هل يمكن استبدال «تشات جي بي تي» بوزير المالية؟

هل يمكن استبدال «تشات جي بي تي» بوزير المالية؟

استخدام جيريمي هانت "تشات جي بي تي" للمساعدة على كتابة مقدمة لخطابه المؤيد للابتكار الجمعة الماضي كان أمرا أنيقا ومؤسفا في آن معا.
كان أنيقا لأن وزير المالية البريطاني سلط الضوء على استخدامات هذه البرمجيات المتقدمة، ومؤسفا لأنه أثار فكرة أن جانبا كبيرا من سياسة الحكومة بشأن التكنولوجيا يمكن صياغته بسهولة بواسطة روبوت الذكاء الاصطناعي.
في الواقع، طلب خطة من عشر نقاط لتعزيز النمو الإبداعي من "تشات جي بي تي" ينتج عنه بعض الأفكار الواعدة، لكنها مألوفة: الاستثمار في البحث والتطوير، ودعم الشركات الناشئة، والوصول إلى التمويل.
إنه نوع من الأشياء الطموحة والسهلة التي سمعناها من الوزراء الذين يأملون جعل المملكة المتحدة "وادي السيليكون القادم". لكنه لم يعد ذا قيمة بالنسبة إلى كثيرين في هذا القطاع في وقت تعد فيه المملكة المتحدة في سباق ما بعد "بريكست" لجذب الشركات المبتكرة والحفاظ عليها.
يتحدث مؤسسو ومستثمرو التكنولوجيا أصلا عن كيفية استخدام 369 مليار دولار معروضة بموجب قانون خفض التضخم الأمريكي للاستثمار في مجال التكنولوجيا، بما في ذلك السيارات الكهربائية والهيدروجين واحتجاز الكربون.
استجابة دول الاتحاد الأوروبي ستجعل المملكة المتحدة محاصرة بين منطقتين متنافستين تتقاتلان على أكثر التقنيات المستقبلية إثارة. ففي أوروبا، سارعت دول مثل فرنسا إلى فرش السجادة الحمراء لشركات التكنولوجيا للانتقال إليها والنمو فيها.
لكن سياسة حكومة المملكة المتحدة في الآونة الأخيرة كانت محيرة بعض الشيء. خذ، مثلا، القرار بخفض خطة الائتمان الضريبي للبحث والتطوير للشركات الناشئة التي اعتمد عليها كثيرون للنمو في الأعوام الأخيرة. في استطلاع أجرته هيئة كوديك الصناعية شمل أكثر من 250 من مؤسسي الشركات في المملكة المتحدة، قال الجميع تقريبا إن التخفيضات جعلت المملكة المتحدة أقل جاذبية بشكل ملحوظ.
بالطبع يمكن، بل ينبغي أن تواجه إصلاح الاعتمادات الضريبية مخاطر الاحتيال. لكن هذه الحوافز هي واحدة من أهم الوسائل المتاحة لدى المملكة المتحدة لمساعدة الشركات الناشئة الخاسرة في أيامها الأولى. إذا كان هناك أي شيء، ينبغي توسيعها. بالمثل، ينبغي أن يكون تجديد أو تمديد الإعفاءات الضريبية التي يقدمها برنامج الاستثمار المؤسسي وبرنامج سيد إنتربرايز إنفستمنت في المدى الطويل أولوية.
البيئة الأوسع مهمة أيضا إذا كانت تلك الحوافز الضريبية ستؤدي إلى بقاء الشركات في الدولة. يحتاج المؤسسون إلى مخرج فعال لشركاتهم على شكل سوق للأسهم في لندن مجهزة لتوفير تغطية المحللين واهتمام المستثمرين. ويتعين على الوعود بإصلاح سوق الأسهم، بما في ذلك معالجة التأثير الباهت على أبحاث المحللين الناشئ عن توجيه الاتحاد الأوروبي الخاص بالأسواق والأدوات المالية لعام 2014، أن تحدث بسرعة، لجعل لندن أكثر جاذبية لشركات التكنولوجيا.
ويمكن للحكومة أن تساعد على معالجة فجوات التمويل للشركات الناشئة والشركات الكبرى في المملكة المتحدة. إن توجيه الأموال نفسها بسرعة هنا وهناك لن يساعد: مثلا، ينبغي أن تكون المراجعة المقبلة لأشباه الموصلات واضحة بشأن الدعم المالي الجديد للقطاع، بدلا من الإشارة ببساطة إلى الأموال الحالية التي وفرها بنك الأعمال البريطاني وإنوفيت يو كيه.
إن الحكومة تعطي وزنا كبيرا لنتائج مراجعة تنظيمية أجراها باتريك فالانس في بعض هذه المجالات. لكن هذا سيكون قليل الفائدة للقطاع إذا كانت الإجابة هي مزيد من الاستراتيجيات والمراجعات وفرق العمل مع قليل لدعمها.
قد لا يعني التلاعب بالقواعد بحثا عن "فوائد" خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في المدى القصير تحسينات هيكلية طويلة المدى. خذ، مثلا، مبلغ مائة مليار جنيه استرليني يؤكد الوزراء أن بريطانيا كسبته عبر خروجها من الاتحاد الأوروبي وذلك من التغييرات التي أدخلت على نظام الملاءة المالية "سولفنسي" للتأمين: ليس هناك ما يضمن أن صناديق التقاعد البريطانية ستستثمر في الأصول البريطانية، علاوة على القطاعات الإبداعية، بالنظر إلى واجبها في إيجاد عوائد جذابة بغض النظر عن الجنسية أو القطاع.
إن حكومة المملكة المتحدة تحتاج إلى توفير الخلفية لضمان وجود شركات وصناعات جذابة للاستثمار فيها، في كل من الأسواق الخاصة والعامة.
ولا يمكن لإلغاء القيود التنظيمية أن يحل كل شيء: أهم طلب من مؤسسي الشركات متعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو توسيع نظام التأشيرات للعمال الموهوبين وتبسيطه حتى يتمكنوا من الحصول على الموظفين الذين يحتاجون إليهم.
إن وزير المالية محق في وصف نجاحات قطاع التكنولوجيا: لندن على وجه الخصوص رائدة في مجال التكنولوجيا في أوروبا، فهي تجمع مزيدا من الأموال لشركات أكثر من المدن المنافسة في الأعوام الأخيرة.
لكن ينبغي للإصلاحات التنظيمية أن تقترن بسياسة أوسع ودعم مالي وضريبي للصناعات التي يجب أن تسدد أضعافا مضاعفة على شكل ضرائب وتوظيف. وإلا فإن الطموحات بأن تصبح وادي السيليكون القادم ستبقى مجرد طموحات.

الأكثر قراءة