نقطة التحول في الأجور اليابانية ترفع الآمال الاقتصادية

نقطة التحول في الأجور اليابانية ترفع الآمال الاقتصادية

بعد يوم من مفاجأة مالك علامة يونيكلو التجارية للملابس للشعب بخطة لزيادة الأجور في اليابان بنسبة تصل إلى 40 في المائة، أخبر كبير المسؤولين الماليين المستثمرين أن رفع الأجور لم يحدث لمرة واحدة.
قال تاكيشي أوكازاكي، المدير المالي في "فاست ريتيلنج": "نريد أن يعمل موظفونا بجد تحت ظل هذا النظام الجديد وإن ارتفعت المبيعات والأرباح سيكون هناك مجال لزيادة مكافأتنا إلى مستوى أعلى بكثير".
في دولة قاومت فيها الشركات زيادة الأجور وامتنعت القوة العاملة عن مطالبات الرواتب القوية لمعظم العقود الثلاثة الماضية، كانت حركة "فاست ريتيلنج" نقطة تحول في معركة الحكومة وبنك اليابان لانتشال الاقتصاد من الانكماش.
إذا خطت الشركات الأخرى على الخطى نفسها واستمرت ارتفاعات الأجور، يقول المحللون إن النتائج قد تكون بالغة الأثر. إنشاء دورة إيجابية من رفع الأجور والاستهلاك والأسعار قد يسمح لليابان بالابتعاد عن أسعار الفائدة السلبية والسياسات النقدية الفضفاضة للغاية التي حددت صراعها مع التضخم والنمو المنخفضين أخيرا.
تحدى هاروهيكو كورودا، محافظ بنك اليابان الأطول خدمة الذي سيتنحى في نيسان (أبريل)، ضغط السوق وأبقى على الأركان الأساسية لبرنامجه للتيسير النقدي دون تغيير، مؤكدا بأن نمو الأجور لم يكن كافيا رغم صدمة التضخم العالمية.
"كثير من السكان العاملين الحاليين متشككون بشأن ارتفاع الأسعار والأجور، حيث إنهم لم يجربوا ذلك قط"، كما قال هيرويوكي أوينو، كبير الاستراتيجيين في سوميتومو ميتسوي ترست لإدارة الأصول. "حتى إن نظرت في الـ 20 عاما الماضية، لم نر هذا القدر من الضغط على إدارة شركة ما لرفع الأجور من أجل معالجة الارتفاع في الأسعار. قد تكون هذه هي نقطة التحول".
كانت العلامات مشجعة حتى الآن. قبل إعلان "فاست ريتيلنج"، كشفت كانون، شركة صنع الكاميرات والطابعات، أنها سترفع الأجور الشهرية لموظفيها البالغ عددهم 26 ألفا بمتوسط 3.8 في المائة.
تهدف سنتوري هولدينجز، مجموعة تصنيع المشروبات، إلى رفع الأجور في اليابان 6 في المائة. ستراجع شركة روتو لصنع قطرات العيون المكون القائم على الأقدمية في هيكل أجورها لأول مرة منذ 22 عاما، ما نتج عنه ارتفاع متوسطه 7 في المائة للموظفين في 2022.
تبعت هذه الحركات دعوات من فوميو كيشيدا، رئيس الوزراء، للشركات برفع الأجور. مثل هذه الجهود التي تقودها الحكومة ليست جديدة: قضى شينزو آبي، رئيس الوزراء السابق الراحل، ثمانية أعوام في محاولة إقناعهم بأنه ليس باستطاعتهم الاستمرار في تقديم بعض من أقل الزيادات في المتوسط في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
لكن بينما أدت الأبينوميكس "السياسات الاقتصادية التي يؤيدها شينزو آبي" إلى ارتفاع قصير المدى في الأجور، يهدف برنامج كيشيدا "الرأسمالية الجديدة" إلى أن ينتج عنه نمو أكثر عضوية في الرواتب، ما سيسمح لبنك اليابان بتحقيق هدفه للتضخم البالغ 2 في المائة بشكل مستدام.
وصل التضخم الأساسي في اليابان، الذي لا يتضمن أسعار الأغذية الطازجة المتقلبة، إلى 4 في المائة في كانون الأول (ديسمبر) وهي أسرع وتيرة له منذ 41 عاما.
