نظام الوساطة العقارية وأثره في السوق
لا شك أن القطاع العقاري أحد أهم الأدوات الاستثمارية في السوق السعودية ويشكل حجم نشاط القطاع العقاري في الاقتصاد الوطني نسبة ضخمة جدا قد تأتي بعد القطاع النفطي، وذلك لضخامة حجمه واهتمام المستثمرين بهذا القطاع وحجم التداولات التي تتم فيه وأثره الكبير في النشاط الاقتصادي السعودي ونظرة المستثمرين الإيجابية إلى الاستثمار في هذا القطاع، كما أن الاستثمار العقاري وجاذبيته له دلالة على متانة الاقتصاد واعتقاد المستثمرين أن المؤشرات إيجابية للاقتصاد خصوصا مع وجود مشاريع تنموية في مختلف المجالات، والقطاع العقاري شريك في هذه القطاعات التنموية بما ذلك القطاع السكني والتجاري والصناعي والزراعي، فالحديث عن أهمية هذا القطاع وأثره في الاقتصاد لا يمكن اختزاله في مقال.
من الأنظمة المهمة التي صدرت أخيرا وبدأت تدخل حيز التنفيذ نظام الوساطة العقارية وذلك لأهمية القطاع نفسه، وللفرص المتاحة فيه في ظل تنوع المشاريع التنموية بما في ذلك السكنية والترفيهية والسياحية واللوجستية ومختلف أنواع المشاريع الاستثمارية، وسيكون هذا القطاع حيويا في مختلف أنشطته وذلك بعدما سيتم قريبا من إتاحة هذا القطاع للاستثمار الأجنبي والتملك بالنسبة إلى الأجانب، إضافة إلى دخول الصناديق المؤسسية بصورة فاعلة في هذه السوق، ما يعزز من كفاءته ووجود الفرص الكبيرة فيه، ولذلك كان من الأهمية بمكان الاهتمام بتنظيم كل ما له علاقة في السوق العقارية بما في ذلك نظام الوساطة الذي إضافة إلى ما يحققه هذا النظام من تخفيف لحجم الخلاف والنزاع بين الأطراف ذوي العلاقة، فإنه يطور من هذه المنظومة بما يعزز من كفاءتها لاستقطاب الاستثمارات التي تعزز من القيمة المضافة إلى هذا القطاع، إذ إن الوسيط العقاري ليس عارضا للعقار فقط، بل يقدم مجموعة من الخدمات والاستشارات والأرقام والفرص الوظيفية في السوق، ونظرا إلى حالة ضعف التنظيم التي أدت إلى عدم تشجيع نمو شركات المتميزة في هذا القطاع ودخول فئات غير مؤهلة في السوق تعيق نشاطه الطبيعي والفاعل لتحقيق تنمية اقتصادية.
نظام الوساطة العقارية سيحد في كثير من الحالات النزاعات وسيعزز من قدرة السوق على استقطاب الكفاءات التي ترى في السوق فرصة للعمل والكسب والاستثمار، كما سيزيد من كفاءة الخدمات المتنوعة ومن ذلك التطوير العقاري وإدارة الأملاك والتوثيق لعمليات البيع، وسلامة تنفيذ العقود والشفافية في عملية البيع، بل له دور في سلامة ودقة المعلومات، حيث إنه المسؤول عن إدخال المعلومات الخاصة بالصفقات العقارية بما يجعل هناك مسؤولية على كل من يقدم معلومة غير صحيحة أو غير دقيقة تؤثر في العقد، ولذلك نجد في النظام أن هناك مسؤولية فيما يتعلق بإدخال المعلومات على الوسيط بما في ذلك الضمانات على العقار في حال توافر ذلك، وهنا يستشعر الوسيط بأنه مسؤول عن توفير المعلومات اللازمة عن العقار وتوثيقها خصوصا ما كان منها مؤثرا، حيث سيتم إدخال هذه المعلومات من خلال الوسيط لدى منصة خاصة بذلك لدى الهيئة العامة للعقار.
نظام الوساطة العقارية يقدم طريقة توثيق أكثر شفافية فيما يتعلق بالعقود الخاصة بالعقار وأي علاقة تتضمن حدا أعلى من الشفافية بين الأطراف في أي علاقة تعاقدية سيحد ذلك من حجم الخلاف بينهما، كما يساعد الجهات القضائية وجهات التحكيم على اتخاذ القرار المناسب والعادل وفقا للأنظمة المرعية، كما أن هذا التنظيم سيجعل فرص التوظيف والاستثمار في هذا القطاع أكبر، إذ ليست الوساطة العقارية مكانا مناسبا لغير المؤهلين، بل سيوظف هذا القطاع أفضل الكفاءات بسبب حجم الاستثمارات الضخم جدا فيه، وهذا سيستفيد منه المستثمر والمستفيد من المواطنين والمقيمين سواء فيما يتعلق بالشراء أو البيع أو الاستئجار، كما سيكون ذلك مساندا للأنشطة التي لها علاقة مباشرة بالقطاع العقاري مثل التمويل والتقييم العقاري وذلك وفقا لأرقام حقيقية تتحمل مسؤوليتها الأطراف ذات العلاقة.
الخلاصة، إن نظام الوساطة العقارية سيكون له أثر كبير في القطاع العقاري وذلك من خلال استقطاب الاستثمارات إلى هذا القطاع باعتبار حجم الفرص الموجودة فيه والعوائد التي يمكن أن تتحقق من خلال مجموعة كبيرة من الأنشطة الخاصة بالوساطة العقارية، إضافة إلى أنه بيئة خصبة للتوطين حيث يهتم كثير من القوى العاملة الوطنية بهذا القطاع وله علاقة مباشرة وغير مباشرة به، كما سيلاحظ أن هذا القطاع ستتطور أعماله بما يؤدي إلى جذب الاستثمارات إليه.