النسب العالية ولا تعود تستجيب للنسب القليلة، فتشعر بالضجر وفقدان المتعة في كل شيء. إذا ما الحل الذي يعيد الأمور إلى نصابها؟ الحل في صيام الدوبامين، وكل ما عليك في البداية تحديد الأفعال التي تمنحك كميات كبيرة من الدوبامين ثم ابدأ بتجنبها، مثل أكل السكريات، مواقع التواصل، والاستماع للموسيقى، أي أن تزيل كل وسائل المتعة من حياتك ولفترة محددة لتعيد الأمور إلى نصابها، وتستبدل تلك النشاطات المحفزة للمتعة اللحظية بأمور عادية مثل المشي، التأمل، وقراءة القرآن، احرم نفسك من المتعة ليتحول لديك الملل إلى أمل وتتحول الأمور التي كنت تعتقد أنها سيئة ومملة إلى مصادر للمتعة، إنه نوع من الحرمان الذي مارسته عديد من التشريعات الدينية وظهر على السطح في 2018، وخلاصته أن تجنب ممارسة الأنشطة الممتعة يمكن أن يعمل على التخلص من العادات السيئة والإدمان، وإتاحة الوقت للذات، والتفكير، وتعزيز السعادة الشخصية!