في إشارة على الأوقات المتغيرة، يسعى اتحاد النقابات العمالية الياباني إلى زيادة 3 في المائة، مقارنة بالعام الماضي في الأجر الأساسي في مفاوضات الأجور الربيعية "شانتو"، أعلى طلب له منذ 1995. يوم الثلاثاء، دعت كيدانرين، أكبر مجموعات الضغط في اليابان، الشركات لرفع الأجور بشكل استباقي "كمسؤولية اجتماعية للشركات".
يتوقع بنك جولدمان ساكس ارتفاعا في الأجور السنوية الإجمالية بنحو 2.5 في المائة من المفاوضات الربيعية -لكن ذلك لن يصل إلى نمو الأجور الإجمالي 3 في المائة، الذي قال بنك اليابان إنه مطلوب لهدفه للتضخم.
تشمل مفاوضات شانتو أكبر الشركات فقط، يحذر المسؤولون التنفيذيون في الشركات من أن العقبات التي تحول دون زيادة الرواتب مرتفعة بشكل خاص بالنسبة إلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي توظف ما لا يقل عن 70 في المائة من العمال اليابانيين.
بينما تمكنت شركات مثل فاست ريتيلنج من رفع أسعارها لتعكس التكلفة المرتفعة للمواد، عانت الأعمال التجارية الأصغر لتمرير التكاليف الأعلى بشكل كاف.
قال كيميهيكو ياماشيتا، الذي يدير أراي مانفكتروينج، شركة صناعة الأجزاء الصناعية، في محافظة إيشيكاوا: "لا يمكننا التفكير برفع الأجر الأساسي لدينا. أولويتنا هي المحافظة على عملنا التجاري". تمكنت "أراي" أخيرا من إقناع العملاء بقبول ارتفاع الأسعار 3 في المائة، لكن هذا لن يغطي إلا خسائرها من تكاليف الطاقة والمواد المرتفعة، كما قال ياماشيتا.
بعد تعديلها، وفقا لتضخم المستهلكين، انخفضت الأجور الحقيقية اليابانية 3.8 في المائة، مقارنة بالعام الماضي في تشرين الثاني (نوفمبر).
توجد مشكلة هيكلية تعوق زيادة الرواتب وهي نقص تنقل القوى العاملة بسبب نظام الدولة القديم للعمل مدى الحياة.
"ما لم تكن هناك سيولة في سوق الوظائف اليابانية، ستكون زيادات الأجور لمرة واحدة وغير مستدامة"، حسبما قال كين شيبوساوا، رئيس كومون لإدارة الأصول وعضو أساسي في لجنة تعد سياسة كيشيدا الاقتصادية.
قوانين العمل اليابانية تصعب على الشركات تسريح الموظفين بدوام كامل. مقابل إعطاء الموظفين وظائف مدى الحياة، عادة ما يكون لدى النقابات علاقات تعاونية مع إدارات الشركات، ما يجعل من الصعب عليهم إصدار مطالبات رواتب صعبة. يجعل ذلك من تطوير اليابان لدوامة الأجور التضخمية التي تغذيها الإضرابات واسعة النطاق في المملكة المتحدة أقل احتمالا.
أدرك مسؤولو الحكومة الآن أن الإعفاءات الضريبية، التي قدمت بالفعل للشركات التي ترفع الأجور ليست كافية، مع استثمار كيشيدا الواعد أيضا بإعادة تدريب الموظفين اليابانيين لمساعدتهم على التحول إلى الصناعات الجديدة التي تتوسع.
قال سويتشيرو مينامي، الرئيس التنفيذي لـ "فيجينال"، التي تدير موقع وظائف عبر الإنترنت: "لسنا متأكدين مما إذا كانت اليابان ستصبح سائلة كسيولة سوق الولايات المتحدة، لكن اليابان ستصبح أكثر سيولة تدريجيا على المدى المتوسط أو الطويل من خلال العولمة والتغييرات في هياكل الصناعة وتقلص عدد السكان العاملين".
يتحول عديد من الشركات اليابانية التي تعمل على المستوى العالمي بالفعل بعيدا عن دفع الأجور على أساس الأقدمية لتوظيف المواهب العالمية، كما يجب على المنافسة في التوظيف في سوق عمل ضيقة تعزيز مستويات الرواتب.
قال أوكازاكي من "فاست ريتيلنج": "إذا كنا سنطلب من الموظفين في اليابان القيام بعمل جيد عالميا، فعلينا رفع المكافآت اليابانية للمعايير الدولية. حتى مع هذه التعديلات الأخيرة لنظام الأجور لدينا، فالمستوى ليس عالميا بعد".

الأكثر قراءة