الحرب في أوكرانيا تحول مياه سبتة إلى مركز عالمي لتداول النفط
العالم الجديد الذي صنعته الحرب الروسية - الأوكرانية، أنشأ مركزا جديدا لتجارة النفط في العالم، وهو مدينة سبتة وهي عبارة عن جيب إسباني صغير على سواحل المغرب على البحر المتوسط. ففي مياه هذا الجيب الهادئة تقوم روسيا بمبادلة ناقلات النفط الخام الروسي، وهو أسلوب يسمح لروسيا بخفض تكاليف الشحن والالتفاف على القيود والعقوبات الغربية، وتسهيل الإمدادات للعملاء الباقين للنفط الروسي. والنتيجة، كما يقول خافيير بلاس المحلل الاقتصادي في تحليل نشرته وكالة "بلومبيرج" للأنباء، استمرار تدفق النفط الروسي للأسواق العالمية بكميات كبيرة، تقترب من مستويات ما قبل فرض العقوبات الأمريكية والأوروبية على قطاع النفط الروسي. لم تكن روسيا تستخدم المياه القريبة من ميناء سبتة كنقطة توقف لصادرات نفطها حتى الحرب. ففي ذلك الوقت كانت موسكو تشحن النفط مباشرة إلى المصافي الأوروبية بناقلات صغيرة. لكن الكرملين بدأ استخدام المياه القريبة من المدينة الإسبانية التي تطالب المغرب باستعادة السيادة عليها إلى جانب جيب مليلة، كقاعدة لنقل الخام من ناقلات كبيرة إلى ناقلات أخرى أصغر بشكل متقطع، ثم أصبحت تستخدمها على نطاق واسع. ويرصد بلاس مسار الشحنات الروسية على النحو التالي: تقوم روسيا بتحميل الخام في ناقلات صغيرة الحجم تسمى أفاراماكسيس في موانئ بحر البلطيق، مثل بريمورسك وأوست-لوجا. وتضطر هذه الناقلات إلى شق طريقها عبر ثلوج القارة القطبية خلال فصل الشتاء، متجهة إلى ميناء سبتة. وبالقرب من المدينة تنتظر هذه الناقلات التي تحمل الواحدة منها نحو 700 ألف برميل، وصول ناقلة عملاقة من فئة "في.إل.سي.سي". وبعد ذلك تقترب الناقلة الصغيرة، من الناقلة العملاقة لنقل الخام من الأولى إلى الثانية. في المقابل، هناك ثلاثة أسباب تجعل منطقة سبتة مناسبة للنشاط الروسي، أولها، أنه رغم إنفاق روسيا مئات الملايين من الدولارات لبناء أسطول من الناقلات الصغيرة أفاراماكسيس غير محددة الملكية، فإن روسيا لا تمتلك كثيرا من الناقلات القادرة على اختراق الثلوج، وهي من أغلى أنواع الناقلات، لذلك فإن إرسال هذه الناقلات من روسيا إلى الصين أو الهند مباشرة، يعني استنفاد كل قدرات الشحن لديها بسرعة بسبب طول زمن هذه الرحلة، في حين أن الناقلة الصغيرة لا تحتاج إلى أكثر من عشرة أيام حتى تصل إلى سبتة، مقابل 50 يوما لتصل إلى الصين.
السبب الثاني هو تقليل النفقات بشدة، حيث نقل النفط إلى آسيا باستخدام الناقلات العملاقة أقل تكلفة من نقلها باستخدام الناقلات الصغيرة. ونظرا لوجود عدد كبير من الناقلات الكبيرة في السوق، فإنها أرخص حاليا. أما السبب الثالث، فهو أن مدينة سبتة هي المكان المناسب، لوجودها داخل البحر المتوسط بعيدة عن الرياح القوية والأمواج العالية في شمال المحيط الأطلسي. كما أنها قريبة من مضيق جبل طارق حيث تستطيع الناقلات العملاقة بعد تحميلها بالنفط العودة السريعة إلى المياه المفتوحة في المحيط الأطلسي للوصول إلى آسيا.