بعث جديد لأهمية الطاقة النووية «2 من 3»

في الجانب الثاني، إن طاقة الرياح والطاقة الشمسية وحدهما لن تكونا كافيتين لكسر ذلك الاعتماد. فحتى في قطاعات الكهرباء لدى أكثر الدول ثراء في العالم، لم ينجح أي اقتصاد في الحصول على أكثر من ثلث احتياجاته من الكهرباء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية مجتمعتين.

والاستثناءات تثبت القاعدة، فالدنمارك، الأيقونة الخضراء تولد نحو 50 في المائة من الكهرباء من الرياح لكنها مندمجة بالكامل في الشبكة الإسكندنافية الأضخم كثيرا، التي تضم السويد والنرويج وفنلندا، التي تهيمن عليها الطاقة الكهرومائية والطاقة النووية وطاقة الرياح التي تتباهى بها الدنمارك لا تمثل سوى 4 في المائة تقريبا من مجموع توليد الكهرباء سنويا على مستوى الشبكة الإسكندنافية.
وتمثل الطاقة النووية حلا ممكنا لكلتا المشكلتين، فهي توفر مصدرا ثابتا للكهرباء يمكنه تكملة مصادر الطاقة المتجددة المتغيرة على الشبكات الكهربائية، كما هو الحال في الشبكة الإسكندنافية والطاقة النووية تتضمن كذلك القدرة على إنتاج حرارة خالية من الكربون وكذلك إنتاج الكهرباء لمجموعة من الصناعات والأنشطة الأخرى كثيفة استخدام الطاقة ـ بدءا من التكرير وتصنيع الأسمدة حتى إنتاج الصلب والهيدروجين ـ التي يصعب مدها بالكهرباء بشكل كامل.
ورغم ذلك، يتعين أن تشهد التكنولوجيا النووية تغييرا لتكون قابلة للاستخدام في غير توليد الكهرباء في قطاعات الكهرباء في الاقتصادات المتقدمة تكنولوجيا.

ففي ظل الظروف الاقتصادية والمؤسسية السليمة، يمكن أن تكون تكنولوجيا مفاعلات الماء الخفيف الكبيرة التي هيمنت على القطاع تاريخيا ذات فاعلية ملموسة في العمل بديلا للوقود في شبكات الكهرباء.

فتحصل فرنسا على 75 في المائة من احتياجاتها من الكهرباء عن طريق الطاقة النووية، بينما تحصل السويد وعدة اقتصادات متقدمة أخرى على 50 في المائة تقريبا.
غير أن مفاعلات الماء الخفيف الكبيرة هي تكنولوجيات تتسم بالتعقيد، وتتطلب وجود أفراد حاصلين على تدريب عالي المستوى لصيانتها وتشغيلها، فقلب المفاعل يحتوي على قدر كبير من المادة الانشطارية وهو بذلك يعتمد على مجموعة متعددة من أنظمة الأمان النشطة لضمان عمليات تشغيل آمنة، وتتطلب هذه العمليات، بدورها، قدرات تنظيمية متطورة لضمان التشغيل الآمن للمحطات. وتحتاج مفاعلات الماء الخفيف الكبيرة كذلك إلى إعادة ملء خزاناتها بالوقود بانتظام، كل 18 شهرا أو نحو ذلك.

وكل هذا يزيد عمليا من صعوبة فصل عمليات تشغيل المفاعل في أي موقع معين عن دورة الوقود النووي، التي تثير مجموعة من المخاوف المتعلقة بالانتشار النووي.
ولا تستطيع مفاعلات الماء الخفيف التي تعمل في درجات حرارة منخفضة التوافق مع متطلبات الحرارة في كثير من الاستخدامات الصناعية المهمة، وهكذا يقتصر استخدامها بشكل أساس على قطاع الكهرباء.

حتى في ذلك القطاع، فإن لديها قدرة محدودة على التحكم في زيادة أو تقليل الناتج وهكذا تصبح غير محبذة في الشبكات التي تشهد قدرا كبيرا من متغيرات توليد الطاقة من الرياح والشمس ... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي