اللاجئون .. العمل بدلا من المساعدات «2 من 2»
ينظر إلى النازحين بسبب الصراعات في أغلب الأحيان على أنهم عبء وليسوا قوة بشرية. وتشير تقديرات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن 70 في المائة من جميع اللاجئين يعيشون في دول تفرض قيودا على حقهم في العمل. ويحدث ذلك في 30 بلدا على الأقل، ما يمنع النازحين بسبب الصراعات أو العنف من العمل لتغطية تكاليفهم المعيشية أو الإسهام في بناء المجتمعات المحلية المضيفة.
وتعد موافقة الحكومات على منح النازحين قسرا تصاريح عمل إحدى أفضل السبل لإشراكهم في المجتمع وتعظيم إسهامهم في المجتمعات المحلية المضيفة. ومن المنطقي من الناحية الاقتصادية، في ضوء الشواهد الواردة أعلاه، عد وجودهم فرصة وليست تكلفة.
وتؤيد البحوث المتعلقة بأثر النزوح في الاقتصاد الكلي هذه المقولة، حيث تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى امتلاك ملايين الفنزويليين الذين فروا من بلادهم منذ 2015 القدرة على زيادة إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في بيرو وكولمبيا وإكوادور وشيلي، بنسبة تراوح بين 2.5 و4.5 نقطة مئوية، مقارنة بسيناريو عدم حدوث هجرة، بحلول 2030. ويسلط ذلك الضوء على كيف تعد السياسات التي تقنن عمل المهاجرين، وتشجع البحث عن فرص العمل، وتيسر إدخال تعديلات على سوق العمل، عوامل أساسية لتحويل أزمات النزوح على نطاق واسع إلى نجاح اقتصادي.
كما تظهر الشواهد أنه بالنسبة إلى اللاجئين، يمكن أن تؤثر المشاركة في سوق العمل تأثيرا إيجابيا في أوضاعهم النفسية والاجتماعية. فعلى الرغم من عدم منح الحكومة في بنجلادش اللاجئين تصاريح عمل وفرضها قيودا على قدرتهم على التنقل تحد من إمكانية الوصول إلى العمل، وجدت دراسة حديثة بحثت القيمة النفسية الاجتماعية للعمل للاجئين أن 66 في المائة من العاملين كانوا على استعداد للتخلي عما يحصلون عليه من مدفوعات نقدية لمواصلة العمل مؤقتا.
وبشأن تفعيل برامج سوق العمل أيضا لمساعدة العمال فتعد الإكوادور، التي تستضيف نصف مليون لاجئ ومهاجر، البلد الوحيد في العالم الذي يمنحهم الحقوق نفسها التي تمنحها للمواطنين الإكوادوريين. ويظهر ذلك في برامج تديرها الحكومة الإكوادورية ترتبط بسوق العمل. ومن شأن تقييم مثل هذه البرامج أن يساعد على ضمان فاعليتها ـ لضمان استفادة النازحين وعدم معاناة المجتمعات المحلية المضيفة. وتحظى هذه الشواهد بأهمية خاصة، حيث في الأغلب ما تقع وطأة الآثار السلبية عند وقوعها على كاهل الشرائح منخفضة الدخل.
تدل الزيادة الحادة في معدلات النزوح التي شهدناها على مدى العقد الماضي بوضوح على أنها لن تنتهي في القريب. ويمكن للبحوث، مثل مطبوعة تقرير عن التنمية في العالم المرتقبة عن المهاجرين واللاجئين، أن تتيح لنا معلومات بالغة الأهمية للسياسات والبرامج. ويعد إدماج النازحين قسرا في أسواق العمل إحدى هذه السياسات القوية التي يمكن أن تحدث آثارا إيجابية على مدى الأعوام المقبلة، وربما على مدى عقود.