لا داعي للقلق .. فرص الشباب على ما يرام
عندما ضربت الجائحة، اعتقدت أن الشباب الذين سيدخلون سوق العمل سيعانون صدمة يتردد صداها طوال مسيرتهم المهنية لأعوام. لم أسعد هكذا من قبل، بأني كنت على خطأ.
كانت هناك أسباب وجيهة للقلق في ذلك الوقت، حيث عادة ما يعاني الشباب في أوقات الركود. يصعب عليهم إيجاد عمل، وعندما يجدون، فإنها تكون وظيفة أقل من مؤهلاتهم في الغالب. عندما يكون الانتعاش الاقتصادي بطيئا، يكون من الأصعب عليهم التبديل بين الوظائف لتعزيز رواتبهم وتقدمهم المهني. مثلا، بعد أزمة 2008 المالية ارتفعت نسبة عمل الخريجين في وظائف منخفضة الأجر 30 في المائة في المملكة المتحدة، وظلت مرتفعة لمدة سبعة أعوام.
علاوة على ذلك، بدت الجائحة كأنها ضبطت للتأثير في الشباب خاصة. كان احتمال أن يعمل الموظفون الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما في القطاعات التي أغلقت أكثر من ضعف احتمال أن يعمل فيها أولئك الذين تزيد أعمارهم على 25 عاما. بينما حمت مخططات الإجازات الأشخاص الذين لديهم وظائف بالفعل في عديد من الدول، لم تكن ذات فائدة تذكر لمن هم بلا وظائف. لا عجب أن البطالة ارتفعت بين الشباب عندما بدأت الإغلاقات.
بعد أقل من ثلاثة أعوام، من الصعب المبالغة في تقدير مدى تغير الأمور. انخفضت بطالة الشباب سريعا في كثير من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وانخفضت إلى أقل من مستويات ما قبل الجائحة في دول منها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة، وفقا لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
كيف حدث هذا؟ أدى نقص العمالة بعد إعادة فتح الاقتصادات -الذي كان سببه جزئيا خروج كبار السن من سوق العمل ومستويات التحفيز الاقتصادي المرتفعة- إلى ازدياد عدد الوظائف الشاغرة. قد تسبب سوق العمل الضيقة للغاية مشكلات، لكن لها منافع أيضا، خاصة للشباب. عندما تكون الوظائف وفيرة تزيد فرص الحصول على عمل ويزيد مجال تغيير الوظائف لإيجاد وظيفة تلائم مهاراتك أكثر.
في هولندا، رصد الباحثون فرص المجموعة التي تخرجت في 2020 ودخلت سوق العمل في خضم الإغلاقات. في البداية، وجدوا أن إيجاد الوظائف كان أصعب عليها من المجموعات السابقة، لكن بحلول حزيران (يونيو) 2021 كان من المرجح أن تكون لديهم وظائف أكثر من مجموعات 2017 و2018 و2019 في المرحلة نفسها من مسيرتهم المهنية.
في المملكة المتحدة، وجد سام راي شاودوري وشياوي شو، من معهد الدراسات المالية، أنه "لا يوجد دليل قاطع على الآثار السلبية المستمرة" في احتمالات توظيف أولئك الذين تخرجوا وقت الجائحة. كما في هولندا، انتعشت معدلات التوظيف سريعا. ما لا يقل أهمية عن ذلك، لا يبدو أن المطاف قد انتهى بالأشخاص في هذه المجموعة إلى وظائف منخفضة الأجر، ولا يبدو أن تقدمهم الوظيفي كان بطيئا حتى الآن.
فيما يتعلق بجودة الوظائف، نظر الباحثون في مجموعة من المقاييس، من نسبة الأشخاص الذين يعملون في شركات كبيرة إلى النسبة التي لديها عقود دائمة. وجدوا أن أولئك الذين ينتمون إلى خلفيات اجتماعية واقتصادية فقيرة كانوا أقل ميلا إلى تغيير وظائفهم منذ تخرجهم من المدرسة أو الجامعة، لكن بخلاف ذلك، بدت جودة وظائفهم مشابهة جدا للمجموعات السابقة.
هناك محاذير بالطبع. لا تزال بطالة الشباب مرتفعة من الناحية الهيكلية في عديد من الدول، ولا سيما في الجزء الجنوبي من أوروبا. كما شهد الشباب ارتفاعا في مشكلات الصحة النفسية. في المملكة المتحدة يقول عدد صغير، لكنه متزايد، "إنهم مريضون لدرجة تمنعهم من العمل، والسبب الأكبر هو الأمراض النفسية".
التوقعات الاقتصادية قاتمة أيضا. قد يحصل الشباب على وظائف، لكن التضخم المرتفع يقوض مستويات معيشتهم مثل الجميع. مع تقلص دخول الأسر ورفع البنوك المركزية أسعار الفائدة، من المرجح أن تضعف أسواق العمل، لكن لا أحد يعرف إلى أي مدى. بدأت بطالة الشباب في الارتفاع مرة أخرى بالفعل في أوروبا. قد تكون مجموعة هذا العام، التي تخرجت في ظروف اقتصادية متدهورة بعد تعطل التعليم، هي التي تعرضت للوضع الأسوأ. وفي هذا كله، كنت أتحدث عن سوق العمل فقط. كانت الاتجاهات الأخرى "مثل أسعار المساكن والإيجارات" فظيعة بالنسبة إلى الشباب.
لكن الاعتراف بالأخبار السيئة لا ينبغي أن يعني التقليل من الأمور الجيدة. يقول بيرت كولين، كبير الاقتصاديين في بنك آي إن جي، "إنه غالبا ما يفاجأ بمدى تشاؤم الناس". قال لي "لكن في الواقع، إنه من المذهل أن الاقتصادات وأسواق العمل تمكنت من التعافي بسرعة كبيرة من مثل هذه الصدمة الهائلة. لا نستطيع فهم كيف يشكل ذلك انتصارا كبيرا للاقتصاد".
من بين المستفيدين من هذا التعافي مجموعة من الشباب الذين كانت بدايتهم في سوق العمل أفضل بكثير مما تجرأ أي شخص أن يأمل. وسط هذه الكآبة، إنه أمر يستحق الاحتفال.